توسعت دائرة الاحتجاجات في السودان، وخرجت من بعدها المطلبي المباشر، وأصبحت بمضامين سياسية تطالب بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير، خاصة بعد أن انضمت إليها المعارضة.
وأعلن تحالف المعارضة السودانية، الذي يضم عددا من الأحزاب، منها “الشيوعي” و”البعث العربي”، أن قوات الأمن اعتقلت في الخرطوم 14 من قياداته، على رأسهم فاروق أبوعيسى.
وقال زعيم حزب الأمة المعارض في السودان الصادق المهدي في مؤتمر صحافي، السبت، “في السودان نحن نقول الشعب يريد نظاما جديدا”.
وأعلن المهدي عن سقوط 22 قتيلا جراء الاحتجاجات المتصاعدة، حاثا على تقديم مذكرة للحكومة تحتوي مشروع نظام بديل للحكم الحالي.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تجدد الاحتجاجات في مدينتي القضارف (شرق) والأبيض (جنوب)، فيما خرج طلاب جامعة الجزيرة بمدينة مدني (وسط) في مظاهرات.
ولم تجد السلطات سوى اللجوء إلى نشر قوات الأمن والجيش حول المناطق الحيوية، خاصة مراكز السيادة لمنع اقتحامها من المتظاهرين الغاضبين.
وقال مساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم، السبت، إن الرئيس عمر البشير عقد، الجمعة، اجتماعا ضم نائبيه ومدير جهاز الأمن ووزير شؤون الرئاسة ووزيري الدفاع والداخلية ورئيس البرلمان، لبحث أزمة الاحتجاجات في البلاد.
وأضاف “تقرر خلال الاجتماع حراسة المنشآت الحيوية بواسطة الجيش السوداني، واستمرار تعليق الدراسة في كل مستوياتها، لأن الذين بدأوا التخطيط للاحتجاجات يستهدفون إحداث خسائر كبيرة وسط الطلاب وصغار السن”.
وأقر فيصل بوجود أزمات في الخبز والوقود، وبالمقابل نفى حجب الحكومة لأموال الناس.
والجمعة، أعلن وزير التعليم العالي الصادق الهادي المهدي، تعليق الدراسة في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة بالخرطوم.
وتباطأت خدمات الإنترنت واتهم نشطاء الحكومة بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي لمنع المحتجين من التواصل. وحملت السلطات من وصفتهم بـ”المندسين” مسؤولية الاحتجاجات.
وتقول أوساط سودانية إن الاحتجاجات القوية والتي بدأت رقعتها تتسع يوما بعد آخر، لا يمكن أن تجارى بالوعود كالسابق، مشيرة إلى أن رهان البشير على الخارج لن يحل مشكلات هيكلية عميقة يعيشها السودان منذ ثلاثين عاما من حكم الإنقاذ الإسلامي.
وفي محاولة لامتصاص الغضب والظهور بمظهر الباحث عن “حلول سريعة”، اتصل البشير بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وتلقى وعودا بتقديم “الدعم المطلوب”، وفق ما جاء في بيان للرئاسة السودانية. وقال البيان إن البشير “طمأن الشيخ تميم على هدوء الأوضاع في البلاد وسعي القيادة وحكومة الوفاق الوطني إلى معالجة أسباب الأزمة”.
والجمعة، اتسعت دائرة الاحتجاجات المنددة بالأوضاع الاقتصادية المتردية وغلاء الأسعار، في مدينتي ربك (مركز ولاية النيل الأبيض)، والأبيض (مركز ولاية شمال كردفان)، جنوب العاصمة الخرطوم، وعطبرة (ولاية نهر النيل/ شمال).
وقال شهود إن طلابا كانوا يحتجون، السبت، في مدينة الرهد أضرموا النار في مكتب الحزب الحاكم ومبان رسمية أخرى وأغلقوا لفترة وجيزة الطريق الرئيسي المتجه إلى الخرطوم، الواقع على بعد نحو 370 كيلومترا باتجاه الشمال الشرقي.
وقال الشهود إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وتجمع المحتجون في عدة أحياء في شرق الخرطوم وفي مدينة ود مدني.
ومنذ الأربعاء، تشهد مدن سودانية مظاهرات توسعت الخميس، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص بحسب السلطات، فيما قالت المعارضة إن عدد القتلى بلغ 22 شخصا.
وكانت الحكومة السودانية قالت إن المظاهرات السلمية خرجت عن مسارها بفعل من وصفوا بـ”المندسين”.
وأضافت في بيان نشرته وكالة السودان للأنباء (سونا)، أن “المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها، وتحولت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة”.
ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية تجاوزت أحيانا 60 جنيها مقابل الدولار الواحد.