لندن – أكد تجار عملة في طهران أن العملة الإيرانية انحدرت أمس إلى مستويات قياسية متدنية جديدة لتجتاز حاجز 100 ألف ريال للدولار الواحد وسط صعوبات اقتصادية متزايدة مع قرب فرض المرحلة الأولى من العقوبات الأميركية في 6 أغسطس المقبل.
وذكر موقع بونباست، أحد أكثر المواقع الموثوقة لرصد أسعار العملة الإيرانية أن سعر الصرف بلغ أمس في السوق السوداء التي توارت عن أنظار السلطات الإيرانية نحو 111 ألف ريال للدولار.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أحد تجار العملة، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب مطاردة السلطات للمتعاملين بالعملات الأجنبية، تأكيده إجراء صفقات بذلك السعر.
وبذلك تكون العملة الإيرانية قد فقدت أكثر من 60 بالمئة من قيمتها منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي في 8 مايو الماضي، وفرض عقوبات ستطال في المرحلة الثانية قطاع النفط حين تدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر المقبل.
وسعت الحكومة لتثبيت السعر عند 42 ألف ريال للدولار في أبريل الماضي، وأغلقت الكثير من محلات الصرافة وهددت بملاحقة تجار السوق السوداء، واعتقلت بالفعل الكثير منهم.
60 بالمئة نسبة انخفاض العملة الإيرانية مقابل الدولار منذ إعلان العقوبات الأميركية في مايو
لكن تلك التجارة تواصلت وسط قلق الإيرانيين من استمرار الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد، حيث يتسابقون لتحويل أموالهم إلى الدولار أو أي عملة أخرى حتى لو كانت الدينار العراقي للحفاظ على مدخراتهم خوفا من استمرار تراجع الريال.
وفيما ترفض المصارف عادة بيع الدولار بالسعر الرسمي المنخفض، اضطرت الحكومة لتليين موقفها في يونيو وسمحت بمرونة أكبر لبعض فئات المستوردين. وكانت طريقة التعامل مع الأزمة النقدية إحدى الأسباب التي دفعت الرئيس حسن روحاني لتعيين محافظ جديد للبنك المركزي مكان ولي الله سيف.
ورغم معارضة دول أوروبية وروسيا والصين لفرض العقوبات الأميركية، إلا أنها عبرت مرارا عن يأسها من إمكانية عرقلة العقوبات، في وقت تتسابق فيه الشركات العالمية إلى إيقاف تعاملاتها مع إيران.
وبعد وعود أوروبية أعلنت فرنسا في وقت سابق هذا الشهر، أنه من المستبعد أن تستطيع القوى الأوروبية وضع حزمة اقتصادية لإيران من أجل إنقاذ الاتفاق النووي قبل تنفيذ الجزء الأقسى من العقوبات في نوفمبر.
وتبحث طهران عن منافذ جانبية لمواجهة الاختناق الاقتصادي. وأعلن النائب في البرلمان الإيراني إلياس حضرتي، أن بلاده تعتزم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية بالليرة التركية واليوان الصيني بسبب العقوبات الأميركية.
وأوضح في تصريح لوكالة أنباء البرلمان الإيراني (إيكانا) أن إيران لا تستطيع استخدام الدولار، في استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب العقوبات المصرفية الأميركية.
وذكر أن وزارة الصحة الإيرانية ستعتمد لهذا السبب على الليرة التركية واليوان الصيني كأحد التدابير لمواصلة عمليات استيراد الدواء والمستلزمات الطبية. وأكد أن “شركات تركية تستعد لإبرام اتفاقية تتيح إمكانية التجارة بالريال الإيراني”.
ويستبعد محللون إمكانية حدوث ذلك في ظل تزايد الضغوط الأميركية على أنقرة واستبعاد أن تغامر بكين والشركات الصينية بمفاقمة المواجهات التجارية التي تخوضها مع الولايات المتحدة.
وفي إجراءات يائسة جديدة أعلنت وسائل إعلام رسمية إيرانية يوم السبت أن طهران تعتزم تقديم حوافز تتعلق بالأسعار والضرائب لمستثمري القطاع الخاص لتولي مشروعات الدولة المعطلة والمساعدة في دعم الاقتصاد لمواجهة العقوبات الأميركية وانسحاب الكثير من الشركات الأجنبية.
وتستهدف الخطة على ما يبدو إلى تقديم وعود للشارع الإيراني الغاضب بأنها قادرة على تخفيف آثار العقوبات الأميركية، لكن محليين يستبعدون أي تأثير للإجراءات الجديدة ويشيرون إلى الاحتجاجات التي عمت جميع المدن الإيرانية قبل أشهر من إعلان العقوبات الأميركية.
وقال نائب الرئيس إسحق جهانجيري في التلفزيون الرسمي إن الخطة ستقدم أسعارا مغرية وبنودا مرنة وإعفاءات ضريبية للمستثمرين الذين يوافقون على تولي إدارة نحو 76 ألف مشروع حكومي معطل أو لم يكتمل إنشاؤه.
وأضاف أن “السيولة المتاحة ذهبت على مدى الأشهر القليلة الماضية إلى الإسكان والصرف الأجنبي والمسكوكات الذهبية مما رفع الأسعار وأثار قلق الناس”.
وأكد بعد اجتماع حضره الرئيس روحاني ورئيسا البرلمان والهيئة القضائية أن “من القضايا الرئيسية التي نوقشت خلال الاجتماع مسألة إيجاد حلول لتحويل السيولة نحو التوظيف وتنشيط التصنيع”.
وكانت مظاهرات عارمة قد اندلعت في أواخر ديسمبر الماضي ثم تجددت في يناير وعمت جميع المدن الإيرانية. وتفجرت الكثير من الاحتجاجات بين يوم وآخر منذ إعلان العقوبات الأميركية.
وتركزت الاحتجاجات في البداية على ارتفاع الأسعار ومزاعم الفساد لكن الاحتجاجات اتخذت منحى سياسيا نادرا مع تزايد عدد المطالبين بتنحي الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.
ويرجح محللون أن الشارع يمكن أن ينفجر في أي لحظة مع تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي وصلت إلى قطع الكهرباء عن 60 مؤسسة رسمية بينها وزارة الاقتصاد بسبب عدم التزامها بتعليمات الحكومة بشأن تقنين الاستهلاك.
وحذرت وزارة الطاقة الإيرانية من احتمال أن تشهد البلاد اتساع حالات قطع للكهرباء، إذا ما وصلت نسبة الاستهلاك إلى أرقام قياسية.
العرب