د.سليم محمد الزعنون*
تفكير الإدارة الأمريكية في موضوع التفكيك السياسي والاقتصادي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين “الإنروا”، بدأ مع إدارة “أوباما” ولم يكن وليد إدارة “ترامب”، فبينما عملت الأولى بشكل تدريجي وبطيء، تعمل الثانية بخطى متسارعة، وتؤشر إجراءات الإدارتين إلى السيناريو المحتمل لالغاء حق العودة للفلسطينين، والقائم على 3 خطوات: اعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، تحديد العدد الفعلي للاجئين الفلسطينين وفقاً للتعريف، اعادة توجيه المساعدات للإنروا، بهدف تفكيك موضوع اللاجئين وإنهاء حق العودة في أي مفاوضات محتملة مع الفلسطينيين، وأيضاً تحويل القضية الفلسطينية من سياسية إلى إنسانية، إذا ما تم تطبيق هذا السيناريو فلن يكون له تأثير فعلي على تعريف اللاجئين الفلسطينيين في الأمم المتحدة، إلا أن إعادة توجيه المساعدات للإنروا يضع الفلسطينين تحت الضعط الشديد، مع إمكانية خلق أزمة إنسانية تؤدي إلى زعزعت استقرار الدول التي يعيش فيها لاجئون يعتمدون على مساعدات الإنروا.
أولاً: إدارة “أوباما”.
تعود جهود تحديد عدد اللاجئين الفلسطينين للعام 2012، عندما قدم السيناتور “مارك كيرك” تعديلاً على مشروع قانون المخصصات المالية لعام 2013، يطالب وزارة الخارجية بإعداد تقرير يحدد عدد اللاجئين الفلسطينين، وفقاً لمعيار من كانوا يقيمون في فلسطين في الفترة 1946-1948، والذين نزحوا نتيجة حرب 1948)[i](، أنجزت وزارة الخارجية التقرير في عام 2015 ورفعت عن جزء منه السرية في يناير عام 2018، يصنف التقرير ويحدد العدد الفعلي للاجئين الفلسطينين حوالي 20 ألف وليس كما تدعي الأمم المتحدة 5 مليون لاجئ .
صادق الكونغرس بتاريخ 26 اكتوبر 2015 على مشروع قانون “مكافحة التحريض والإرهاب في الإنروا” المقدم من النائبة “إيلينا ليهتينين” بحيث يشترط تقديم المساعدات للإنروا بعدم وجود موظفين فيها مرتبطين بمنظمات إرهابية أو قاموا بنشر خطاب معادي أو استخدام مدارسها خطابات معادية لإسرائيل وأمريكا، وعلى الإدارة الأمريكية بذل جهود دبلوماسية لتشجيع الدول على الإمتناع عن التمويل إذا لم تتحق هذه الشروط، وطالب بتغيير تعريف اللاجئ الفلسطيني، ونقل المسئولية عن اللاجئين الفلسطينين من “الإنروا” إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
ثانياً: إدارة “ترامب”.
تعمل إدارة “ترامب” حالياً على استكمال خطوات إدارة “أوباما”، في هذا السياق بدأت الإدارة والكونغرس اتخاذ سلسلة من الخطوات أهمها:
كشفت مجلة فورين بوليسى عن مراسلات بين كبار الإدارة الأمريكية في يناير 2018 لإنهاء وضعية اللجوء للفلسطينين، من خلال تفكيك الإنروا، بهدف انهاء حق العودة، وإخراج قضية اللاجئين من أي مفاوضات محتملة مع الفلسطينين.
قدم النائب “ديفيد سيسيلين” إلى الكونجرس بتاريخ 21 مايو 2018 مشروع قانون “المسألة في الإنروا”، مشيراً إلى انحيازها ضد إسرائيل، ويطالب وزارة الخارجية بوضع استراتيجية مفصلة فيما يتعلق بمساهمات الولايات المتحدة للإنروا خلال الـ 5 سنوات القادمة.
قدم النائب “دوج لامبورن” بتاريخ 19 يوليو 2018 مشروع قانون “إصلاح الإنروا ودعم اللاجئين”، يُعرف اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي أقام في الفترة بين يونيو 1946 ومايو 1948 في المنطقة التي كانت تحت سيطرة بريطانيا، والشخص النازح نتيجة النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948، والشخص الذي لم يقبل عرض إقامة قانونية أو جنسية في دولة أخر، وعلى الإنروا تقديم المساعدة لمن ينطبق عليهم التعريف وتعدادهم حوالي 600 ألف لاجئ.
عمل السيناتور “جيمس لانكفورد” على صياغة تشريع يعيد توجيه التمويل الأميركي بعيداً عن الأونروا والوكالات المحلية والدولية الأخرى، ينص المشروع على أن تصادق وزارة الخارجية الأمريكية بحلول عام 2020 على أن الأمم المتحدة قد أنهت اعترافها باللاجئين الفلسطينين.
ثالثاً: السيناريو المحتمل.
في ضوء هذه المعطيات وقراءة مشروعات القوانين المقدمة للكونجرس، ستعمل الولايات المتحدة على اعلان سياستها تجاه قضية اللاجئين الفلسطينين، في محاولة لفرضها على المجتمع الدولي على غرار قضية القدس، وتتضمن هذه السياسة ثلاث خطوات:
تغيير تعريف مفهوم اللاجىء الفلسطيني، بحيث يقتصر على النازحين بعد حرب 48 دون أبنائهم و أحفادهم.
نشر تقرير حول عدد اللاجئين الفلسطينين، الباغ عددهم وفقاً لواشنطن 600 الف بعد حرب 48 ولم يتبقى منهم سوى عشرات الآلاف.
إعادة توجيه المساعدات للإنروا بحيث يقتصر على العدد المحدد، مع مساعدة الإبناء والأحفاد من خلال المؤسسات الإنسانية الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID.
رابعاً: الأهداف السياسية للولايات المتحدة.
تهدف سياسة الولايات المتحدة لتحقيق ثلاثة أهداف:
تفكيك قضية اللاجئين الفلسطينيين، وانهاء “حق العودة” باعتباره واحداً من القضايا الشائكة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بطريقة تسمح لإسرائيل بالتنصل من أي مسؤولية لمعالجة وضعية اللاجئين.
تسمح للإدارة الأميركية بإزالة حق العودة عن طاولة المفاوضات في حال استئنافها.
تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية وإنسانية إلى إنسانية فقط، ودفع الدول الأخرى على زيادة تمويلها الإنساني للفلسطينيين.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية