وقد كتب ديفيد روثكوبف في مقال لمجلة فورين بوليسي مؤخرًا: “يبدو البيت الأبيض على قناعة تامة بأن المال الذي قد تحصل عليه إيران سوف يذهب للمساعدة في تعزيز الاقتصاد الإيراني، بدلًا من استخدامه لدعم الأنشطة والمبادرات الإقليمية الخاصة بطهران“.
ويضيف الكاتب: “حتى لو حصل الإيرانيون على 100 مليار دولار فقط، واستخدموا 90% منها لمساعدة الاقتصاد؛ فإن الـ 10 مليارات المتبقية سوف تؤثر بشكل كبير في أماكن مثل سوريا والعراق واليمن … وبالإضافة إلى ذلك، لم يتوقع أي أحد من الخبراء الإقليميين الذين تحدثت معهم مؤخرًا أن الإيرانيين سوف يستخدمون ما يصل إلى 10% من هذه الأموال فقط لدعم سياساتهم الإقليمية“.
وسيتوجب على طهران استثمار بعض هذه الأموال في الإبقاء على الزخم الذي حققته في جميع أنحاء المنطقة على مدى السنوات القليلة الماضية، والحفاظ على واحد من حلفائها الإقليميين الأكثر أهمية، وهو بشار الأسد، في السلطة.
ويعد احتمال استخدام إيران لملياراتها الجديدة في دعم نظام الأسد بشكل أكبر احتمالًا سيئًا بشكل خاص، ولا سيما في ضوء الكشف عن أن ضربات الأسد الجوية، والتي تمولها إيران بالفعل، كانت قد مهدت الطريق لمسيرة متشددي داعش إلى شمال البلاد.
وقال كريستوفر كوزاك، وهو محلل سوريا في معهد دراسات الحرب، لبزنس إنسايدر، إن الأسد مستعد لتمكين تقدم داعش إذا ما كان ذلك يعني أن الجهاديين سوف يهددون خطوط إمداد الثوار في مدينة حلب ذات الأهمية الاستراتيجية.
وكحليف لإيران في المنطقة، تعد سوريا بالغة الأهمية بالنسبة للجمهورية الإسلامية إذا ما أرادت الاحتفاظ بنفوذها الجيوسياسي في بلاد الشام. ولهذا السبب؛ تنفق طهران نحو 35 مليار دولار سنويًا لدعم نظام الأسد، وقد نشرت أيضًا الآلاف من رجال الميليشيات الشيعية الموالية للأسد في سوريا منذ أن بدأ الصراع هناك في عام 2011.
وتعمل أقوى المجموعات المقاتلة بالوكالة لإيران، وهي مجموعة حزب الله اللبناني، في سوريا بشكل علني منذ بداية عام 2013 على الأقل، وقد صعدت عمليات التجنيد في الأسابيع والأشهر الأخيرة، من خلال تعبئة الأقليات للقتال إلى جانب الميليشيات الموالية للأسد، وفقًا لفيليب سميث.
وقال سميث إن طهران “تلجأ لمجتمعات جديدة بشكل تام من المقاتلين الأجانب لدعم نظام الأسد، بما في ذلك الباكستانيون والأفغان“. وأضاف: “ليس هؤلاء المقاتلون الشيعة مجرد أجساد إضافية ترمي بها إيران في النزاع… إنهم يسلطون الضوء أيضًا على النفوذ الجيوسياسي المتزايد لطهران. ويشير وجودهم في سوريا إلى أن إيران تسعى لإبراز نفوذها في عمق المجتمعات المحلية في منطقة آسيا الوسطى“.
ورغم أن العقوبات الاقتصادية الدولية كانت تثقل كاهلها، دعمت إيران النظام المتداعي في سوريا بالأموال، والسلاح، وبالمقاتلين؛ بينما كان الثوار يشنون حرب الاستنزاف ضده. ومن المرجح أن تمكين إيران اقتصاديًا بمليارات أخرى من الدولارات سوف يؤدي إلى استمرارها في محاربة الثوار السوريين حتى النهاية، وهو ما تقول إيران بالفعل إنها ستفعله. حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن الرئيس حسن روحاني قوله: “سوف تبقى الأمة والحكومة الإيرانية إلى جانب الشعب السوري وحكومته حتى نهاية الطريق… طهران لم تنس التزاماتها الأخلاقية تجاه سوريا، وسوف تستمر في تقديم المساعدة والدعم، وفقًا لشروطها، إلى الحكومة والشعب السوري“.
وبدورها، قالت إدارة أوباما مرارًا وتكرارًا إن الصفقة النووية الناشئة تتعلق حصرًا بوقف برنامج إيران النووي، وليس بوقف عدوانها العسكري في المنطقة. ولا يمكن التكهن بما سيحدث بعد توقيع الاتفاق النهائي مع طهران في نهاية هذا الشهر؛ إلا أنه، وبناءً على موقف أوباما تجاه الحرب السورية منذ بدايتها، من غير المحتمل أن تتعرض إيران لأي عقوبات جديدة في حال زادت دعمها لنظام الأسد إلى حد أكبر من أي وقت مضى بعد توقيع الاتفاق.
بزنس إنسايدر
التقرير