انتهت قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في منتجع سوتشي الروسي أمس، إلى الاتفاق على «خريطة طريق» تبدد «كابوس» الهجوم على إدلب في الشمال السوري، وتضمن إقامة منطقة منزوعة السلاح بموافقة دمشق، على طول خط التماس بين مناطق سيطرة النظام السوري والمعارضة التي ألزمتها الخريطة تسليم سلاحها الثقيل. وسارعت المعارضة إلى الترحيب بنتائج القمة التي جنّبت إدلب «حمامات دم». وكانت طهران، الضلع الثالث في مثلث ضامني «آستانة»، استبقت القمة بتأكيد السعي إلى «حل يضمن عدم وقوع ضحايا»، في إشارة إلى قبولها بمخرجات القمة.
وبعد قمة هي الرابعة، ومحادثات صعبة، وقّع وزيرا الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار، اتفاقاً لتسوية الأوضاع في إدلب ومحيطها. وقال شويغو إن الاتفاق «منع كارثة»، مضيفاً: «لن تكون هناك عملية عسكرية في إدلب السورية»، و «ستتم موافقة من الجانب السوري على مذكرة التفاهم في شأن منطقة خفض التصعيد في إدلب خلال الساعات المقبلة بعد تنسيق المواقف».
وفي مؤتمر صحافي مشترك، قال بوتين: «تمكنّا من التوصل إلى قرار جاد، والتقدم في حل مشكلة حادة، والتوصل إلى قرار متفق عليه»، موضحاً أن الطرفين اتفقا على «تشكيل منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً على خط التماس بين مناطق النظام والمعارضة المسلحة حتى 15 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل»، إضافة إلى تسيير دوريات للقوات التركية والشرطة العسكرية الروسية في هذه المنطقة. وكشف أن الاتفاق ينص أيضاً على سحب مقاتلي المعارضة ذوي التوجهات المتشددة، بما فيها جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) والأسلحة الثقيلة ومدافع الهاون حتى 9 كانون الأول (ديسمبر)، وفتح طريق «حلب – اللاذقية» و «حلب – حماة». وقال: «عموماً، هذا النهج تدعمه القيادة السورية، وفي المستقبل القريب سنُجري مشاورات إضافية».
أما أردوغان، فأكد أن البلدين سينفذان دوريات عسكرية منسقة على حدود المنطقة منزوعة السلاح، وأن أنقرة «ستعزز نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد»، مشيراً إلى أن «روسيا ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حصول أي هجوم على منطقة خفض التصعيد في إدلب». وأضاف: «إنني على اقتناع بأننا بهذا الاتفاق تجنبنا حصول أزمة إنسانية كبيرة في إدلب». ولم ينس الحديث عن «وحدات حماية الشعب التركية» التي ربطها بـ «مكافحة الإرهاب في الشمال السوري».
وتأتي قمة سوتشي بعد عشرة أيام من قمة طهران لضامني آستانة، والتي شهدت سجالاً نادراً بين أردوغان الذي أصر على تضمين البيان الختامي فقرة حول وقف النار، وإصرار بوتين على أن الحل يجب أن يتم وفق روح آستانة بين الأطراف الثلاثة، وإشارته إلى عدم وجود ممثلين عن الإرهابيين حتى يتم التوافق معهم.
وفي بداية اللقاء مع بوتين، أعرب أردوغان عن ثقته في أن القرارات التي ستتخذها قمة «سوتشي» ستعطي المنطقة أملاً جديداً، وقال: «تعاوننا مع روسيا على الصعيد الإقليمي من شأنه أن يبعث الأمل في المنطقة، وأنا واثق بأن عيون العالم ومنطقتنا تتطلع إلى قمة سوتشي»، مشدداً على أن «تبادل الأفكار مع روسيا حول العديد من القضايا على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، سيساهم في تعزيز قوة البلدين».
ورحب الناطق باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي بنتائج قمة سوتشي، وقال لـ «الحياة»: «إرادة الحياة انتصرت، وتشكيل منطقة عازلة منزوعة السلاح يُبعد الكارثة عن ثلاثة ملايين سوري في إدلب». وأشار إلى أن «وقف الحرب يصب في مصلحة تركيا وروسيا، وعلى العكس، فإن الحل السلمي لا يصب في مصلحة النظام وإيران اللذين يعيشان على التوتر والدم». واعتبر أن «قمة ناجحة ونتائجها تعطيان فرصة للتسوية السلمية».
وكان الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي استبق القمة بتأكيد أن إيران «تسعى إلى حل يضمن عدم وقوع ضحايا». وقال: «مصممون تماماً على حلّ مسألة إدلب بحيث لا يعاني السكان ولا تسقط ضحايا»، مشدداً على «أنها نقطة أساسية ونناقشها في شكل دائم مع روسيا وتركيا والحكومة السورية». وقال: «نأمل في أن تكون المفاوضات مثمرة، وأن نتمكن من تحقيق أهدافنا».
سامر الياس
الحياة