استبقت السعودية تحركات منظمة أوبك المرتقبة بشأن مستقبل اتفاق خفض إنتاج النفط بزيادة إنتاج الخام والتوسع في صناعة البتروكيماويات، في ظل تسابق المنتجين للاستحواذ على حصص أكبر في الأسواق بعد ضغوط أميركية لزيادة الإمدادات.
الظهران (السعودية) – أكدت السعودية أمس أنها تسعى إلى زيادة حصتها السوقية في آسيا رغم القيود، التي من المتوقع أن تفرضها منظمة أوبك على الإنتاج اعتبارا من بداية العام المقبل.
ويؤكد محللون أن الخطوة تعكس بوضوح مدى التنافس الشديد بين المنتجين للاستحواذ على حصص أكبر في السوق استباقا لأي نتائج قد يخرج بها اجتماع أوبك المقبل.
ويأتي الإعلان قبل أقل من أسبوعين من اجتماع أوبك للبت في سياسة الإنتاج المقبلة لإحلال التوازن في السوق، في ظل ضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزيادة الإمدادات ومنع ارتفاع الأسعار مع انحدار الصادرات الإيرانية.
وهناك نقاط خلاف جوهرية بين المنتجين في أوبك وخارجها من جهة، وبين الولايات المتحدة، التي ترى ضرورة زيادة الإنتاج لخفض الأسعار، وهو أمر قد يسبب أضرارا للمنتجين إذا ما استمر الوضع طويلا.
ونسبت وكالة رويترز إلى أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أكبر منتج للنفط في العالم، قوله خلال مؤتمر صحافي في الظهران إن “أرامكو ستنفذ أي قرار قد تتخذه أوبك لخفض الإنتاج في 2019”، لكنه أكد أنه مازال يرى فرصا للنمو في آسيا.
11.3 مليون برميل يوميا مستوى إنتاج السعودية هذا الشهر، وهو الأعلى على الإطلاق منذ ثمانية عقود
وتتطلع أرامكو في سياق استراتيجيتها، التي تريد من ورائها أن تكون رائدا عالميا في صناعة البتروكيماويات لإبرام صفقات جديدة في الصين والهند وماليزيا وإندونيسيا، كما أنها ستمضي قدما في مشروعات مصافي التكرير لضمان منافذ جديدة لإنتاج الخام.
وكشف مصدر في قطاع النفط لرويترز أمس أن إنتاج السعودية من الخام ارتفع بالفعل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في نوفمبر الحالي.
وأوضح المصدر أن الإنتاج بلغ ما بين 11.1 مليون و11.3 مليون برميل يوميا، لكن لن يتضح متوسط الإنتاج بالضبط لحين انتهاء الشهر.
ونقلت وكالة أنباء بلومبرغ الاقتصادية عن مصدر مطلع قوله إن هذا هو أعلى معدل إنتاج منذ بدء الرياض استخراج النفط قبل ثمانية عقود.
وتزيد تلك المستويات نحو نصف مليون برميل يوميا، بما يعادل 0.5 بالمئة من الطلب العالمي، مقارنة مع أكتوبر، وأكثر من مليون برميل يوميا عن مستوى الإنتاج مطلع العام حين كانت الرياض تخفض الإنتاج مع أعضاء أوبك.
واتفقت السعودية على زيادة الإمدادات كثيرا في يونيو الماضي استجابة لدعوات من زبائنها، بما فيهم الولايات المتحدة والهند، للمساهمة في خفض أسعار النفط ومعالجة نقص المعروض خاصة بعدما فرضت واشنطن مطلع هذا الشهر عقوبات على طهران، وأدت الخطوة إلى تراجع الأسعار بشكل كبير.
ورغم غياب معظم حصة إيران في الأسواق، انخفضت الأسعار بشكل كبير بعد أن كانت التوقعات ترجح ارتفاعها بشكل كبير.
ويقول محللون إن تأثيرات غياب الحصة الإيرانية وانعكاسها على الأسواق العالمية لن تظهر على المدى القريب، بل على المدى المتوسط.
ومع التحذيرات بشأن التخمة في الإنتاج الأميركي من النفط سواء التقليدي أو الصخري، فإن اتخاذ قرار من أوبك لحماية الأسعار من الانهيار مثلما حدث في منتصف 2014 يبدو أمرا مرجحا.
وبعد بلوغ خام برنت حاجز 86 دولارا، منتصف الشهر الماضي، تسارعت وتيرة هبوطه بعد تلميحات بتأثر الطلب على الخام، وعودة تخمة المعروض للأسواق العالمية.
وأثار ذلك مخاوف من حدوث تخمة معروض بعد أن تراجعت الأسعار عن ذروتها بنحو 26 دولارا ليتحرك سعر مزيج برنت حاليا عند 60 دولارا للبرميل.
وأشارت مصادر في قطاع النفط السعودي إلى أنها تريد بقاء الأسعار فوق حاجز 70 دولارا للبرميل، وهذا الأمر يتطلب انسجاما بين منتجي أوبك وخارجها وفي مقدمتهم روسيا.
وقال وزير الطاقة خالد الفالح هذا الشهر إن “معروض النفط العالمي قد يتجاوز الطلب بأكثر من مليون برميل يوميا في العام المقبل، مما يتطلب من أوبك اتخاذ إجراء”.
وكانت الرياض قد أشارت بالفعل إلى أنها تدعم تخفيضا كبيرا في الإنتاج وأنها ستخفض، كخطوة أولى، الإنتاج بنصف مليون برميل يوميا بداية من الشهر المقبل.
وليس من الواضح ما إذا كانت السعودية تخطط للإبقاء على زيادة الإنتاج، أو ما إذا كانت تكمل الإمدادات من المخزون.
ومن المقرر أن تنظر أوبك في اتفاق خفض الإنتاج حين تجتمع في الـ6 من ديسمبر المقبل في العاصمة النمساوية فيينا، لكن ترامب دعا الرياض مجددا للإحجام عن الخفض.
وقال الرئيس الأميركي في تغريدة على حسابه في تويتر “رائع جدا أن أسعار النفط تنخفض”. وشبه ذلك بخفض ضريبي كبير لاقتصاد الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق الشهر الجاري، قال الفالح إن أرامكو ستشحن كميات من الخام في ديسمبر تقل بمقدار نصف مليون برميل يوميا مقارنة مع نوفمبر الحالي، في ظل تراجع طلبات الزبائن.
العرب