تناولت صحف ألمانية الاثنين باهتمام بالغ قصة مطار إسطنبول الجديد الذي وصف بأنه أكبر مطار في العالم، وقالت إنه يشكل منافسا حقيقيا وقويا لمطارات أوروبا، وسيضطلع بدور بارز في الاقتصاد العالمي ونقل المسافرين بسبب سعته الكبيرة وخدماته المتنوعة.
وبلغة مزجت بين الانبهار والغيرة، واكبت صحيفة “فرانكفورتر” افتتاح مطار إسطنبول الجديد بتقرير اقتصادي موسع بعنوان “مشروع مفخرة أردوغان”، لفتت فيه إلى أن هذا المطار العملاق الذي تتطلع تركيا من خلاله للارتقاء إلى مصاف النخب العالمية؛ يهدد بسحب البساط من مطارات ألمانية وأوروبية، والتأثير سلبا على مطار دبي وخطوط الطيران الإماراتية.
وأشار ديرك شيرف كبير المحللين الاقتصاديين بالصحيفة النخبوية الواسعة الانتشار إلى أن افتتاح مطار إسطنبول “يثير في برلين مشاعر الغيرة الشديدة، لأنه أنجز خلال ثلاث سنوات ونصف فقط، بينما مطار العاصمة الألمانية بُدئ بتشييده عام 2006 وليس معروفا متى سينتهي بعدما تم تأجيل افتتاحه عدة مرات، رغم كونه لا يصل إلى ربع حجم المطار التركي الجديد”.
وذكر الكاتب أن المطار الواقع على بعد 35 كلم شمالي إسطنبول في منطقة ذات طبيعة جبلية خلابة، يتميز بقاعاته العملاقة القادرة على خدمة 114 طائرة في وقت واحد (ثلاثة أضعاف ما يخدمه مطار أتاتورك القديم)، ويبدو من الداخل متسعا ومشرقا وتجمع قاعاته بين العصرنة والطابع العثماني بأعمدتها البيضاء وسقوفها المزخرفة.
وأشار إلى أن رمزية المعمار العثماني بارزةفي بمسجد المطار الجديد، وأبراج مراقبته المصممة على شكل زهرة “توليب” المذكّرة بأمجاد الدولة العثمانية.
وشاركت خمس من كبريات الشركات الألمانية في تشييد مطار إسطنبول الجديد، فأسهمت “سيمنز” بإعداداته الإلكترونية، و”ليبهر” بإقامة رافعاته، ونفذت “تيهيسين” جسوره لعبور المسافرين إلى الطائرات، بينما تولت شركة “دي.إتش.أل” إدارة عملياته للشحن الجوي، و”هاينمان” تشغيل أسواقه الحرة.
سعة المطار في المرحلة الأولى تبلغ 90 مليون مسافر يوميا وستصل بعد التوسعة إلى 200 مليون (الأوروبية)
مقارنات
وإضافة إلى هذه المشاركة، اهتمت قطاعات الاقتصاد والسفر والنقل الجوي في ألمانيا بالمقارنة بين المطار التركي ومطار فرانكفورت، نقطة الارتكاز الألمانية للحركة الأوروبية للسفر والنقل الجوي.
ورجحت هذه المقارنات كفة مطار إسطنبول بوضوح، إذ تبلغ مساحة هذا المطار 77 كلم2، ويحتوي في مرحلته الأولى مدرجين ثم يرتفع العدد بعد توسعته إلى ستة مدرجات، بينما تبلغ سعته الاستيعابية في المرحلة الأولى 90 مليون مسافر، سيزدادون إلى 200 مليون بعد التوسعة.
في المقابل تبلغ مساحة مطار فرانكفورت 21 كلم2، وعدد مدرجاته أربعة فقط، وسعته الاستيعابية الحالية 70 مليون مسافر.
وتوقعت صحيفة “فرانكفورتر الغماينة” أن تكون الأعداد المتزايدة من المسافرين في مطار إسطنبول من خلال الخطوط التركية، على حساب مطار فرانكفورت ومستخدمته الرئيسية شركة “لوفتهانزا” ولصالح “البوسفور” ومطارها الجديد.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مطار إسطنبول قدري سامسونلو قوله إن المطار الجديد سيصبح الأول أوروبيا عام 2020، بتجاوزه مطار “هيثرو” البريطاني في قدرته الاستيعابية وأعداد الركاب، وتمكنه بعد اكتمال مدرج جديد من انطلاق طائرة كل ثلاثين ثانية.
المطار يستوعب 3500 رحلة يوميا وذلك بعد انتهاء المراحل الثلاث وسيتجه إلى نحو 350 وجهة وستعمل به 150 شركة (الأوروبية)
تحدّ للإمارات
وأشار سامسونلو إلى أن المطار سينافس بقوة مطارات أوروبية ومطار دبي بجذبه أعدادا كبيرة من المسافرين المستخدمين لهذه المطارات، موضحا أن المطار الجديد يستهدف كسب الركاب الراغبين في السفر من هامبورغ وبرلين وشتوتغارت إلى آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، ممن يستخدمون حاليا مطار فرانكفورت.
ولفت إلى أن قرب مطار إسطنبول الجديد من أوروبا ووقوعه على المسار الجوي للشرق والجنوب، يجعله أفضل من مطار دبي الذي سيمثل السفر من خلاله للأوروبيين خسارة في الوقت.
من جانب آخر نقل المحلل الاقتصادي لصحيفة “فرانكفورتر الغماينة” عن رئيس شركة الخطوط التركية إيكر إيكي؛ إعلانه عزم الشركة مواكبة افتتاح مطار إسطنبول الجديد بزيادة عدد رحلاتها المتجهة إلى الهند والصين.
ورأى المحلل ديرك شيرف أن حفاظ الخطوط التركية -المستخدمة الرئيسية لمطار إسطنبول الجديد- على معدلات نموها المرتفعة، سيجعل المطارات الأوروبية عاجزة -بسبب ضيق مساحاتها والمعايير المشددة لحماية البيئة- عن اللحاق بالمطار التركي الجديد.
وقال إن فرانكفورت التي تنشئ حاليا مدرجا جديدا في مطارها لرفع قدرته الاستيعابية إلى 95 مليون مسافر سنويا، لن يكون بمقدورها إقامة مدرج آخر، مشيرا إلى أن هذا الأمر يسري على مطار ميونيخ -ثاني مطارات ألمانيا- الذي يعمل حاليا بأقصى طاقاته، ويستبعد بعد انتخابات ولاية بافاريا الأخيرة تمكنه من بناء مدرج جديد.
وخلص المحلل الاقتصادي الألماني إلى أن الأمر يبدو مختلفا في مطار إسطنبول الجديد بسبب امتلاكه مساحات واسعة غير مستغلة، وخططا جاهزة للتوسع، متوقعا وصول قدرته الاستيعابية إلى 200 مليون مسافر سنويا بعد زيادة عدد مدرجاته إلى ستة.
المصدر : الصحافة الألمانية