تحدت الديموقراطية نانسي بيلوسي الرئيس دونالد ترامب فور عودتها التاريخية إلى رئاسة مجلس النواب أول من أمس، بحصولها على موافقة الغالبية الجديدة على إجراءات تهدف إلى إنهاء «الإغلاق» الذي يشل عدداً من الإدارات الأميركية.
لكنّ الرئيس الأميركي يعارض بشدة هذين الإجراءين لأنهما لا يلحظان تمويلاً بقيمة خمسة بلايين دولار لبناء الجدار الحدودي الذي يريده مع المكسيك ويرفضه الديموقراطيون.
وهذه الإجراءات التي تنذر بالمواجهة في السنتين الأخيرتين من ولايته الرئاسية، لن تمر على الأرجح في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حزبه الجمهوري.
وبالنســــبة لنانسي بيلوســــي والديموقراطيين، يتعلق الأمر بأن يبرهنوا عن حس «بالمسؤولية» عبر بذلهم كل الجهود للخروج من مأزق الموازنة، بينما يواصل ترامب ما يعتبرونه «نزوات».
ويفترض أن يلتقي الطرفان في البيت الأبيض لمحاولة التوصل إلى حل «للإغلاق» الذي يشل 25 في المئة من الإدارات الفدرالية منذ أسبوعين تقريباً.
وكانت بيلوسي اعترفت عند تسلمها مهماتها بأنه «يجب ألا نتوهم، عملنا لن يكون سهلاً (…) نعد بأن نحترم بعضنا عندما نختلف».
وكانت بيلوسي تولت رئاسة مجلس الشيوخ من 2007 إلى 2011 وأصبحت بذلك أول امرأة تشغل هذا المنصب الأساسي في تاريخ البلاد.
وبعد حالة من الفوضى تخللها بكاء رضيع، أقسمت بيلوسي (78 سنة) التي انتخبت بغالبية 220 صوتاً، اليمين محاطة بأحفادها وأبناء أعضاء آخرين جاؤوا لحضور المراسم.
بدأ الكونغرس الـ116 في تاريخ الولايات المتحدة ظهر أول من امس رسمياً دورته. وهو يضم 435 عضواً في مجلس النواب ومئة عضو في مجلس الشيوخ.
أمام المجلس الجديد الذي يضم عدداً قياسياً من النساء ومن أفراد أقليات رحبت بيلوسي بالأعضاء الجدد الذين «سيعززون بفضل تفاؤلهم ومُثُلهم الديموقراطية».
وبعدما أكدت أنها تعود إلى منصبها و«كلها ثقة في المستقبل»، أقرت بما ينتظرها من «تحديات»، وقالت إنها تريد حماية الطبقة الوسطى بينما نجح ترامب في 2016 بإغراء بعض الذين خاب أملهم في «الحلم الأميركي»، لكنها وجهت أيضاً رسالة انفتاح حيال المهاجرين.
وحول البيئة، استخدمت بيلوسي لهجة قاسية بينما أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس. وقالت: «علينا أن نهتم بالتهديد الوجودي في عصرنا: أزمة المناخ».
وفي مجلس الشيوخ، ترأس الجلسة نائب الرئيس مايك بنس خلال أداء الأعضاء القسم وسط تصفيق.
وينذر الخلاف حول «الإغلاق» بمعارك شرسة مقبلة بين الديموقراطيين والبيت الأبيض، ويعد بتحقيقات برلمانية عديدة.
وعلى رأس اللائحة الشبهات بتواطؤ بين موسكو وفريق حملة ترامب الانتخابية في 2016 بينما يسمم ولاية الرئيس منذ بدايتها تقريباً التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر.
وبسيطرتهم مجدداً على مجلس النواب، سينتزع الديموقراطيون عملياً رئاسة لجان برلمانية تتمتع بسلطات واسعة للتحقيق وخصوصاً استدعاء شهود للإدلاء بإفاداتهم وإصدار أوامر بتقديم وثائق. وقد وعدوا أساساً بأن يطلبوا من الرئيس الثري تقديم بياناته الضريبية.
ووراء كل هذا الاضطراب، إمكانية إطلاق إجراءات إقالة أو «عزل» قد ترتسم معالمها بوضوح.
لكن بيلوسي استبعدت حالياً هذه الفكرة مؤكدة أنها تريد انتظار نتائج التحقيقات أولاً. وبيلوسي المعروفة بحسها التكتيكي، ستسعى إلى تحقيق التوازن بين الشباب المنتخبين حديثاً الذين يدفعون باتجاه «مقاومة» ترامب، والديموقراطيين الأكثر اعتدالاً الذين فازوا في دوائر مؤيدة لترامب.
وفي احترام للتقاليد، كتبت بيلوسي بتغريدة في «تويتر»: «دعوت دونالد ترامب إلى إلقاء خطابه عن حال الاتحاد أمام دورة مشتركة للكونغرس في 29 كانون الثاني (يناير) 2019». ونشرت صورة للدعوة التي وجهتها إلى رئيس الولايات المتحدة.
وتقليدياً، يدعو رئيس مجلس النواب سيد البيت الأبيض إلى إلقاء هذا الخطاب السنوي أمام مجلسي النواب والشيوخ.
وتجاهل ترامب لدقائق المعركة حول بناء الجدار على حدود المكسيك ليهنئ بيلوسي على انتخابها، معبراً عن أمله في العمل معها خصوصاً في مشاريع كبرى للبنى التحتية.
الحياة