هل يمكن ان تتفق الولايات المتحدة مع إيران على برنامجها النووي؟

هل يمكن ان تتفق الولايات المتحدة مع إيران على برنامجها النووي؟

11

مقابلة مع غاري سامور، المدير التنفيذي للبحوث في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد، اجراها برنارد كويرتزمان، ونشرت على موقع مجلس العلاقات الخارجية الاليكتروني في 9/10/2014.

   يؤكد الخبير النووي غاري سامور عدم توصل واشنطن وطهران الى اتفاق شامل حول برنامج إيران النووي بحلول الموعد النهائي للمحادثات في أواخر تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، إذ ان كليهما لا تزالان متباعدتين جداً، حول التوصل الى الكيفية التي يجب أن يكون عليها برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم، وان المحادثات قد تمتد إذا لم يتم التوصل لاتفاق بشأن المسائل العالقة بحلول الموعد النهائي. وعلى الارجح ان يحصل تمديد لموعد المحادثات، خصوصاً ان الهدف المشترك لواشنطن وطهران هو هزيمة “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا.

ويقول سامور ان “كلا الجانبين لهما مصلحة في عدم حدوث مواجهة أو زيادة التوتر حول القضية النووية، التي تتداخل مع الحملة ضد” داعش”، ولم تفض العديد من المحادثات الثنائية التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران حول النووي الإيراني الى اتفاق، مشيرا الى انه من المفترض انهاء هذه المحادثات في24 نوفمبر المقبل.

وفيما يأتي نص المقابلة مع سامور:

كيف تصفون العلاقات الأميركية الإيرانية ؟

من الواضح أن دور الرئيس حسن روحاني محدود بخصوص الملف النووي، فالآمال التي كانت معقودة على قدرته في التوصل الى اتفاق بهذا الصدد قد تبددت، وبدا انه في ظل القيود الصارمة التي يفرضها النظام، فان ما يمكن الاتفاق عليه هو اقل ما تسعى اليه الولايات المتحدة للتوصل الى الاتفاق النووي.

من ناحية أخرى، فان صعود “داعش” قدم للولايات المتحدة وايران فرصة الاتفاق حول عدو مشترك، على الأقل من الناحية التكتيكية، وهو ما يزيد من حوافز كلا الجانبين لتجنب المواجهة بشأن القضية النووية طالما انهما ذاهبان معا في محاولة لهزيمة “داعش” بالعراق.

هل نستشعر أن هناك أي حل وسط رئيسي في موقف الولايات المتحدة حيال الملف النووي، لتمكين إيران من تعزيز التحالف ضد “الدولة الاسلامية”؟

أنا لا أعتقد ذلك، وغالباً ما نشهد مناورة إيرانية من باب ابداء المرونة بشأن القضية النووية، لتظهر بانها ستتعاون في بعض المسائل الأخرى، سواء كان ذلك في أفغانستان أو في قتال “داعش” في العراق، ولكن موقف الولايات المتحدة هو أن إيران لديها قدر من المصلحة في هزيمة “الدولة الاسلامية”، لذلك لا أعتقد أن واشنطن مستعدة لدفع إيران، لعمل ما كان ينبغي القيام به يصب في المصلحة الامريكية.

دعونا نتحدث عن المحادثات النووية ذاتها، ما الذي يعطل التوصل الى اتفاق؟

كانت القضية المركزية في هذه المحادثات، قدرة إيران على إنتاج المواد الصالحة لصنع الأسلحة، وهذا ما يحدده نطاق برنامجها للتخصيب وحجمه ، والذي تترجم إلى تفاصيل تقنية، مثل أعداد أجهزة الطرد المركزي وأنواعها، والمخزون من اليورانيوم المخصب، وحدود البحث والتطوير، وهكذا. وتشيرالتفاصيل التي حصلنا عليها من مفاوضينا، الى ان الجانبين متباعدان للغاية في هذا الجانب، إذ تطالب الولايات المتحدة من ايران تقليل مخزونها الحالي من أجهزة الطرد المركزي.

