في ضوء سلسلة من العمليات التي نفذها المقاومون ضد الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية في الآونة الأخيرة، برزت أسئلة بشأن أفق تلك العمليات واحتمالات تصعيدها وتغيير خريطة المقاومة الفلسطينية وإستراتيجيتها.
وقد أكد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- في تصريحات مسجلة بثتها فضائية “الأقصى” قبل أيام، في ذكرى استشهاد المهندس يحيى عياش (5 يناير/كانون الثاني 1996)، أن الضفة المحتلة تشكل العمق الحقيقي والبعد الأهم في معادلة المواجهة المستقبلية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أبو عبيدة إن كل رصاصة يطلقها تلاميذ المهندس عياش تفتح ثغرة جديدة نحو تحرير القدس والمسجد الأقصى، “فطوبى لأهلنا المقاومين وأبنائنا الأشاوس المطاردين للمحتل بين شوارع الضفة وفي سفوح جبالها الشامخة وكرومها وزيتونها”.
وأكد أن مستقبل المقاومة في الضفة ترسمه “طعنات الأحرار ورصاصات الثوار الرافضين للتدجين والترهيب، القابضين على الجمر، المتمسكين بواجبهم المقدس في المقاومة والدفاع عن أرضهم ومقدساتهم”، واصفا عمليات المقاومة الأخيرة في الضفة “بالضربات الموجعة والخاطفة التي تربك حسابات المحتل وتستنزف طاقاته وتشل كيانه وتفشل مخططاته”.
من جهته يؤكد الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع أن المقاومة في قطاع غزة ليست بديلا عن المقاومة في الضفة، مضيفاً أن “شعبنا الفلسطيني لا يزال تحت الاحتلال وقضيتنا حاضرة وإسرائيل تمعن في الإجرام والقتل في الضفة وغزة والقدس، وبالتالي المقاومة مطلوبة بكل أهدافها وأشكالها”.
عمليات متنوعة
ودعا القانوع في حديثه للجزيرة نت إلى مواجهة عدوان الاحتلال وتهويد القدس بموقف وطني وتفعيل لكافة أشكال المقاومة. وبحسبه، تعول حركة حماس كثيرا على المقاومة بكل أشكالها التي تشمل العمليات المسلحة وعمليات الطعن والدعس، كما تعول على المقاومة الشعبية.
ويضيف “مطلوب من المقاومة المسلحة والعمليات في الضفة أن تتوسع لتلتقي مع المقاومة بكافة أشكالها في غزة ضمن إطار مواجهة ما يسمى صفقة القرن والتحديات التي تواجه شعبنا”.
كما يرى عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أسامة الحاج أنه لا يمكن أن تكون المقاومة في غزة بديلا عن المقاومة في الضفة، فهي مقاومة لاحتلال واحد في كل أماكن تواجده، مؤكداً على ضرورة أن تقطع السلطة الفلسطينية العلاقة مع إسرائيل وتنسحب من اتفاقية أوسلو، وأن تعزز المقاومة بدلا من محاربتها.
المواجهة المباشرة
ويقول الحاج للجزيرة نت إن المواجهة المباشرة والحقيقية تتم في الضفة الغربية، “فالاحتلال ما زال يمارس كل أشكال القمع والتعسف والقتل والاستيطان ويحاول تهجير شعبنا في القدس”، موضحا أن المواجهة المباشرة تمكّن الفلسطينيين من تكبيد الاحتلال أكبر قدر ممكن من الخسائر.
من جهته، يذكر المحلل السياسي محمود مرداوي أن حماس ترى أن المشروع الإسرائيلي يتغول على الحقوق الوطنية، وأن كل محاولات التسوية باءت بالفشل، ولذلك لا يوجد خيار بديل للشعب الفلسطيني سوى الصمود والمقاومة، لافتا إلى أن الضفة الغريبة كانت في عين إستراتيجية حماس ولم تتراجع في يوم من الأيام.
ويضيف “في ظل هذه المعادلة، تصطدم المقاومة في الضفة بعدة مشكلات، أبرزها أن الاحتلال مغطى سياسيا ومدعوم أمنيا وعسكريا من الخارج، ثم مواقف السلطة وإصرارها على التشبث بما يحول دون دخول المقاومة حيز التنفيذ من خلال التنسيق. لكن ورغم كل هذه العقبات فإن المقاومة مستمرة في الضفة بوتيرة جيدة”.
ويرى مرداوي أهمية رسالة القسام في التأكيد مجدداً أن الشعب الفلسطيني يرفض الاحتلال، ويقول إنه في حال تعزيز المقاومة بشكل أكبر في الضفة، سيتكبد الاحتلال خسائر فادحة. وأضاف أن التغول الاستيطاني بين القرى والمدن الفلسطينية يساعد على جعل المستوطنين والجيش الإسرائيلي أهدافا ثابتة ومتحركة للمقاومة.
أما اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي فيرى أن المقاومة المكبلة في الضفة يصعب استمرارها في ظل وجود سلطة فلسطينية تنسق مع إسرائيل أمنياً، داعياً إلى الاتفاق على إستراتيجية كفاحية للمقاومة، ومقاطعة الاحتلال في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية وغيرها.
وأكد الشرقاوي في حديثه للجزيرة نت أن العمل الفردي المقاوم بالضفة بحاجة للانضمام إلى إستراتيجية كفاحية، “فاليوم لا ينبغي ترك الشباب وحدهم.. يجب الاتفاق على عنوان كفاحي للمقاومة، ويجب توفير حاضنة للمقاومة، فلا نستطيع اليوم أن نتحدث عن مقاومة في الضفة في ظل وجود التنسيق الأمني، وبدون إستراتيجية موحدة”.
ويضيف أن “الاحتلال يولي الضفة أهمية كبيرة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال: لا معنى لوجودنا في حيفا ويافا فقط.. وجودنا التوراتي في يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية)”.
الجزيرة