بيروت – أثارت التغريدة التي أطلقها السياسي اللبناني فارس سعيد حول احتمال عودة الاغتيالات والتفجيرات إلى لبنان إذا لم تتشكل الحكومة، ردود فعل تعبّر عن القلق من عودة البلد إلى المرحلة التي تلت اغتيال رفيق الحريري عام 2005.
وحذر النائب السابق فارس سعيد عبر تغريدة له على تويتر من أن “عودة الاغتيالات والتفجيرات إلى لبنان غير مستبعدة، حذار”.
ورغم أن سعيد قد أكد أن تغريدته لا تستند على معلومات بل على تحليل شخصي لمآل انسداد السبل للخروج من المأزق الحكومي، إلا أن أوساطا لبنانية أبدت خشيتها من إمكان أن يشهد لبنان تطورات أمنية ترتبط في جانب منها بالشلل الداخلي لإنتاج الحكومة العتيدة، وترتبط في جانب آخر بالتطورات الميدانية والسياسية في سوريا.
ورغم أجواء التفاؤل التي أراد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إشاعتها إثر لقائه برئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، الخميس الماضي، إلا أن معلومات جديدة أفادت بأن ولادة الحكومة لن تكون قبل الخريف المقبل. فيما أكدت أوساط رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أن “لا حكومة في المدى المنظور”.
ورأى القيادي في القوات اللبنانية أنطوان زهرا أن عودة وزير الخارجية جبران باسيل من رحلته إلى واشنطن تقف وراء عودة العرقلة والقفز عن التفاهمات التي قيل إن عون والحريري قد توصلا إليها في اجتماعهما الأخير.
وأضاف أن موقف باسيل لجهة دعوته إلى تشكيل “حكومة أمر واقع أو حكومة أكثرية يبين ازدواجيته”.
وتداولت وسائل الإعلام أن الحريري تداول مع عون تشكيلتين حكوميتين. الأولى من 30 وزيرا تلبي نسبيا مطالب سمير جعجع وكليا مطالب وليد جنبلاط وتمنح عون وفريقه حصة أقل من الثلث المعطل. والثانية من 24 وزيرا تهدف إلى تقليص مطالب الكتل السياسية. وذكرت المعلومات أن عون وافق على أي صيغة تتوافق عليها النخب السياسية.
بيد أن جوّ التفاهم في بعبدا لم يكن دقيقا بالنظر إلى مروحة من المواقف والتصريحات التي صدرت عن الفريق العوني. ونقل عن رئيس الجمهورية أنه يستعجل الحريري تشكيل الحكومة وفق “معيار واحد”.
وتردد هذا التعبير على لسان النائب المقرب من عون، إلياس بوصعب، الذي قال إن على الرئيس المكلف “بذل الجهد ليكون المعيار الواضح هو أساس تشكيل الحكومة”.
وأكدت مصادر في تيار المستقبل أن عُقَد تشكيل الحكومة داخلية. غير أن بعض المراجع بدأت تميل إلى اعتبار أن أجندات خارجية قد تكون وراء تعطيل تشكيل الحكومة، خصوصا أن الأجواء الأخيرة كانت تحدثت عن إعلان الحكومة قبل عيد الجيش في الأول من أغسطس، وأن “قطبة مخفية” أعادت الأمور إلى المربع الأول.
وتقول مصادر برلمانية لبنانية إن سوريا وإيران تسعيان إلى حكومة موالية تضمن تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق وأن باسيل المتهم بعرقلة التأليف لا ينطق عن هوى بل إن حركته مغطاة بشكل تام من قبل عاصمتي “الممانعة”.
وأشارت مصادر سياسية إلى أن برقية التعزية التي بعث بها عون إلى الرئيس السوري بشار إثر مجازر السويداء، تحضّر لدعوة ستوجهها دمشق إلى الرئيس اللبناني لزيارة العاصمة السورية.
وأضافت أن الزيارة قد تأخذ طابعا كنسيا من خلال الكنيسة الأرثوذكسية في سوريا.
وتداول معلقون أنباء عن أن عون هو من سيتولى التواصل مع دمشق لحلحلة مسألة عودة النازحين وفق المبادرة الروسية مقابل استمرار الحريري في رفض أي تطبيع سياسي مع نظام دمشق.
ورأى هؤلاء أن السجال حول شكل وطبيعة العلاقة مع النظام السوري ما زال يقسم اللبنانيين ويعود إلى الواجهة ليكون عاملا إضافيا يدلي بدلو ثقيل في مسألة تشكيل الحكومة.
وعلى الرغم من المظلة الدولية التي توحي بها العواصم الكبرى لحماية لبنان من ارتدادات البركان السوري، إلا أن مراقبين يرون أن عمليات إخضاع المناطق السورية لصالح النظام والتي كان آخرها مجزرة السويداء التي اتهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دمشق بالضلوع بها، قد تتمدد بأشكال مختلفة لإخضاع الداخل اللبناني والقضاء على عوامل التمرد على مسألة الوصل السياسي بين لبنان ونظام الأسد.
العرب