يسعى تنظيم “الدولة الاسلامية” عبر مؤسساته الفكرية والعقائدية والتنظيمية الى توطين حالة التآزر والتألف بين عناصره ومؤيديه، من خلال اتباع عدة طرق ووسائل لتعزيز هذا المفهوم الحيوي وصولا لترصين وتقوية التنظيم، ويمكن لنا ان نحدد جوانب مهمة تتمثل في طبيعة التحرك الذي يتبعه التنظيم مع المجتمع او المناطق التي يتم السيطرة عليها وفق الاتي:
1- علماء الدين: من المعلوم ان علماء الدين من الذين يسعون الى ترسيخ وتثبيت مفاهيم العقيدة الاسلامية وركائزها واركانها واهدافها في نفوس الناس، يعدون من اهم وانشط المؤثرين في حياة الفرد المسلم، لما لهم من مكانة كبيرة ومؤثرة في نفوس المسلمين، ولهذا اتبع التنظيم اسلوبا واضحا وصحيحا في تمتين العلاقة مع علماء الدين، من الذين ينتهجون منهجهم ويباركون أفكارهم تحديدا ، ثم محاولة كسب البعض الاخر ممن يكونون قريبين منهم ولكنهم يعارضونهم في جوانب تتعلق بتطبيق الشريعة الاسلامية ومفهومها واختلاف الآراء الفقهية والمذهبية، وبهذا فانهم استطاعوا تحصين من يشاركهم ويتفاعل معهم، وكسب عدد من القريبين منهم في الفكر والتطبيق.
2- شيوخ ورؤساء العشائر: طبيعة المجتمع العراقي الذي تسوده مفاهيم العرف والعشيرة، وتعززه مواقف الشجاعة والنخوة والمروءة والكرم والوفاء وكلها صفات تميز بها العشائر العراقية العربية السنية، والتي سيطر تنظيم “الدولة الاسلامية” على مناطقها وأماكن تواجدها. واعتبر التنظيم ان هذه العشائر بأبنائها من الممكن ان تشكل حاضنة فعالة ومؤثرة وداعمة لتواجده في مناطقهم، وصولا لتمتين هذه العلاقة بالانفتاح واللقاء وتدارس الاوضاع مع رؤوساء ووجهاء المناطق، التي تمكن التنظيم من التواجد فيها واستطاع من استحصال بيعتهم ومساندتهم بأتباع جميع الطرق والوسائل المتاحة له.
3- لشباب: وهم شريحة مهمة من شرائح المجتمع يتصفون بالاندفاع والمساندة والشجاعة والاقدام والتنفيذ المباشر ومزيج من العاطفة والتأثير النفسي، إذ استطاع قادة التنظيم من تحقيق نتائج عالية المستوى في كسب العديد ممن تتراوح أعمارهم بين(15_25) سنة بالتأثير الفكري والنفسي والعاطفي الممنهج عليهم. وتم هذا عبر سلسلة من اللقاءات والمحاضرات والملازمة الفردية والجماعية، بحيث استطاع عناصر التنظيم من فرز الكثير من هؤلاء الشباب للعمل معهم والقتال لجانبهم .
4- أصحاب المهن الحرة: وهم من يمثلون عنصر التجارة والتسويق في المناطق حيث تمكن تنظيم “الدولة الاسلامية” من تأطير سياساته الاقتصادية ومسار الاعمال التجارية من خلال الاستعانة بهؤلاء، كونهم يشكلون متغيرا مهما وعنصرا استراتيجيا في تحديد ملامح الحياة في “المجتمع الاسلامي” الذي يزعم قادة التنظيم ترسيخ جذوره في المناطق التي سيطروا عليها. ومن هنا عمدت عناصر التنظيم على تعزيز علاقتهم بهذه الشريحة الاقتصادية والاجتماعية المهمة من ابناء المجتمع، بما يضمن دعم التنظيم من خلال تقديمهم التبرعات ودفع اموال الزكاة. إذ نجح التنظيم في كسب بعضهم وتعزيز قناعته بأن مسؤولي “الدولة الاسلامية” يهدفون لبناء مجتمع اسلامي اقتصادي سليم، تسوده قيم العدالة والمساواة بين جميع أفراده وتعزيز الرابطة الاجتماعية والمفهوم الاقتصادي الواحد بين الناس.
ولعل ما تقدم، يعد جوانب مهمة وركائز استراتيجية استخدمها قادة التنظيم في ادامة علاقتهم بشرائح المجتمع ومجموع الناس في المناطق التي سيطروا عليها، ضمانا للحفاظ على النفوذ وادامة السيطرة.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية