حزب الله يعمد في كل أزمة لبنانية إلى استحضار التدخل السعودي، وآخرها في أزمة تشكيل الحكومة، التي فشلت جهود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في حلحلتها نتيجة إصرار الحزب وحلفائه على حكومة يحظون فيها بالأغلبية.
بيروت- رد رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري على الحملة الممنهجة التي تقودها جهات سياسية وإعلامية معلومة تروج لوقوف المملكة العربية السعودية خلف تعثر مسار تشكيل الحكومة.
وقال سعد الحريري، الثلاثاء، إن السعودية لا تتدخل ولم تتدخل في تشكيل الحكومة لأنه شأن لبناني داخلي محض. ورأى، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أن “أقصى ما تعبر عنه وتتمناه السعودية هو أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن للمساهمة في دعم لبنان ودولته واقتصاده، كما بدا ذلك جليا من موقفها خلال مؤتمر سيدر” الذي انعقد في أبريل الماضي.
وأوضح البيان أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المكلف مؤخرا إلى الخارج (فرنسا)، عائلية محضة، ولم تتخللها أي اتصالات أو لقاءات مع أي مسؤولين في الخارج.
وأضاف “في جميع الأحوال فإن علاقته (الحريري) مع القيادة السعودية عموما، وسمو ولي العهد (محمد بن سلمان) خصوصا، علاقة أخوية ممتازة ومباشرة لا تحتاج إلى وساطة من أحد”.
ونشرت بعض الصحف الصادرة الثلاثاء وبينها “الأخبار” المقربة من حزب الله أن زيارة الحريري للعاصمة الفرنسية باريس مؤخرا، جاءت بهدف الطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون التدخل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان.
وتحدثت هذه الصحف عن نصائح فرنسية تلقاها الحريري، بأن عليه ألا ينتظر الضوء الأخضر الأميركي، والمبادرة سريعا والاتصال مع الجانب الروسي المؤثر في المعادلة الإقليمية، لتسريع تأليف الحكومة الجديدة.
حزب الله وأذرعه الإعلامية يتناسون أن من حق حزب القوات أن يكون له حضور فاعل في الحكومة المقبلة بالنظر إلى النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية الماضية
ويرى مراقبون أن ما تصدح به هذه الصحف هو ترجمة فعلية لحملة ممنهجة بدأها حزب الله منذ فترة وتروج إلى أن المملكة العربية السعودية تقف خلف عدم تشكيل الحكومة بداعي إصرارها على تمكين حليفيها حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي من حصة وازنة داخل الحكومة المقبلة.
وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش الاثنين إنّ “من يعرقل تشكيل الحكومة اليوم، هو وقوف السعودية وراء تمسك بعض الجهات السياسية المعروفة بالمطالب والحصص غير الواقعية، التي لا تنسجم مع حجم كتلها النيابية”، محملا “هذه الجهات السياسية ومن يقف وراءها من سفارات ودول إقليمية لا تريد الخير للبنان ولا مصلحة اللبنانيين، مسؤولية تأخير تأليف الحكومة”.
ويقول المراقبون إن حزب الله وأذرعه الإعلامية يتناسون أن من حق حزب القوات أن يكون له حضور فاعل في الحكومة المقبلة بالنظر إلى النتائج التي حققها في الانتخابات النيابية الماضية والتي نجح خلالها في مضاعفة عدد نوابه، كذلك بالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي الذي حصد تقريبا جميع المقاعد في المناطق ذات الغالبية الدرزية.
ويلفت المراقبون إلى أن حزب الله وحلفاءه يريدون التملص من المسؤولية عن عرقلة الحكومة، عبر إلقائها نحو الطرف المقابل، مشيرين إلى أنه لا يمكن إغفال العامل الإقليمي حيث أن هذه الاتهامات تأتي في سياق تنامي الصراع الإيراني السعودي، وتشديد الضغوط الأميركية على طهران.
وتحذر دوائر سياسية من هذا الأسلوب الذي ما فتئ يعمد إليه حزب الله في كل أزمة لبنانية عبر استحضار التدخل السعودي، وترى هذه الدوائر أنه من الأجدى التركيز حاليا على إيجاد تسوية حكومية لا تقصي أي طرف خاصة في ظل وضع إقليمي مأزوم واستحقاقات اقتصادية لا تقبل التأجيل.
وذكر البيان الصادر عن مكتب الحريري أن “الجهود المستمرة التي يقوم بها رئيس الوزراء لتقريب وجهات النظر، وتضييق شقة الخلافات بين مختلف الأطراف بتأن وروية، تهدف في النهاية إلى تشكيل حكومة وفاق وطني، متوازنة سياسيا، تشارك فيها جميع القوى، بمعزل عن أي تدخلات خارجية، لتتمكن من القيام بالمهمات والمسؤوليات التي ينتظرها منها اللبنانيون كافة”. وكلف الرئيس اللبناني ميشال عون في مايو الماضي، الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات النيابية.
العرب