بيروت – كشف البنك الدولي أمس عن تخصيص تمويلات بقيمة ملياري دولار لدعم البنية التحتية والمشاريع التنموية والإنتاجية في لبنان بهدف مساعدته على تجاوز الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيشها، وخاصة ارتفاع الدين العام إلى مستويات خطرة.
ولا يستبعد المراقبون أن تكون موافقة البنك الدولي على منح لبنان التمويل الجديد بعيدة عن خضوع بيروت لاشتراطات البنك والتي من بينها خفض عجز الميزانية العامة، لكنها تشير إلى أن البنك سيشارك في الإشـراف على تنفيذ إصلاحات إدارية عاجلة.
وأكد فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن تخصيص البنك لمحفظة بقيمة ملياري دولار يستهدف تمويل المشاريع التنموية والإنتاجية والمصروفات التي يحددها لبنان، وذلك وفق ما ذكره بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد التقى بلحاج أمس في قصر الرئاسة. وأكد بيان أن الطرفين بحثا استعداد البنك الدولي لمساعدة لبنان على إنجاز المشاريع التي تستهدف تعزيز التنمية والإنتاج من خلال توفير التمويلات الضرورية.
وشدد عون، خلال لقائه مع مسؤول البنك الدولي، على أن “الإصلاحات السياسية التي تحققت بعد الانتخابات النيابية ستواكبها إصلاحات اقتصادية تساعد على تحقيق النهوض الاقتصادي”. وبدأت الحكومة اللبنانية بتنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية في وقت كثفت فيه جهودها لمكافحة الفساد، في محاولة لاحتواء التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي وتفاقم أزمة ارتفاع الدين العام للبلاد.
وأكد عون أن من أهم أولويات لبنان في هذه المرحلة، إنجاز المشاريع التي تساعد على تفعيل النمو الاقتصادي وتحديث البنية التحتية، ومن ضمنها تحسين شبكات الطرق والكهرباء وقنوات الصرف الصحي والمياه.
وأشاد بلحاج خلال اللقاء “بالإصلاحات التي يحققها لبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، والتي من شأنها تعزيز الثقة الدولية في البلاد”.
وتشكو موازنة لبنان للعام الجاري من عجز يبلغ 7.3 تريليون ليرة وهو ما يعادل 4.8 مليار دولار، في وقت تتفاقم فيه المشكلات المالية في ظل النمو الاقتصادي الضعيف.
وكان رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي قد توقع في 12 يوليو الجاري، أن تصل نسبة نمو الاقتصاد إلى 2 بالمئة في مجمل العام الحالي.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو اقتصاد لبنان ستتراوح بين 1 و1.5 بالمئة في العام الحالي في ظل ركود قطاعات التشييد والعقارات التي تعتبر المحركات التقليدية لاقتصاد البلاد.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في وقت سابق من الشهر الجاري، إن الصندوق يرى أن “الثقة والاستقرار سيتحققان عبر تسريع الإصلاحات، والسعي لضبط التوازنات المالية وإصلاح الهياكل البنيوية التي تعوق الاقتصاد اللبناني عن النمو وتزيد العبء على المالية العامة”.
ويؤكد صندوق النقد على ضرورة الوصول إلى ضبط “فوري وكبير” للمؤشرات المالية الرئيسية من أجل تحسين القدرة على خدمة الدين العام، الذي تجاوز 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2017 وهي من أعلى مستويات الدين في العالم.
ويقول مراقبون إن تعهدات المانحين الدوليين التي تم الإعلان عنها خلال مؤتمر “سيدر” في العاصمة باريس لدعم لبنان في أبريل الماضي، والتي بلغت أكثر من 11 مليار دولار، سوف تبقى رهن الشروع في تنفيذ الإصلاحات الإدارية التي تعطلها الانقسامات السياسية.
وفي يونيو الماضي، قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن الوضع الائتماني للبنان يعكس عبء الدين العام الكبير جدا الذي يتحمله.
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان، الذي يعد ثالث أكبر بلد مدين في العالم بعد اليابان واليونان بسبب تداعيات الحروب في المنطقة وخاصة في سوريا وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى البلاد، إضافة إلى إغلاق منافذ التصدير الحدودية.
وباع مصرف لبنان المركزي، في شهر مايو الماضي، سندات دولية تبلغ قيمتها 3.022 مليار دولار بما يزيد عن ثلاثة أمثال ما كان يعتزم جمعه أصلا وهو مليار دولار. وباع البنك تلك السندات التي تستحق بين عامي 2028 و2034 بعائد يتراوح بين 7 و8.25 بالمئة.
واستحوذ المصرف المركزي على السندات الدولية من خلال صفقتين لتبادل الدين مع وزارة المالية، التي أكدت أن المبادلة أمنت احتياجاتها التمويلية من العملة الأجنبية حتى نهاية العام الحالي، كما عززت الاحتياطيات الدولارية للبنك المركزي. وجرت مبادلة مماثلة للدين في نوفمبر 2017.
ورغم محافظة النظام المالي في لبنان على نسب النمو وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية، إلا أنه يواجه مخاطر كبيرة تزيد الحاجة إلى تنفيذ الحكومة لإصلاحات إدارية تتمحور أساسا حول خفض عجز الميزانية لوقف ارتفاع الدين العام.
العرب