لندن – نبّه خبراء وباحثون عراقيون متخصصون في شؤون الطاقة وقضايا البيئة، إلى ضرورة الموازنة بين حاجة العراق المتزايدة لاستغلال موارده النفطية الضخمة في تلبية متطلبات مواطنيه وإعادة إطلاق عجلة التنمية في مناطقه وإعمار ما دُمّر منها خلال الحرب على تنظيم داعش، وبين مراعاة حماية البيئة والحفاظ على الصحّة العامّة من الأضرار الجانبية للصناعة النفطية بمختلف مراحلها.
وذكّر المشاركون في مؤتمر علمي نظمته “جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة” بمشاركة سفارة العراق في لندن، تحت عنوان “صناعة النفط والغاز في العراق.. التحديات والفرص”، بمحورية دور قطاع النفط والغاز في الاقتصاد العراقي، وضرورة ترشيد الاستفادة منه إلى أقصى حدّ بحسن تدبير ما يتأتى من عوائده وتجيير قسم من تلك العوائد لتنفيذ سياسة بيئية واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف، بحيث تتحوّل الصناعة النفطية من تهديد للبيئة إلى عامل في خدمتها.
وأبرزت جيهان بابان رئيسة “جمعية البيئة والصحة العراقية في المملكة المتحدة” لدى افتتاحها المؤتمر الأهمية الاستراتيجية لقطاع النفط والغاز في الاقتصاد العراقي الريعي وضرورة الاستفادة من العوائد النفطية لإعادة إعمار وبناء البلد وتقديم الخدمات وتسديد القروض المحلية والدولية واتباع سياسة استثمارية حكيمة تقلص من البطالة وتطور الصناعات الوطنية والقطاع الزراعي والغذائي”.
واستدركت الباحثة العراقية بالإشارة إلى ضرورة أن ترافق زيادة معدلات إنتاج النفط سياسات بيئية في كافة مراحل الاستكشاف والحفر والاستخراج والنقل والخزن والتصدير، وتنفيذ سياقات تقييم المخاطر البيئية المتفق عليها واحترام القوانين والتشريعات العراقية والالتزام بها والتمسك بسياسة نفطية صديقة للبيئة.
وتطرّقت كلمة بابان أيضا إلى أهمية التنسيق بين الوزارات العراقية ذات العلاقة، والاستفادة من طاقات معاهد الدراسات والأبحاث في الجامعات العراقية كشريك مهم.
وأشار ناهي يوسف ياسين الركابي المستشار الثقافي العراقي بلندن في كلمته إلى الأهمية الاقتصادية للنفط والغاز والرؤية الاستراتيجية والعلمية لهذه الثروات للاستفادة منها في الإعمار والتنمية وضمان بيئة نظيفة.
وألقى فاضل الجلبي الخبير النفطي العراقي محاضرة بعنوان “تاريخ النفط والغاز في العراق” قدم فيها لمحة تاريخية عن هذه الثروة معتبرا أن أحد أسباب الخلل في استغلالها هو إخضاع القرار الاقتصادي النفطي لإرادات وغايات سياسية بحتة.
وحملت محاضرة لؤي الخطيب المدير المؤسس لمعهد الطاقة في العراق عنوان “تحسين بناء قدرات الطاقة العراقية في عالم متنافس” وقدم فيها نظرة علمية مدعومة بالإحصاءات وأتبعها برؤيته عن مستقبل الطاقة، معتبرا أن العالم قد تغير منذ 2012 نتيجة متغيرات في سوق الطاقة العالمي الذي بدأ يضم النفط والغاز والطاقة البديلة، والواقع أن بلدانا عديدة تنحو باتجاه بيئة نظيفة مثل استخدام السيارات الكهربائية التي سيزداد عددها مقابل تقليل استخدام النفط والذي يعني أن أمام العراق فرصة ذهبية الآن لتنويع مصادر الطاقة.
كذلك شهد المؤتمر طرحا معمّقا لموضوع النفط في علاقته بالبيئة والتنمية المستدامة من مختلف جوانبها، وذلك من خلال العديد من المحاضرات ذات الطابع العلمي المتخصّص من قبل باحثين كبار من بينهم صالح مشتت أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة وولفرهامبتون بإنكلترا، وفالح العامري الخبير النفطي والمدير العام الأسبق لشركة سومو في العراق.
وصدرت عن المؤتمر جملة من القرارات والتوصيات من ضمنها مواصلة الاهتمام بأزمة شحّة الموارد المائية التي تواجه العراق، والاستمرار في دراسة متابعة تأثير النزاعات الداخلية على البيئة والصحة، والاهتمام بعلوم الطاقة البديلة المستدامة.
العرب