واشنطن – أعاد مقال نشره قيادي حوثي على صفحات واشنطن بوست، الجمعة، إلى الواجهة دور الصحيفة خلال الأسابيع الأخيرة في تصفية الحساب مع السعودية وتحوّلها إلى واجهة لحملة متعددة الأطراف في استهداف الرياض ونفوذها الإقليمي.
ونشرت الصحيفة الأميركية مقالا لمحمد علي الحوثي، رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا، هاجم فيه التحالف الذي تقوده السعودية، كما هاجم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مقابل الإيحاء بأن المتمردين حريصون على التوصل إلى “سلام شجعان”، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مسعى من الصحيفة لتبييض الحوثيين بهدف النيل من السعودية ومن إدارة ترامب التي لا تخفي تفهمها للمواقف السعودية سواء في الملف اليمني أو في قضية الصحافي جمال خاشقجي.
وكتب الحوثي في مقاله أنّ التصعيد المستمر للهجمات ضد مدينة الحديدة في اليمن على يد ما أسماه التحالف الأميركي السعودي “يؤكد أن الدعوات الأميركية لوقف إطلاق النار ليست سوى كلام فارغ”.
وتابع “نحن نحب السلام (…) ونحن مستعدون للسلام، سلام الشجعان”، مضيفا “نحن مستعدون لوقف الصواريخ إذا أوقف التحالف بقيادة السعودية غاراته الجوية”، في إشارة إلى الصواريخ الباليستية التي يطلقها المتمردون باتجاه المملكة.
وكتب وزير الخارجية اليمني في الحكومة المعترف بها خالد اليماني على حسابه على تويتر بالإنكليزية “من كان يتصور أن يرى مجرم حرب مثل محمد علي الحوثي يفبرك لغة سلام في واشنطن بوست! عملاء إيران بدأوا يجدون طريقهم إلى الصحافة الأميركية”. وتابع “يا له من أمر معيب!”.
واعتبر مراقبون أن نشر مقال القيادي الحوثي هو امتداد للحملة التي تخوضها الصحيفة ضد السعودية في علاقة بقضية خاشقجي، مشيرين إلى أن ما بدأ بنشر مقالات لخاشقجي، صار حملة تجمع أطرافا تبدو بعيدة عن بعضها البعض مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والآن الحوثي، لكن ما يجمعها هو محاولة النيل من السعودية وإرباك مساعيها لاستعادة دورها المؤثر في قيادة العالم الإسلامي.
وتساءل المراقبون عن توصيف الهدف من وراء نشر تلك الآراء والمقالات إن لم يكن استهداف السعودية، ساخرين من أن يجد أردوغان المسؤول عن حبس وتشريد المئات من الصحافيين منبرا له في صحيفة تقول إنها تدافع عن حرية الصحافة وتريد أن تعرف الحقيقة في مقتل صحافي واحد وتسكت عن مصير العشرات.
وتتهم أوساط خليجية أردوغان بمحاولة ابتزاز السعودية عبر تحويل قضية خاشقجي إلى نافذة يومية في خطاباته وتصريحاته، وأنه سعى في مقاله الأخـير بـواشنـطن بوست إلى استهداف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عبر الإيحاء بأن الأمر بقتل خاشقجي جاء من “أعلى مستويات” الحكومة السعودية، و“لا أعتقد ولو لثانية أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمر بذلك”.
واستغرب المراقبون نشر مقال لقيادي في جماعة مسلحة سيطرت على العاصمة اليمنية بقوة السلاح ومارست انتهاكات جسيمة في حق المعارضين لانقلابها، وخاصة الاستهداف بالقتل والاعتقال والتعذيب للعشرات من الصحافيين، فكيف تجد مساحة لتبييض سجلها في صحيفة دولية تدافع عن حقوق الإنسان وسلامة الصحافيين.
ويربط المتابعون الحملة على السعودية بحسابات الصحيفة مع البيت الأبيض، وضمن معركة تبدو شخصية إلى حد كبير وتستهدف ترامب، على حساب اهتمامها بإظهار الحقائق سواء المتعلقة بقضية خاشقجي أو بملف السلام في اليمن، وهل يتم ذلك برؤية متوازنة أم بفسح المجال لخصوم السعودية لتصفية الحساب معها.
وسعى محمد علي الحوثي في مقاله بواشنطن بوست إلى دق الإسفين بين واشنطن والرياض، وإظهار المتمردين بمظهر المسالمين.
وحذر المتابعون من أن تمادي وسائل إعلام أميركية في تحدي ترامب وإغاظته بنشر آراء مستفزة قد تقود إلى نشر مقالات لمسؤولين إيرانيين أو من حزب الله لمهاجمة العقوبات الأميركية، ما يمثل تحديا للأمن الأميركي قبل تسجيل النقاط على ترامب.
العرب