تتجه السعودية إلى استثمار مليون هكتار من الأراضي العراقية بهدف تحويلها إلى حقول ومزارع لتربية الأبقار والماشية والدواجن، لتكون بذلك أكبر مشروع استثماري زراعي في العراق على الإطلاق مستفيدة من تجارب شركاتها مثل المراعي، بحسب ما أوردت وكالة الأناضول.
ومن المتوقع أن يقام المشروع في باديتي محافظة الأنبار غربي البلاد وصولا إلى الجنوب بمحافظة المثنى.
وتقع الأنبار والمثنى على حدود السعودية الشمالية والشمالية الشرقية مباشرة، ويجري تداول المشروع في المجلس التنسيقي المشترك بين البلدين الذي تأسس في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
ونقلت وكالة الأناضول عن المحلل العراقي أحمد الميالي قوله “من الأفضل أن يكون للسعودية دور في الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية بالعراق بدلا من لعب دور سلبي كما حدث خلال عامي 2012 و2013 عندما دعمت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة”.
وأضاف “من المهم نقل التنافس الإقليمي في العراق من السياسي إلى الاقتصادي، وفتح المجال أمام مختلف الدول بشكل متوازن للعمل في العراق”.
وأبرم المجلس التنسيقي المشترك بين البلدين 16 مذكرة تفاهم حتى الآن أفضت أربع منها إلى اتفاقات على أرض الواقع، بينها تسيير رحلات جوية وخط نقل بحري.
وأثار الدور المتعاظم لإيران في العراق مخاوف سعودية كبيرة، وتشعر الرياض بأن طهران باتت تحاصرها في حدودها الشمالية، لذلك فإن المشروع ربما يكون فرصة ذهبية للسعودية لتأمين حدودها وإيجاد موطئ قدم في العراق ومجابهة النفوذ الإيراني كما تقول وكالة الأناضول.
دوافع المشروع
وقال الميالي إنه ربما تكون لدى السعودية دوافع أمنية وسياسية من هكذا مشروع، فهي تنظر إلى العراق بأنه يشكل منطقة أمن قومي بالنسبة لها بحكم الجوار والامتداد المذهبي في بعض المحافظات.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الزراعية العراقية حميد النايف للأناضول إن أي دولة عربية وضمنها السعودية تريد أن تستثمر في العراق سنفتح لها الأبواب لأن الإمكانيات العراقية محدودة.
وأشار إلى أن من شأن المشروع امتصاص البطالة وتشغيل آلاف المزارعين والعاطلين عن العمل والبيطريين، وكل هذا يخدم البلد بدون شك.
لكن النايف أقر بالمخاوف بشأن الاستثمارات في العراق فقال “رأس المال جبان، وكل مستثمر يريد ضمانات تخدمه، لذلك فإن الكلام يكون أسهل من تنفيذ المشروع على أرض الواقع”.
وأضاف “الكثير من الدول العربية أبدت استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار العراق بعد حرب تنظيم الدولة الإسلامية والقيام بمشاريع استثمارية، ولكن السؤال هنا: متى ستأتي؟ نحن نريد إبرام عقود فعلية وليس الاقتصار على الوعود وتبادل زيارات الوفود الرسمية دون جدوى”.
وتعول الحكومة العراقية على المشروع لتحويل البادية شبه الصحراوية إلى أراضٍ زراعية منتجة يمكن أن تتحول إلى سلة غذاء عالمية بسبب مستويات المياه الجوفية المرتفعة.
وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيوفر فرص عمل لما لا يقل عن ستين ألف شخص، وسيغطي الحاجة المحلية للعراق من المنتجات الزراعية والحيوانية، فضلا عن تصدير الفائض.
وتبلغ نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في العراق 27% من إجمالي مساحة البلاد، أي ما يعادل 48 مليون دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، غير أن المستغل منها فعليا لا يتجاوز 12 مليونا فقط.
ويستورد العراق ما يزيد على 75% من احتياجاته الغذائية، و91% من السلع الأخرى من خارج البلاد، مما يشكل ضغطا كبيرا على ميزانيتها التي تغطيها إيرادات بيع النفط.
جذب رؤوس الأموال
من جانبه، قال وكيل وزارة الزراعة العراقية السابق مهدي ضمد القيسي إن هناك أراضي زراعية مملوكة للدولة جاهزة للاستثمار بالاعتماد على منظومة الري.
وأضاف القيسي للأناضول أن العراق يسعى إلى جذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا المتعلقة بالزراعة لإنعاش هذا القطاع وتوطين الخبرات.
وأشار إلى أن الجانبين السعودي والعراقي لم يبرما حتى الآن أي اتفاق نهائي بخصوص استثمار المليون هكتار.
وأكد القيسي على أن لدى الحكومة العراقية توجها واضحا للانفتاح على دول الجوار سياسيا واقتصاديا وتجاريا.
وتقول الحكومة العراقية إنها بحاجة إلى 88 مليار دولار على مدى عشر سنوات لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ضد تنظيم الدولة على مدى ثلاث سنوات (2014-2017).
المصدر : وكالة الأناضول