وهل السبب العشرة آلاف جهاز طرد مركزي؟

هذه العشرة آلاف التي في الخدمة، بينما لدى الايرانيين عشرة آلاف اخرى أو نحو ذلك، والتي تم تثبيتها بالفعل لكنها لم تدخل الخدمة بعد، فأولا تسعى الولايات المتحدة، للحد من تلك عشرة آلاف العاملة وتقليصها إلى حوالي 1500 جهاز، والتي ستكون أكثر اتساقا مع احتياجات إيران لإنتاج الوقود للمفاعلات البحثية، وثانيا، تريد الولايات المتحدة للحفاظ على تلك الحدود لمدة عشرين عاما.

   ومن جهة أخرى، فان الإيرانيين وتوافقاً مع التعليمات الصارمة للمرشد الأعلى علي خامنئي، لا يوافقون على أي تخفيض في قدرة التخصيب الحالية، بل ابدوا اصراراً على بناء قدرات أكبر بكثير في النطاق الصناعي بحلول عام 2021. وبالنظر إلى أن الفرق كبير مع القليل من المرونة التي يبديها الطرفان، فإنه من الصعب أن نرى انه يمكن الوصول إلى اتفاق شامل في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

هل تتوقع أن مجموعة 5+1 “الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا” وإيران، قادرة على تمديد فترة التفاوض كما فعلت في الصيف الماضي؟

للجانبين مصلحة في محاولة معرفة ما إذا كان من الممكن أن يتطور مد التفاوض الى نتائج ملموسة، لأن الوضع الراهن، على الرغم من عدم مثاليته، فهو مقبول الى حد ما. ومن وجهة نظر إيران؛ فانها تريد التخفيف من حدة العقوبات، في الوقت الذي لا تريد التضحية فيه ببرنامجها النووي.

وبحسب وجهة نظر الولايات المتحدة، فانها مع تجميد معظم عناصر برنامج إيران النووي، مع الحفاظ على نظام العقوبات العام. وعلاوة على ذلك، فإن الجانبين سوف يكون لهما مصلحة في عدم السماح للمواجهة أو زيادة التوتر بينهما حول القضية النووية، في مرحلة الحملة ضد “الدولة الاسلامية” وأتوقع ان جهداً كبيراً سيبذل، ونحن نقترب من الموعد النهائي.

ولرؤية ما إذا كان هناك أساس لاتفاق جزئي آخر. فقد حدث بعض التقدم في عدد من القضايا مثل تعديل قلب مفاعل أراك للمياه الثقيلة للحد من إنتاج مادة البلوتونيوم التي يمكن أن تستخدم لإنتاج السلاح الذري، وتحويل قدرات مفاعل  التخصيب في فوردو تجاه البحث والتطوير، وهناك مجالات التقدم التي يمكن تشجيعها، وأخرى جزئية قائمة بذاتها، للتوصل الى اتفاق مقابل تخفيف عقوبات إضافية، ثم تعيين مهلة جديدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق شامل.

في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل تجري انتخابات الكونجرس الأمريكي متزامنة مع موعد المفاوضات النووية، هل تعتقد ان الكونغرس سوف تكون على استعداد للذهاب إلى جانب خطوة مؤقتة أخرى؟

من الصعب جدا التنبؤ لأن الامر سيعتمد على تفاصيل تمديد المحادثات، وامكان تحقيق تقدم يذكر،  اذ لا حدود ملموسة إضافية على برنامج إيران النووي، في مقابل الحصول على قدر معقول من تخفيف العقوبات.

والملاحظ ان خطة العمل المشتركة، عملت لمدة سنة تقريبا، بشكل سلس وفعال، في تجميد العديد من جوانب البرنامج النووي الإيراني وتخفيف العقوبات، دون السماح بتقويض جهود نظام العقوبات. حتى لا يكون هناك سجل جيد لتبرير التمديدات الاضافية، ولكن بالتأكيد سيكون هناك الكثير في الكونغرس، الذين سوف يعتقدون أن هذا التمديد له دوافع مشبوهة وهو مجرد تأخير وشراء الوقت وليس لإيجاد حل للمشكلة. وفي حال ما إذا سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، فان ذلك سوف يؤثر على قدرة الكونغرس في تمرير تشريعات ضد رغبات البيت الأبيض.

وبصراحة، فان الامر يعتمد أيضا في جزء منه على وجهة نظر دول أخرى مثل إسرائيل، التي تبدو انها غير راضية نسبيا، باعتبار أن خطة العمل المشتركة كانت فعالة في إبطاء الساعة النووية الإيرانية، مع عدم التضحية بنظام العقوبات، ويفضلون بالتأكيد نوعا من التمديد، قياساً بصفقة سيئة قد تسمح لإيران الاحتفاظ بقدرة كبيرة على تخصيب اليورانيوم، وحتى الآن فإن الإدارة لا تظهر أي مرونة بشأن هذه المسألة.

إيران تزعم باستمرار وعلنا انه ليس لديها أي اهتمام على الإطلاق في الأسلحة النووية، ولكن لماذا تحتاج الى العديد من أجهزة الطرد المركزي؟

يقولون انهم بحاجة إلى عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج وقود اليورانيوم منخفض التخصيب لمحطة بوشهر للطاقة النووية، وحتى الآن، فان الروس يقومون بتغذية محطة توليد الكهرباء، وفقاً للعقد الذي بينهما والذي ينتهي في عام 2021. وهم على استعداد لبيع الوقود لهذا المفاعل، بينما يقول الإيرانيون إنهم لا يمكنهم الثقة بالروس للوفاء باحتياجات المفاعل من الوقود، وبالتالي فإنها بحاجة إلى امتلاك القدرة الأصلية لإنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب.

ان الحجة الايرانية، التي تقول بالحاجة إلى الطاقة النووية المستقلة، أصبحت مقبولة شعبيا داخل إيران، ولكن بصراحة في الخارج، لا أحد يعتقد أن هذا هو الغرض الأساس من وجود برنامج تخصيب اليورانيوم واسع النطاق. بدلا من ذلك، فإنه امتلاك إيران القدرة على الانتاج المتسارع بكميات كبيرة من اليورانيوم، تؤهلها لتطوير أسلحة نووية إذا ما قررت ذلك في المستقبل، أو أنها ستوفر لها غطاءً فعالاً جدا في محاولتهم بناء منشآت تخصيب سرية، “وهو ما قاموا به في الماضي”. ويقولون انهم بحاجة لتخصيب اليورانيوم على نطاق واسع لبرنامج الطاقة النووية السلمية، ومن وجهة نظر الولايات المتحدة وأي شخص آخر أن هذا الامر مجرد ذريعة، وحيلة لتطوير الخيار النووي .

هل تعتقد أن الإيرانيين يريدون حقا الحفاظ على خيار الأسلحة النووية بايديهم؟

تماماً، ووفقاً لرؤية المرشد الأعلى للعالم، فانه يعتقد أن إيران تحتاج إلى امتلاك خيار الأسلحة النووية، إن لم تكن الأسلحة النووية ذاتها، سواء للدفاع عن إيران ضد الشيطان الأكبر “الولايات المتحدة”،وجميع الشياطين الصغار، وأيضا لتأكيد الهيمنة الإيرانية على المنطقة.

  ومادام المرشد الأعلى خامنئي في السلطة، ينظر الى اكتساب القدرة على صنع أسلحة نووية باعتبارها عنصرا أساسيا من السياسة الخارجية الإيرانية، فانه من المستبعد جدا ان يحدث تغيير يذكر، ان بقي هو المسؤول الاول.

http://www.cfr.org/arms-control-disarmament-and-nonproliferation/can-iran-united-states-make-meaningful-deal/p33588?cid=rss-analysisbriefbackgroundersexp-can_iran_and_the_united_states-100914

مركز الرةابط للدراسات والبحوث الاستراتيجية