بعد أربع سنوات من الحرب الطاحنة في اليمن، تبدو حصيلة الضحايا ثقيلة جدا، في حين تهدد الأزمة الإنسانية غير المسبوقة ملايين السكان.
ومن بوابة السويد عاد الفرقاء اليمنيون إلى طاولة المفاوضات بعد عامين من توقفها، وسط آمال -وإن كانت ضئيلة- بأن يتم التوصل إلى حلّ سياسي ينهي الحرب المستمرة، بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي.
وإن بدت هذه المفاوضات “فرصة شديدة الأهمية” بالنسبة للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، فهي قد تشكل فرصة حياة لمن فتك بهم الجوع والأمراض من ملايين اليمنين، خاصة الأطفال.
حرب وأزمة
بدأت حرب اليمن في 2014، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 دعماً للحكومة المعترف بها بعد سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة، بينها صنعاء.
وتسببت الحرب في ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وذلك منذ تدخل التحالف السعودي-الإماراتي لإعادة الحكومة التي أطاحت بها جماعة الحوثي.
ويعود ذلك لأن الحرب تهدد خطوط الإمداد التي يدخل عبرها الغذاء إلى سكان اليمن البالغ عددهم ثلاثين مليونا تقريبا.
حصيلة الضحايا
منذ بدء عمليات التحالف السعودي الإماراتي قتل أكثر من عشرة آلاف شخص، وجرح نحو ستين ألفا آخرين، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فمن لم يمت بالرصاص والقنابل يموت جوعا.
وبحسب منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية، فإن نحو 85 ألف طفل تحت سن الخامسة ربما لقوا حتفهم جراء الجوع الشديد في اليمن منذ بدء التدخل العسكري للتحالف السعودي الإماراتي.
وتقول المنظمة إنه مقابل كل طفل تقتله القنابل والرصاص، يموت عشرات آخرون من الجوع والمرض، وكل هذا يمكن الوقاية منه”.
خطر المجاعة
تقول الأمم المتحدة إن نحو 14 مليون شخص، أو نصف سكان اليمن، قد يواجهون قريبا مجاعة، أما برنامج الأغذية العالمي فقد ذكر في بيان أمس الخميس أن مسحا عن الأمن الغذائي باليمن أظهر أن أكثر من 15 مليون نسمة إما يعانون من “أزمة” أو “حالة طارئة”، وأن العدد قد يزيد إلى عشرين مليونا ما لم تصلهم معونات غذائية بشكل ثابت.
ووجد أيضا المسح -الذي أجراه خبراء يمنيون ودوليون في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وفقا لنظام دولي لتصنيف أزمات الغذاء- أن نحو 65 ألفا يعانون من “كارثة” غذائية، أو أنهم قرب مستويات المجاعة، وأن معظمهم يعيشون في مناطق الصراع.
وقال برنامج الأغذية إن العدد قد يزيد إلى 237 ألفا ما لم تصل مساعدات غذائية.
أمراض وأوبئة
أصاب القتال المستمر منذ نحو أربعة أعوام بين التحالف السعودي الإماراتي وجماعة الحوثي نظام الرعاية الصحية وأنظمة الصرف الصحي في اليمن بالشلل، مما أدى إلى تفشي الأوبئة والأمراض.
وتفيد تقارير بوجود ما يقدر بـ1.2 مليون حالة كوليرا، و2515 حالة وفاة منذ عام 2017، وبحسب ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في اليمن ميريتشل ريلانو فإنه جرى تسجيل أكثر من 250 ألف حالة كوليرا و358 حالة وفاة بسبب الوباء منذ بداية عام 2018، كما يمثل الأطفال 30% من الإصابات بالكوليرا.
وبحسب المنظمة ذاتها، فإن نحو 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
نزوح وتهجير
يعد النزوح أحد أكبر عواقب النزاع في اليمن، وفقا للأمم المتحدة، وأوضحت أن هناك نحو 2.3 مليون شخص نازح حاليا في جميع أنحاء اليمن، بينهم أكثر من نصف مليون فروا من النزاع في محافظة الحديدة منذ يونيو/حزيران الماضي.
انهيار الخدمات
حرمت الحرب الدائرة في البلاد الملايين من أبسط مقومات الحياة، ولم تترك لهم سوى خيار العودة إلى الأساليب البدائية للطبخ والإنارة وغيرهما.
وتعاني معظم محطات الكهرباء التابعة للدولة، والتي تنتج التيار بالوقود الثقيل (ديزل ومازوت) من التهالك وتقادم العمر وخروج محركاتها عن الخدمة، فضلا عن تعرضها للتلف والحاجة إلى صيانتها.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمادة الديزل المشغلة لمحطات توليد الكهرباء تنفد كثيرا؛ مما يؤدي إلى ازدياد ساعات الانقطاع.
وبسبب الحرب، هناك 8.6 ملايين طفل لا يحصلون بشكل منتظم على مياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي والنظافة العامة، مما وفر بيئة مناسبة لتفشي الأمراض، وفق اليونيسيف.
ناقوس الخطر
دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، واعتبرت أن “البلد الذي يواجه أكبر مشكلة عام 2019 سيكون اليمن”، وأعربت عن اعتقادها أن 24 مليون شخص في اليمن -أي 75% من السكان- سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، يأتي ذلك في وقت تتعلق فيه الآمال بالمفاوضات الجارية في السويد؛ علها ترأب الصدع وتسهم في إنهاء سنوات الحرب الثقيلة.
المصدر : الجزيرة + وكالات