يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على القطاع النفطي ويعد مصدر الايراد الاول والاهم في العراق حيث يشكل 95% من اجمالي الدخل الوطني من العملة الصعبة.
والعراق الذي تعود بدايات اكتشاف النفط فيه الى بداية عشرينيات القرن الماضي هو من الدول المؤسسة لمنظمة الدول المصدرة للبترول “الأوبك”.
وقد عانت الصناعة النفطية في العراق كثيرا؛ بسبب عدد من العوامل التي شكلت عائقا امامها منها الحروب التي دخل فيها العراق بالإضافة الى سنوات الحصار التي شكلت الضربة الاكبر لهذه الصناعة المهمة ما اسهم في انتكاسات اضرت بالاقتصاد العراقي بشكل عام
في الحقيقة شكل انهيار اسعار النفط في نهاية شهر ايلول / سبتمبر 2014 ، تحديا حقيقيا امام الاقتصاد العراقي بعامة وصناعة النفط بخاصة.
وورث رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي منذ اليوم الاول لتسمه مهامه تركة ثقيلة من سلفه السابق، تركة عمرها أكثر من ثماني سنوات قوامها انعدام الامن في عموم البلاد، و الفساد والاهمال، والاقتصاد المتهاوي .
ولم تقف الامور عند هذا الحد بل تجاوزته الى توتر الاوضاع داخليا بين مختلف الشركاء السياسيين في البلاد ، ما جعل بعضهم يطلق على المرحلة التي يقودها الدكتور العبادي بأنها الاصعب في تاريخ العراق الحديث من حيث المسؤوليات والتحديات .
لن نتطرق في حديثنا للعامل السياسي والاداري في العراق، وسنكتفي بالحديث عن القطاع النفطي فيه ومستقبله؛ اذ ان تركة الحكومة السابقة في التعامل مع الملف النفطي خصوصا كانت على النحو التالي :.
• تردي الوضع الامني والاقتصادي في بعض مناطق البلاد وانتشار الفساد ما شكل حاجز هائلا امام اي تطور للملف النفطي .
• عدم الافادة من الخبرات والتجارب العالمية في مجال الصناعة النفطية .
• استنزاف الموارد النفطية لحساب اشخاص وهيئات معينة .
• تجاوز ايران على حقول النفط الحدودية المشتركة مع العراق دون ان تحرك الحكومة السابقة اي ساكن مثل حقل نفط خانة و حقول مشتركة كثيرة مثل نفتشهر وبيدر الغرب وازار وازاديجان وأخرى كثيرة.
• خسارة الدولة العراقية من جراء السياسات الفاشلة لحكومة المالكي تزيد على 14 مليار دولار دفعها تعويضات للشركات الاجنبية العاملة في العراق.
تحديات المرحلة
تواجه حكومة العبادي واقعا صعبا للغاية بحيث يتوجب عليها أن تتصدى لخفض عائداتها بفعل انهيار سعر النفط الخام وزيادة نفقاتها المرتبطة بمكافحة تنظيم الدولة الذي استولى على مناطق واسعة من العراق في ذات الوقت .
وهنا يقول الخبراء ان العراق بوصفه ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لا يملك سوى خيارات قليلة إذ ان مساعيه الرامية لتعزيز الإنتاج دفعته إلى التنقيب عن خام أثقل لخلطه بخام البصرة الخفيف. وقد ارتفع إنتاج العراق الى مستوى قياسي بلغ 3.15 مليون برميل يوميا العام الماضي.
خطة العراق لزيادة الانتاج
في خطوة جديدة وفريدة في العراق تسعى حكومة العبادي الى زيادة إنتاج النفط والغاز لمواجهة انخفاض الأسعار وخصص أكثر من 3.1 مليون برميل يوميا من صادرات خام البصرة للتحميل في حزيران ارتفاعا من ما بين 2.6 و2.7 مليون برميل يوميا.
وفي اطار التقدم في مسألة تطوير القطاع النفطي أكد وزير النفط عادل عبد المهدي, ان الوزارة تعمل على تهيئة البيئة الآمنة لاستقطاب الاستثمارات التي تصب في مصلحة القطاع النفطي. وأكد الوزير حرص الوزارة على” تهيئة البيئة الآمنة لاستقطاب الاستثمارات التي تصب في مصلحة القطاع النفطي والارتقاء بالصناعة النفطية في البلاد”.
وهنا يشير عبد المهدي الى ان صادرات النفط العراق قد تتجاوز 100 ألف برميل يوميا في شهر حزيران الحالي بفضل طرح خام البصرة الثقيل.
وبحسب الاحصائية الصادرة من شركة تسويق النفط العراقية “سومو” كانت صادرات العراق سجلت مستوى قياسيا مرتفعا في أيار حيث تجاوزت (3.145) مليون، وهو ما لم يتم تحقيقه خلال العقود الماضية . وأعلنت وزارة النفط عن ارتفاع “غير مسبوق” للكميات المصدرة من النفط الخام لشهر أيار الماضي لأكثر من ( 97.504) مليون برميل نفط يوميا، فيما أكدت أن معدل الإيرادات المتحققة بلغت أكثر من( 5) مليارات دولار.
في الحقيقة لا يوجد هناك اي وجه للشبه بين حكومة العبادي وحكومة سلفه، فقد اثبتت المرحلة الماضية التي تسلم فيها العبادي مهامه الوزارية وجود ارادة ونية حقيقية للتطوير والعمل رغم ان المرحلة كما ذكرنا مرحلة حرجة جدا وتتخللها التحديات والمصاعب الا ان هذا لم يكن عائقا امام عمل الحكومة بغية تجاوز الصعوبات وهناك اصوات ترى أن العراق في حال تخلص من الوضع الامني المتردي واستعاد عافيته ، سيكون للملف النفطي اهمية كبيرة وسيترتب على ذلك عودة العراق الى الوضع اللائق فيه كثاني اكبر منتج للبترول في اوبك وهو ما يوجب على الجميع الوقوف الى جانب حكومة العبادي لتنفيذ الهدف المنشود .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية