إيران منقسمة أمام خيار التصعيد أو التنازل لمواجهة أزماتها

إيران منقسمة أمام خيار التصعيد أو التنازل لمواجهة أزماتها

 

 

طهران – تخفي الشروط التي رفعها الإيرانيون بشأن الحوار مع واشنطن، بعد حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استعداده للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، أزمة خانقة تعيشها إيران في ضوء تهاوي الريال بشكل غير مسبوق وغياب الحلول للأزمة الاقتصادية التي يتوقع أن تتعمق أكثر مع سريان العقوبات الأميركية المشددة في الرابع من نوفمبر القادم.
وتأتي هذه الأزمة لتزيد من الضغوط على إيران في ضوء تصعيد إقليمي ودولي ضد تهديداتها باستهداف مسارات شحنات النفط في البحر الأحمر أو في مضيق هرمز، فضلا عن السعي لإجبارها على التوقف عن التدخل المباشر أو عبر وكلائها المحليين لإرباك الاستقرار الإقليمي.
وهبطت العملة الإيرانية (الريال)، الاثنين، إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، إلى حدود 112 ألف ريال مقابل دولار واحد، في السوق الموازية.
ويقول خبراء ومحللون سياسيون إن أزمة الريال لا يتم تطويقها إلا بإجراءات تعيد الثقة إلى السوق الإيرانية، لافتين إلى أن السلطات بدل أن تقدم على خطوات عملية لتطويق الانحدار السريع لعملتها لا تزال تتكئ على نظرية المؤامرة وفق ما جاء في البيان الأخير للبنك المركزي الإيراني.
ويشير هؤلاء إلى أنه على إيران أن تقدم على إجراءات سريعة قبل أن تبدأ الدفعة الأولى من العقوبات الأميركية في وقت لاحق من أغسطس الجاري، وخاصة مع موعد الرابع من نوفمبر، حيث سيصبح من الصعب على أي شركة دولية أن تغامر لشراء النفط الإيراني في ضوء التحذيرات الأميركية المشددة.
ورغم مكابرة المسؤولين، فإن الاقتصاد الإيراني يعيش وضعا صعبا وأن بقاء الأزمة في مستواها الحالي سيدفع إلى المزيد من الاحتجاجات الشعبية في تحدّ واضح للقبضة الأمنية ولسلطة المرشد الأعلى علي خامنئي.
وحذر عضو لجنة الموازنة في البرلمان الإيراني، جهان بخش محبي ‌نيا، في كلمة له أمام البرلمان، الثلاثاء، من أن اقتصاد البلاد “على وشك الانهيار”.

وأضاف محبي ‌نيا أن “الاقتصاد الإيراني ينهار، من فضلكم كونوا على حذر.. نحن نشكو من حكومة الرئيس حسن روحاني لعدم طرحها القضايا ذات الأولوية على جدول أعمال البرلمان”.
ويتساءل مراقبون عن خيارات إيران لتطويق الأزمة: هل ستلجأ للهروب إلى الأمام وتصعّد سياسيا في المنطقة أم ستحاول الخروج من أزمتها باستخدام سيناريو الوسطاء خصوصا مع أن دعوة ترامب إلى الحوار المباشر لم تلق تجاوبا في داخل إدارته كما في إيران.
ومن الواضح أن الإيرانيين سعوا لاستثمار تصريحات ترامب لتحسين صورتهم في الداخل قبل الخارج بإظهار الأميركيين في صورة من يبحث عن التهدئة، فضلا عن اتهام الرئيس الأميركي بأنه ليس أهلا للثقة لتؤخذ تصريحاته عن الحوار على محمل الجد، أي أن طهران لا تعارض الحوار في ذاته، ولكنها تعارض حوارا تحت الضغط والتهديد مثلما يجري حاليا.
ويشير المراقبون إلى أن طهران لم تعد قادرة على الهروب إلى الأمام والتلويح بالمواجهة، ذلك أن أي خطوة تصعيدية ستزيد من تمسك ترامب والبيت الأبيض بتشديد العقوبات ما يمنع المحافظين المسيطرين على السلطة من أي فرصة لدعم أذرع إيران في لبنان واليمن والاستمرار بالتأثير في الملفين السوري والعراقي.
ويعتقدون أن إيران ستكون مجبرة على اللجوء إلى الوساطات للتهدئة مع واشنطن، وحتى وإن حافظت على سقف من الخطاب المتوتر والتصعيدي، لكن قبول واشنطن بفتح باب الوساطة سيجعل إيران أمام خيار تقديم تنازلات جدية لا ترضي الأميركيين فقط بل حلفاءهم في المنطقة وخاصة دول الخليج التي تتحرك لتحجيم النفوذ الإقليمي لإيران دفاعا عن أمنها القومي.
وخلال مؤتمر صحافي، الاثنين، مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبه كونتي في البيت الأبيض، أبدى ترامب استعداده للاجتماع مع المسؤولين الإيرانيين “في أي وقت أرادوا من دون شروط”.
وقال ترامب ردا على سؤال عن مدى استعداده للقاء الرئيس الإيراني “أنا أؤمن باللقاءات، خصوصا في ما يتعلق بالحروب”، مضيفا “لا شيء خاطئ في أن نجتمع″.

العرب