يلاحظ المتتبع لطبيعة وسياسة تنظيم “الدولة الاسلامية” ومنهجها وسلوك قياداتها في المناطق التي تمت السيطرة عليها من قبل التنظيم، انها تستند على تمتين علاقته بالأفراد الذين ينتمون لهذه المناطق. وبالإمكان رصد توجهاته الحركية، للوصول الى غاياته في كسب الاتباع، بالانطلاق من اجراء مسح اجتماعي عن دور الفتيان والشباب واعدادهم وتوجهاتهم الثقافية والفكرية واهتماماتهم، وصولا لتوظيفهم في دعم واسناد وتطبيق منهج التنظيم بالداخل ويتمثل بالأوجه الاتية:
1.تحديد الفئة العمرية التي بموجبها يستطيع وضع الأساليب والمناهج ذات الطبيعة الفكرية والعقائدية في كسب هذه الفئة، حيث وبدأ بالفتيان الذين يتراوح أعمارهم ما بين (12- 18) سنة والتركيز عليهم في الجوانب الاتية:
• اعتمد أسلوب الملازمة الفردية، لمن هم بهذه الفئة العمرية بتوجيه عناصره والمنتمين اليه، باختيار عدد من الفتيان ومصاحبتهم وملازمتهم والالتقاء بهم باستمرار واعتبارهم نواة فاعلة للعمل معهم وكسبهم لصالحهم.
• استخدام دور العبادة من الجوامع والمساجد مجالا لتحقيق الملازمة، من خلال استطلاع طبيعة بعض الفتيان ومدى حبهم واندفاعهم وانبهارهم بما يحققه مقاتلي تنظيم “الدولة الاسلامية” من وقائع ميدانية على الارض يتمثل بأسلوبه ونجاحاته العسكرية ومواجهته لأعداء التنظيم. تحديد مؤسسات دينية وعقائدية تابعة للتنظيم، مهمتها احتواء هؤلاء الفتيان الذين خضعوا لعنصري الملازمة والمفاتحة واقتنعت قيادة التنظيم بهم وبأهليتهم واندفاعهم ليتم زجهم بمؤسسات ومكاتب أعدت من قبل التنظيم، وهي مدعومة ومزودة بأناس يتمتعون بثقافة دينية وتأثير نفسي مهمتهم تعزيز الايمان بالتنظيم والالتزام بمنهجه وأفكاره.
• توجيه عناصر الارشاد الديني في التنظيم الذهاب الى المدارس الثانوية حيث يتواجد هؤلاء الفتيان، وزيارتهم في مقاعد الدراسة، وايجاد وسائل للتحرك عليهم واختيار الافضل منهم ليكون مادة وحاضنة للتنظيم.
2.الفئة العمرية الثانية وهم الشباب وبعمر (18- 25) سنة والذين يعتبرهم التنظيم الدعامة الاساسية في تنفيذ توجهاته، والاعتماد عليهم والاستفادة من امكانياتهم الجسدية والفكرية والعقلية وفق المنظور الاتي :
• اعدادهم في مراكز تدريب خاصة، تلقى عليهم محاضرات فكرية وعقائدية، من خلال برنامج معد بإحكام يركز على مضامين وأهداف تنظيم “الدولة الاسلامية”.
• يدعم رجال دين مؤمنين بمنهج وسياسة التنظيم ولديهم القدرة والاستعداد الذهني والنفسي هذه المراكز التدريبية، للتأثير على هؤلاء الشباب، لينتج عن هذا الاعداد شباب مندفع ومتحمس للعمل وبقوة وصلابة وعاطفة، غايته فيها تحقيق ذاته وشعوره بأنه يجسد حقيقة ايمانه بالله تعالى وتطبيقه للشريعة الاسلامية.
• العنصر الرئيس لهذه الفئة العمرية، يستند على اسلوب المصاحبة الجماعية، واعداد المجاميع ذات الايمان الحقيقي والمتمسكة بمبادئ ونهج تنظيم “الدولة الاسلامية”، في طروحاته العقائدية واساليبه العملية في المجتمع الذي يتحكم به.
3.الجانب الديني والتربوي والاجتماعي، الذي يؤطر المجتمع السني كان دافعا اساسيا ورئيسا في تنفيذ توجهات وتطلعات تنظيم “الدولة الاسلامية”، يكمله الاهمال والتهميش والضياع الذي كان يعيشه شباب المجتمع، نتيجة الانحرافات والاختراقات والاساليب القسرية التي اتبعتها القيادات الامنية والعسكرية التي كانت تتحكم بزمام الامور قبل سيطرة مقاتلي تنظيم “الدولة الاسلامية” على عدد من المحافظات العراقية.
وعلى هذا، يشكل الاهتمام بشريحة الشباب احد اهم المنطلقات والركائز التي اعتمدها التنظيم، بغية تدعيم سياسته الداخلية في المناطق التي يسيطر عليها، وتنفيذ برنامجه ومنهجه لقيادة المجتمع، والافادة من حماسة هذه الفئة العمرية في تنفيذ المهمات.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية