بعد تخوفات من حدوث فجوة كبيرة في العلاقات بين أكبر حزبين بإقليم كردستان العراق، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ظهرت مؤخرا ملامح توافق سياسي بينهما، وتجسد ذلك في حراك سياسي يمكن تسميته بالحراك الشبابي.
إذ سيحل أبناء قيادات إقليم كردستان خلفا للآباء، وذلك بعد ترشيح نيجيرفان البارزاني لرئاسة الإقليم على أن يكون قباد الطالباني نجل رئيس الاتحاد الوطني الراحل جلال الطالباني نائبا لنيجرفان، كما سيجري ترشيح مسرور البارزاني نجل رئيس الإقليم سابقا مسعود البارزاني لرئاسة الحكومة.
ويقول عضو برلمان كردستان العراق آيدن معروف إن هذا الحراك “خطوة لتعزيز الثقة بين الحزبين، وتفاهم بين الشخصيات السياسية لدى الطرفين”، ويضيف معروف في تصريح للجزيرة نت أن الترشيحات هي تحصيل حاصل لأمر واقعي، مؤكدا أنه من غير الممكن تشكيل حكومة في غياب أي من الحزبين.
وتوقع عضو البرلمان أن يكون لنتائج هذا الحراك آثارا إيجابية على الاستقرار السياسي والاقتصادي في المستقبل القريب في إقليم كردستان.
نيجرفان ومسرور
من جانب آخر، يرى عضو الحزب الديمقراطي شيرزاد قاسم أن نيجيرفان نجح في فترة عهده، وقد دفع الحزب به مرات عدة لتولي رئاسة الجمهورية في العراق، لكن حاجة الحزب أبقته على رأس حكومة الإقليم.
ويضيف قاسم أن إسناد رئاسة الوزراء إلى مسرور البارزاني يعزى لما يمتلكه من خبرة ودراية عميقتين، فهو أصر على مشاركة حكومة الإقليم في العملية السياسية في بغداد للدفاع عن مطالب الإقليم.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين “عبد الحكيم خسرو” إن الحزب الديمقراطي أخذ تشكيل الحكومة عن استحقاق وليس الأمر وراثيا، فقد حصل الحزب على 45 مقعدا من أصل 111 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ونفذ تغييرات كإعادة هيكلة البرنامج الحكومي، وكيفية التواصل مع بغداد.
ويضيف خسرو أن زيارة مسعود البارزاني لبغداد انفتاح كبير ومطلوب بين مؤسسات إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وقد نتج عن الزيارة تصدير نفط كركوك من أنبوب الإقليم لسد عجز الموازنة وتعزيز الاقتصاد.
وأضاف الأستاذ الجامعي أن جميع الأحزاب بإقليم كردستان بما فيها حركة التغيير قد رحبت بترشيح الوجوه الشابة كجزء من استحقاق تشكيل السلطة التنفيذية، وقال إن لحركة التغيير رغبة كبيرة في المشاركة الفاعلة في الحكومة، ولذا ستكون الحركة جزءا من اللجنة التفاوضية، وهو الشيء الذي يؤكد وجود تغيير نحو الطريق الصحيح.
صفحة جديدة
وعن ترشيح وجوه شابة لقيادة الإقليم، صرح رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن هذا الترشيح “هو بمثابة صفحة جديدة، ومسار صحيح للأوضاع السياسية، وانفتاح كبير في السياسة الكردية، ومؤشر لوجود تناغم بين الحزبين”.
وأشار الشمري إلى أن زيارة مسرور البارزاني الأخيرة برفقة والده إلى بغداد ستحل الكثير من المشاكل، وتطوي صفحة الخلافات وفق الدستور، وهو ما سيصب في مصلحة جميع المكونات السياسية، سواء داخل الإقليم أو في العراق عموما.
ورأى الباحث في مركز النهرين للدراسات الإستراتيجية هشام الهاشمي في الترشيحات دلالة واضحة على تأثير الجانب العشائري والأسري، مضيفا أن الترشيحات ستعطي زخما سياسيا كبيرا في إقليم كردستان.
وشدد الهاشمي أن الشخصيات الشابة المرشحة للمناصب القيادية بحاجة إلى مسايرة التغيرات الجارية داخل العراق وفي دول الجوار، معتبرا أن توفر المرشحين على خبرات في الغرب قد تساعدهم في إحداث حراك في علاقات أربيل ببغداد، وربما مع طهران وأنقرة.
المصدر : الجزيرة