لم يفوّت التونسيون الاحتجاجات الدائرة في فرنسا بين “ثوار السترات الصفراء” والشرطة دون أن يسجلوا مواقفهم وتعليقاتهم الساخرة، في استحضار طريف لأبرز شعارات الثورة التونسية التي أسقطت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وربطها بمجريات الأحداث هناك.
واستعار نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي شعارات وأهازيج وصورا مثلت لحظات فارقة في تاريخ ثورة الياسمين من قبيل “بن علي هرب” التي أصبحت “ماكرون هرب”، وأخرى على شاكلة “خبز وماء وبن علي لا” و”أنا فهمتكم” لتوصيف ما يحدث في الشارع الفرنسي بعد إدخال تعديلات عليها.
وقال الناشط علي عكروت ساخرا “قمنا بثورة حتى نكون مثل فرنسا، فأصبحت فرنسا مثل تونس”، مرفقا تدوينته بصورة شهيرة لرجل تونسي أشهر قطعة خبز بدل السلاح في وجه شرطة بن علي عام 2011، وأخرى لمتظاهر فرنسي عام 2018.
كما استحضر الناشط فتحي عسكري الكلمة الشهيرة لحكيم الثورة التونسية أحمد الحفناوي إبان سقوط بن علي قائلا “هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية”.بدوره كتب الإعلامي الحبيب الميساوي ساخرا “ماكرون يتوجه الليلة بكلمته الثانية إلى الشعب الفرنسي.. غلطوني”، في استحضار لآخر خطاب للمخلوع بن علي قبل هروبه إلى السعودية.
وتداول تونسيون فيديو لمتظاهر فرنسي من أصول تونسية اتهم خلاله ماكرون بسرقة أموال الشعب الفرنسي وبيع السلاح للسعودية.ونشر الناشط نصر الدين حاجي صورتين لبن علي وماكرون ومن ورائهما طائرتان للخطوط الفرنسية والتونسية، في إشارة ساخرة إلى هروب متوقع للرئيس الفرنسي، وأرفقها بتعليق “هروب ماكرون إلى السعودية وتعيين فيليب لمبزع رئيسا للبلاد.. كرواسون وماء وماكرون لا”.
على صعيد آخر، انتقد التونسيون التغطية الإعلامية الباهتة، لقناة “فرنسا 24” للاحتجاجات الدائرة في فرنسا، مقابل اهتمامها بما يحدث في تونس من أحداث لعل آخرها الإضراب العام الذي أقره الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية).
وتساءل الناشط عادل طالبي عبر تدوينة له “أين فرانس 24 التي تنشر أخبار العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية في بلادنا بعد وقوعها بدقائق؟”.
من جهته دعا الخبير الاقتصادي عادل السمعلي بنفس ساخر قناة “فرانس 24” إلى تغيير اسمها لتصبح “تونس 24″؛ طالما لا تهمها الأحداث الدائرة في فرنسا.
ولفت الباحث في الشأن الاجتماعي والاقتصادي سامي براهم في حديثه للجزيرة نت إلى أن انشغال التونسيين بمجريات ما يحدث في فرنسا ومتابعته لحظة بلحظة، نتاج طبيعي للموقف السلبي للحكومة الفرنسية سابقا تجاه الثورة التونسية.
وتابع “تصاعد المواجهات بين المتظاهرين والشرطة الفرنسية أعاد إلى أذهان التونسيين ما وقع في تونس منذ اندلاع الثورة حتى هروب بن علي”.
ولا يزال تصريح وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشال أليو ماري إبان اندلاع الثورة التونسية عالقا في أذهان الكثيرين، حين أعلنت استعداد بلادها لتقديم المساعدة لبن علي في قمع الاحتجاجات الشعبية الواسعة في تونس.
وكشفت تقارير إعلامية فرنسية آنذاك أن الوزيرة أمضت عطلة نهاية السنة في تونس بدعوة من بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس الهارب، في وقت كان فيه المحتجون يواجهون رصاص شرطة بن علي.
المصدر : الجزيرة