كيري يتحرك من وراء ترامب لتخفيف الضغوط على إيران

كيري يتحرك من وراء ترامب لتخفيف الضغوط على إيران

واشنطن – أثار وزير الخارجيّة الأميركي الأسبق جون كيري غضب الرئيس دونالد ترامب والمعسكر المحافظ حين أقرّ هذا الأسبوع بأنه استمرّ في لقاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في خطوة يتم التعامل معها في واشنطن على أنها تعطيل لاستراتيجية البيت الأبيض المتشددة مع إيران.

وكتب ترامب على تويتر، ليل الخميس الجمعة، “كيري أجرى لقاءات غير قانونية مع النظام الإيراني المعادي، هذا لن يؤدّي سوى إلى تقويض عملنا الجيّد على حساب الشعب الأميركي”، مضيفا “لقد طلب منهم (كيري) الانتظار حتى نهاية إدارة ترامب، هذا سيّء”، ملمحا إلى أنّ هذه الاجتماعات عقدت من دون معرفة الدبلوماسية الأميركية.

ويقول محللون إن تحرك كيري لا يمكن عزله عن تحرك مواز يقوده مسؤولون سابقون في إدارة باراك أوباما لإرباك استراتيجية ترامب تجاه إيران، وهي استراتيجية مناقضة بشكل كامل لما اعتمده أوباما من تساهل تجاه طهران بما ساعدها على تقوية دورها الإقليمي ووضع يدها على العراق وسوريا والتدخل بشكل سافر في اليمن.

ويرى المحللون أن التحرك السري لكيري سابقة خطيرة في الولايات المتحدة، خاصة حين يكون من خلف ظهر المؤسسة الرسمية، ويهدف إلى إفشال خطتها في إجبار إيران على مراعاة مصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط.

وتمثل دعوة كيري إيران إلى الانتظار إلى حين تغيير الإدارة الجمهورية الحالية بمثابة تحريض على الاستمرار في التحدي، وهو ما قد يكون قد شجع المسؤولين الإيرانيين على إطلاق تصريحات مستفزة في الفترة الأخيرة، وغير عابئة بتهديدات إدارة ترامب التي صارت في مواجهة مزدوجة مع ما تبقى من نفوذ للدولة السابقة التي هيمنت بصفة خاصة على وزارة الخارجية قبل إضعاف اللوبي التابع لها بإقالة ريكس تيلرسن من على رأس الوزارة.

ويبدو أن كيري قد استساغ العمل في الخفاء، ولكن هذه المرة ليس بهدف خدمة استراتيجية الولايات المتحدة وإنما لإضعافها وتحفيز خصوم واشنطن على تحدي أدوات الضغط الأميركية.

وكان كيري أول المشاركين في وضع أسس “القناة الخلفية” التي أنشأتها سلطنة عمان بين الولايات المتحدة وإيران، والتي أطلقتها في شهر مايو 2011، بحسب ما جاء في مذكرات كيري، التي صدرت بعنوان “كل يوم جديد إضافة”.

وقتها كان كيري ما زال يشغل موقع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، عندما تعرف على سالم الإسماعيلي، المبعوث الخاص للسلطان قابوس بن سعيد، والذي سيتحول لاحقا إلى حجر الزاوية في عملية اتصالات مكثفة بين طهران ومسقط وواشنطن.

وأقرّ كيري بأنه التقى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف “ثلاث أو أربع مرات” منذ مغادرته الوزارة وتولّي ترامب الرئاسة.

وسئل كيري، الأربعاء، من المقدّم الإذاعي المحافظ هيو هيويت عن نصيحة يُمكن أن يقدّمها إلى جواد ظريف لمواجهة قرار إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، فأجاب “كلا، هذا ليس شأني”.

وقال “حاولتُ فقط أن أفهم ما يمكن أن تكون إيران مستعدّة للقيام به لتحسين الوضع في الشرق الأوسط”.

وسرعان ما اعتبر المعلّقون المحافظون أنّ ما قام به كيري هو بمثابة “خيانة”، حتّى أنّ بعضهم رأى أنه يستحق “السجن”.

ومن دون أن يُعلّق على شرعيّة تلك اللقاءات، اتّهم وزير الخارجية الأميركي الحالي مايك بومبيو، الجمعة، سلفه الديمقراطي بـ”تقويض سياسة الولايات المتحدة بشكل نشط”. وقال إنّ “ما فعله الوزير كيري غير مناسب. هذا حرفيا (أمر) غير مسبوق”.

وأضاف بومبيو خلال مؤتمر صحافي “نتحدّث عن وزير خارجيّة أسبق يُجري محادثات مع الدولة الرئيسيّة الداعمة للإرهاب في العالم، ووفقا له… كان يقول لهم أن ينتظروا حتى نهاية هذه الإدارة”.

وخلال جلسة استماع برلمانيّة، الخميس، سئلت مساعدة وزير الخارجية مانيشا سينغ عن هذا الأمر فاعتبرت أنه “من المحزن أن يُحاول أشخاص من الإدارة السابقة تقويض التقدّم الذي نحاول إحرازه”. وأضافت “إذا تأكّد حصول هذه اللقاءات، فإنها غير ملائمة”.

من جهتها، سخرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت من كيري الذي يجول على وسائل الإعلام “للتباهي بأنه عقد اجتماعات مع الحكومة الإيرانية”.

وأضافت أمام صحافيين “اطّلعت أيضا على معلومات مفادها أنه يقدّم نصائح للحكومة الإيرانية. إنّ أفضل نصيحة يمكن أن يُسديها لها هي وقف دعم المجموعات الإرهابية في أنحاء العالم”.

العرب