اندلعت مواجهات عنيفة في رام الله بين الجيش الإسرائيلي ومتظاهرين حاولوا منع القوات الإسرائيلية من التقدم في مناطق مختلفة من المدينة بعد اقتحامها بغرض السيطرة على تسجيلات كاميرات خاصة بالمؤسسات والمتاجر بحثا عن منفذي عملية إطلاق النار على إسرائيليين قرب المدينة.
واشتبك شبان غاضبون مع قوات الاحتلال التي اقتحمت المدينة عند المدخل الشمالي وفي حي الإرسال حيث مقار الرئاسة والسلطة وفي حي المصايف، ما أدى إلى إصابات.
وعمل الجيش الإسرائيلي في قلب رام الله لساعات طويلة، تمكن خلالها من السيطرة على تسجيلات لكاميرات مراقبة منتشرة في الشوارع وخاصة بالمؤسسات والمنازل والمحلات التجارية. كما استولى الجيش على تسجيلات تابعة لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» ومؤسسات أخرى ومحلات تجارية في شارع الإرسال وقريتي أبوقش وسردا شمالا.
وقالت الوكالة الرسمية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مبناها في حي المصايف بمدينة رام الله ومنعت الموجودين داخله من المغادرة.
وأضافت: «دققت قوات الاحتلال في هويات الموظفين الموجودين في مكاتبهم ومنعتهم من مغادرته، واحتجزتهم في مكتب التحرير. كما اقتحمت غرفة الخوادم الإلكترونية في قاعة التحرير واستعرضت تسجيلات كاميرات المراقبة في الوكالة، واتخذت من غرف الوكالة مواقع لإطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والصوت تجاه الشبان الذين يحيطون بالمبنى». وبحسب الوكالة فقد استهدفت قوات الاحتلال الموظفين بقنابل الغاز المسيل للدموع، ومنعت مصوري الوكالة من ممارسة عملهم، بعد اقتحام مكتبي التصوير والتحرير ومقر الإدارة العامة للشؤون الإدارية.
وتريد إسرائيل من خلالها الحصول على التسجيلات، تعقب سيارة فلسطينية أطلقت منها النيران على مستوطنين قرب رام الله، فأصيب 7. بينهم إصابة واحدة خطيرة.
ونفذت العملية في وقت متأخر ليل الأحد حين كان مستوطنون ينتظرون في موقف قرب مستوطنة عوفرا شمالي رام الله.
ووصلت سيارة مسرعة إلى المكان قبل أن تبطئ ويطلق شبان بداخلها النار تجاه المستوطنين ثم يلوذون بالفرار.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن فلسطينيا أو 2 أطلقوا النار على مجموعة من الإسرائيليين كانوا يقفون عند محطة للحافلات.
وقال الجيش الإسرائيلي: «أطلقت أعيرة نارية من سيارة فلسطينية مسرعة على مدنيين إسرائيليين كانوا يقفون عند محطة للحافلات… رد جنود كانوا موجودين على مقربة، بإطلاق النار صوب العربة المشبوهة التي لاذت بالفرار». وتابع بيان الجيش أن القوات الإسرائيلية ما زالت تبحث عن المهاجمين.
وأغلقت إسرائيل أمس، شوارع ونصبت حواجز كما فرضت طوقا حول رام الله بحثا عن المهاجمين. وقال ناطق عسكري «إن المساعي تتركز في المسار الاستخباراتي الآن»، مضيفاً أن «الجهود ستستمر إلى حين إلقاء القبض عليهم». واسفرت المواجهات في انحاء رام الله عن جرح 11 شاباً فلسطينياً.
وكانت امرأة حامل عمرها 21 عاما، أصيبت من بين المستوطنين وخضعت لاحقا لعملية قيصرية لإنجاب الجنين. وأصيب في العملية شخصان بجروح متوسطة، أحدهما زوج الشابة، وأصيب 4 آخرون بجروح طفيفة. وركز المسؤولون الإسرائيليون على حالة المرأة الحامل وجنينها.
