جميعنا نعرف حقيقة غزو العراق، ولا يمكننا إثبات ذلك. لكن، الآن يمكننا إثبات ذلك. نُشرت بعض الوثائق مؤخرًا من أرشيف الأمن القومي تثبت دون أدنى شك أنّ إدارة بوش خططت للإطاحة بصدام حسين وغزو العراق في بداية يناير عام 2001، وتم وضع الخطط الاستراتيجية وتخصيص الموارد في بداية نوفمبر من نفس العام.
في 30 يناير عام 2001، اجتمع المسؤولون في إدارة بوش لأول مرة لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك نية بوش للانسحاب من عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، و”كيف أنّ العراق تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة“. أمر بوش كلًا من رامسفيلد ورئيس الأركان المشتركة هيو شيلتون، بمراجعة الخيارات العسكرية في العراق، وأمر مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت بتحسين الاستخبارات هناك. كان وزير الخزانة بول أونيل، ومنسق مكافحة الإرهاب ريتشارد كلارك، في حالة ذهول من الإصرار على مواجهة العراق، وهو هدف يتفق مع تعيين رامسفيلد وولفوفيتز وفايث في وقت لاحق، وهما من المعارضين لهذه المسألة، لشغل مناصب عليا داخل وزارة الدفاع الأمريكية.
هذه الوثائق هي دليل واضح على أنّ إدارة بوش -منذ أول يوم- تهدف إلى غزو العراق في مرحلة ما أثناء حكمها الإرهابي. وهناك مذكرة بتاريخ 23 يناير عام 2001، تحدد “أصول تغيير سياسة النظام العراقي“. وكان هذا طلبًا من نائب الرئيس المنتخب ديك تشيني قبل توليه منصبه، كوسيلة لتبرير وضع السياسات حول الجهود الأمريكية العدوانية من أجل “تغيير النظام” في العراق.
كُتبت هذه المذكرة في 27 نوفمبر عام 2001، وعند قراءتها ستشعر بقشعريرة في عمودك الفقري. إنها قائمة بنقاط الحوار الذي دار بين رامسفيلد وفرانكس حول كيفية التعامل مع الاستعداد لغزو واسع النطاق في العراق. في 27 نوفمبر، 51 يومًا بعد غزو أفغانستان. تحقق من النقطة التالية: “خلافًا لما حدث في أفغانستان، من المهم أن يكون لديك أفكار مسبقة عن هوية الذي سيحكم بعد ذلك“.
لم تكن أفغانستان ضمن أولويات إدارة بوش. كان هدف الإدارة الوحيد متمحورًا حول العراق. ولحشد تأييد شامل للخطة، كانوا يحشدون الكاثوليك وأي شخص آخر لبدء تشكيل شعارات “الحروب العادلة”. وهناك مذكرة داخلية من روبرت اندروز، مساعد وزير الدفاع، في 17 ديسمبر 2001، تصف ذلك.
يوضح لاهوتي كاثوليكي بارز المبرر الأخلاقي لتوجيه ضربة وقائية ضد العراق:
- تقدم مفهوم “عامل النظام”.
- توضح مفهوم استغلال الوضع في العراق.
- توضح كيف أنّ الإجراءات الوقائية ضد العراق تتناسب مع نظرية الحرب العادلة.
وصلت تلك المذكرة إلى دوغلاس فيث، وهو أحد المحافظين الجدد الاستثنائيين، الذين تخلوا عن مواقفهم: “جورج رجل رائع ونبيل. شكرًا لإرسالك هذه المذكرة“.
بالأحرى؛ فكرة أنّ المساعدين الكاثوليك للبابا يصفون الحروب بأنها “عادلة” إلى جانب تدخل حكومتنا، ليست من النوع الإلهي. المقال ذاته يروج لكذبة أسلحة الدمار الشامل، ويعزز ما نعرفه الآن بأنّه لم يكن أكثر من مجرد خيال في القلوب السوداء لـ ديك تشيني وجنرالاته من المحافظين الجدد. ولكنه أضاف الغطاء السياسي اللازم لإدارة بوش لدفع جهود غزو العراق إلى الأمام.
كانت العراق، بالنسبة لتشيني وبوش وأفراد هذا الفريق، مجرد وسيلة لزيادة الهيبة والسُلطة. لا صوت يعلو فوق صوت الكلمات المتكررة في هذه المذكرة من دونالد رامسفيلد في يوم 27 يوليو عام 2001، وهو يردد: “إذا تمت الاطاحة بنظام صدام، سيكون موقفنا أفضل في المنطقة وخارجها“.
المرة الأولى التي يذكر فيها هذه الجملة كانت مع شعوره بالأسف على أننا لسنا من الأصدقاء المفضلين لإيران. وكانت المرة الثانية أثناء كلمته الختامية عن لماذا الإطاحة بصدام حسين من شأنها تعزيز سياسة الولايات المتحدة بين العرب وإسرائيل. إنّها بمثابة تعويذة لرامسفيلد، القول بأنّ هذه الفكرة من شأنها تحسين “مصداقية الولايات المتحدة ونفوذها في جميع أنحاء المنطقة“.
وهنا الضربة القاضية من أرشيف الأمن القومي: “في هذه المرحلة، دعمت الأدلة القوية الملاحظة الواردة في أبريل عام 2002 من قِبل أفراد من مجموعة العمليات السرية في العراق، كان “تغيير النظام” في العراق ضمن أجندة بوش عندما تولى منصبه في يناير عام 2001. (ملاحظة رقم 33) أحداث 11 سبتمبر لم تكن الدافع وراء الغزو الأمريكي للعراق؛ بل كانت مصدرًا لصرف الانتباه عنه“.
كراك ساند يارس – التقرير