في معاهدة كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر قبل أربعين عاما، والتي تشكل أول اتفاق بين إسرائيل ودولة عربية؛ استطاعت إسرائيل أن تضعف موقف واشنطن، وتقضي على حلم الفلسطينيين بدولة.
وقال المؤرخ الإسرائيلي سيث أنزيسكا المحاضر في العلاقات بين اليهود والمسلمين بكلية لندن الجامعية؛ إن كامب ديفيد أعادت شبه جزيرة سيناء لمصر التي فقدتها في حرب يونيو/حزيران 1967، وحيّدت التهديد الموجه ضد إسرائيل من الجهة الجنوبية الغربية، وأعطتها اعترافا كبيرا في الشرق الأوسط، أما الولايات المتحدة فهي التي يعود لها الفضل في التوسط للتوصل لهذه المعاهدة التي لا يزال الأميركيون يعتبرونها أكبر إنجاز دبلوماسي لرئاسة الرئيس الأسبق جيمي كارتر.
ذكرى مؤلمة للفلسطينيين
لكن الذكرى الأربعين للمعاهدة -وفقا لانزيسكا- تمثل للفلسطينيين ذكرى مؤلمة لحرمانهم السياسي؛ فرغم أن هذه المعاهدة قد وُلدت بجهد صادق من إدارة كارتر بهدف مخاطبة مصير الفلسطينيين، فقد انتهت إلى إعاقة تطلعات الفلسطينيين في الحصول على دولة وتركتهم تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، ومحرومين من الحقوق الأساسية مثل حرية التنقل.
وقال الكاتب -في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز- إن بحثه في أرشيف الحكومة الإسرائيلية الذي رُفعت السرية عنه حاليا، وفي لندن، وفي الولايات المتحدة؛ أظهرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن كان هو الطرف الأهم في أن تتمخض كامب ديفيد عن تجريد الفلسطينيين من الحق في تقرير المصير.
وعلق أنزيسكا بأن كامب ديفيد كانت فرصة ضائعة فتحت الطريق للمأزق الذي يخيم على الشرق الأوسط حاليا.
هدف كارتر
وأوضح أن هدف كارتر لم يكن أبدا التوصل لمعاهدة سلام منفصلة بين مصر وإسرائيل. وكان كارتر هو أول رئيس أميركي يدعو علنا لدولة للفلسطينيين، وشرع منذ وقت مبكر في رئاسته لوضع خطط للتوصل لحل شامل بين إسرائيل وجيرانها العرب.
وكانت خطط كارتر تركز على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في 1967 والتفاوض حول وضع القدس ومخاطبة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
وكانت تلك الأفكار بدايات لما أصبح يُسمى “حل الدولتين”. كما كان كارتر يعارض بشدة توسع إسرائيل في الأراضي التي يُحتمل أن تُقام عليها الدولة الفلسطينية، وأثار موقفه هذا إسرائيل ومؤيديها في الولايات المتحدة.
كذلك قال أنزيسكا إن الرئيس المصري الأسبق أنور السادات كان مدافعا عن حقوق الفلسطينيين، وحريصا على إعادة الأراضي المصرية، حتى ينقل تحالف بلاده من الاتحاد السوفياتي السابق إلى الولايات المتحدة، لكن الانقسامات العربية آنذاك والتكتيكات الإسرائيلية دفعته إلى قراره الفردي بزيارة القدس في 1977 لإنعاش المفاوضات؛ وبعمله هذا ابتعد السادات عن العالم العربي العريض وبدأ -دون تخطيط- مسيرة الحل الثنائي للسلام بين إسرائيل ومصر.
لا اختراق
وأسهم بيغن مع السادات، كل بطريقته، في منع حدوث اختراق كبير على أساس أفكار كارتر.
وكان بيغن أبلغ الإدارة الأميركية بموقفه المتمسك بعدم قيام دولة للفلسطينيين وبالأهمية المركزية “ليهودا والسامرة” أي الضفة الغربية، وبعدم تسليم قطاع غزة للفلسطينيين، وهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يشجع رسميا الاستيطان بالأراضي الفلسطينية.
ورغم أن المذكرات الأميركية التحضيرية لكامب ديفيد كانت تركز على الرغبة في الانسحاب الإسرائيلي من الضفة والقطاع ووقف الاستيطان، فإنها انتهت بتبني رؤية بيغن الضيقة لاتفاقية سلام تركز على مصر فقط.
المصدر : نيويورك تايمز