وتعهد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوصول إلى منفذي العملية. وقال معقباً: «لن نرتاح حتى نصل للقتلة… سنعمل بسرعة من أجل الوصول إليهم». كما استغلت جهات إسرائيلية العملية من أجل الدعوة إلى دفع خطط استيطانية.
ودعت وزير القضاء الإسرائيلية إيليت شاكيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى تسوية قانونية لمستوطنة «عوفرا» في رام الله. وقالت شاكيد «هناك أمران يجب القيام بهما… تغيير وضيعة المستوطنة ووقف الأموال عن المنفذين».
ولاحقا أصدر «حزب البيت اليهودي» بيانا دعا فيه إلى شرعنة مستوطنة عوفرا ردا على إطلاق النار الذي وقع في محطة حافلات عند مدخل المستوطنة.
وجاء في البيان: «ينادي حزب البيت اليهودي رئيس الوزراء لتنظيم مستوطنة عوفرا فورا ومنحها مكانة بلدة عادية في بلادنا».
وقال الحزب المتشدد الديني بأن الرد الملائم على هذه الهجمات هو «تعزيز المستوطنات»، مضيفاً أن «رأيا قانونيا لشرعنة عوفرا جاهز». وأقيمت مستوطنة عوفرا عام 1975 على أراضٍ فلسطينية خاصة. وأثار الهجوم الجديد مخاوف إسرائيلية من عودة العمليات تدريجيا إلى الضفة الغربية. ويعود آخر هجوم استهدف إسرائيليين في الضفة الغربية إلى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين أصاب فلسطيني ثلاثة جنود دهساً بسيارته، لكن قبل ذلك سجلت في غضون شهرين حالات طعن وقتل إسرائيليين بالرصاص في المنطقة الصناعية بركان شمال الضفة.
ترحيب من «حزب الله» و«حماس»
وفي حين التزمت السلطة الفلسطينية الصمت تجاه العملية باركتها كل من «حماس» و«الجهاد». واشاد «حزب الله» اللبناني بالعملية. ولم تعقب الرئاسة الفلسطينية على العملية رغم طلب الولايات المتحدة ذلك. واستنكر المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات العملية واصفا إياها بـ«البشعة». وفي تغريدة على «تويتر» تساءل: «هل سيشجب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هذه المرة هذا الاعتداء أم لا؟».
وعادة لا تعقب الرئاسة على عمليات تستهدف مستوطنين في الضفة الغربية لكنها تدين أي عمليات أخرى في إسرائيل.
أما حركة «حماس» فأشادت بعملية إطلاق النار، ووصفت في بيان العملية بأنها «بطولية»، وقالت إن «الضفة الغربية تأخذ اليوم زمام المبادرة في مقاومة الاحتلال، والرد على اعتداءاته المستمرة بحق أبناء شعبنا».
وأضافت أن العملية «تأكيد على حق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال، في الوقت الذي حاول فيه الاحتلال وبالتعاون مع الإدارة الأميركية تجريمه». كما باركت «حركة الجهاد الإسلامي» العملية «الجريئة والنوعية والتي حملت رسالة الوفاء لشعبنا في ذكرى انتفاضة الحجارة، وخاطبت العالم الذي لا يسمع سوى رواية وصوت العدو الصهيوني لتؤكد للعالم أن مقاومتنا المشروعة لن يوقفها انحياز قوى الشر مع الاحتلال».
وأكدت الحركة في بيان على «استمرار المقاومة في كل ساحات الوطن»، مشيرة إلى ضرورة البناء على نجاحات المقاومة سياسيا ووطنياً بما يمكن من إعادة الوحدة لمواجهة التحديات التي تعصف بقضيتنا الفلسطينية.
ودعت الدول العربية والإسلامية و«كل القوى الحية في أمتنا إلى التموضع من جديد في الخندق المناصر والداعم للقضية الفلسطينية وللمقاومة».