تعمل حركة حماس بنسق متصاعد على تأجيج الوضع في الضفة الغربية، لإحراج كل من حكومة بنيامين نتنياهو والسلطة الفلسطينية. وتراهن حماس على الشعور المتعاظم بالاحتقان لدى سكان الضفة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانونها، فضلا عن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة من اعتقالات واقتحامات وسط عجز واضح من الرئيس محمود عباس في التعاطي مع الوضع.
وتتبع الحركة في الضفة مسارين يتلاقيان في الهدف ذاته وهو القيام بعمليات مخططة وممنهجة تركز على استهداف الجنود الإسرائيليين وهو ما ترجم في عمليتي “عوفرا” الثانية، والأولى، وعملية “البركان”، مع تجييش السكان للتظاهر، وهو ما بدا واضحا في المظاهرات التي خرجت الجمعة.
ومنعت قوات الأمن الفلسطينية الجمعة تظاهرة لمناصري حماس وسط مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، موضحة أنها قامت بذلك لأن التحرك كان “ضد السلطة الفلسطينية وليس ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وواصلت القوات الإسرائيلية الجمعة مطاردة فلسطينيين نفذوا هجمات في اليومين الأخيرين، وذلك بعد أشهر من الهدوء النسبي في الضفة الغربية.
وقتل جنديان الخميس وأصيب جندي ومستوطنة بجروح بالغة حين ترجل شخص من سيارته وأطلق النار على موقف للحافلات قرب مستوطنة جعفات آساف القريبة من رام الله، وهي منطقة تجاور فيها المستوطنات الإسرائيلية القرى الفلسطينية. ولاذ مطلق النار بالفرار.
حماس تستغل في نقاط ضعف السلطة وفي حال استمرت الأخيرة في سياساتها فإن الحركة قد تسحب منها البساط
وبث ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر رجال أمن فلسطينيين يستخدمون الهراوات ضد متظاهرين ومتظاهرات في مدينة الخليل. وأكد الناطق باسم الأجهزة الفلسطينية عدنان الضميري أن الأجهزة الأمنية منعت بالفعل هذه التظاهرة في مدينة الخليل.
وقال “كانت هناك دعوة من القوى الوطنية والإسلامية للتوجه إلى نقاط التماس (مع إسرائيل)، ونحن لم نعترض أي متظاهر توجه إلى نقاط التماس”. وتدارك “لكن حركة حماس وحزب التحرير تظاهرا ضد السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وسط المدينة وليس ضد الاحتلال، لذلك نعم قمنا بمنع” التظاهرة.
والضفة الغربية هي مقر السلطة الفلسطينية، في حين تسيطر حماس على قطاع غزة منذ مواجهات دامية مع مقاتلي حركة فتح عام 2007 أدت إلى طرد السلطة من غزة.
ويرى مراقبون أن تحركات حماس في الضفة تشكل إحراجا كبيرا لعباس، الذي باتت شعبيته تتآكل بشكل واضح، نتيجة سياساته المعززة للانقسام واحتكاره سلطة القرار الفلسطيني، ويشير هؤلاء إلى أن حماس تدرك هذا الواقع وهي تعمل على تعميقه، الأمر الذي سيشكل معضلة كبيرة بالنسبة إلى رام الله.
كما يشير المراقبون إلى أن حماس تطمح إلى مزاحمة السلطة الفلسطينية في ملعبها، والتحول إلى رقم مؤثر سواء داخليا أو خارجيا، وقد حاولت الوصول إلى هذا الهدف بداية عبر التسويق لصورة مغايرة لها أمام المجتمع الدولي والدول الإقليمية بتبرئها من جماعة الإخوان المسلمين، وأيضا عبر الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، لكن ذلك لم يحقق لها الهدف المأمول.
وعمدت حماس إلى المراهنة على عقد هدنة مطولة مع إسرائيل في قطاع غزة، معولة بداية على الدورين التركي والقطري، ومن ثم مصر وإن بشروط مختلفة، بيد أنها لم تحقق النجاح المطلوب حيث تريد إسرائيل هدنة وفق شروطها وليس بشروط حماس.
ومنذ فترة بدأت الحركة تركز أنظارها على الضفة الغربية بالقيام بعمليات مسلحة مخططة مسبقا وقد أعلنت الخميس عن تبني عدد منها، فيما بدا محاولة لإنشاء قاعدة شعبية صلبة تلتف حولها، تنافس من خلالها السلطة الفلسطينية “المهترئة” وتخول لها الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو التي تتعرض هذه الأيام لضغوط نتيجة العمليات المسلحة المتصاعدة في الضفة.ويقول سياسيون إن حماس تستغل نقاط ضعف السلطة الفلسطينية وأنه في حال استمرت الأخيرة في سياساتها فإن الحركة قد تسحب منها البساط، وأنه لا يمكن الرهان على الموقف الدولي، وإن كان الأخير لا يزال يتحفظ على التعاطي معها.
ورفضت المحكمة الأوروبية العامة الجمعة طعنا تقدمت به حركة حماس احتجاجا على تصنيفها من قبل الاتحاد الأوروبي منظمةً إرهابية. ويعد حكم المحكمة التي مقرها لوكسمبورغ المرحلة الأخيرة من معركة قانونية طويلة بين الاتحاد الأوروبي وحماس.
وقالت ثاني أعلى محكمة أوروبية الجمعة “بحكمها اليوم … ترفض المحكمة العامة طعن حماس بخصوص قرارات المجلس (الأوروبي) بين عامي 2010 و2014 و(كذلك) في عام 2017”. وأوضحت إنّ الاتحاد الأوروبي يحق له إدراج حماس على قائمة الكيانات الإرهابية استنادا إلى قرار اتخذه وزير الداخلية البريطاني.