أنقرة – يلف الغموض الموافقة المفاجئة لواشنطن على إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا محاذية للحدود مع تركيا، وسط تساؤلات إن كانت مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءا من اسراتيجية واشنطن لتأمين الانسحاب أم هي مناورة لامتصاص الغضب التركي وإلهاء أنقرة في مناقشة مبادرة يصعب تنفيذها في ضوء تغيرات الملف السوري.
وكانت تركيا قد يئست من إمكانية الموافقة على بناء منطقة عازلة من قبل الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لكنّ ترامب ذا المزاج المتقلب أعاد إحياء الفكرة لدى الأتراك الذين عبروا عن الاستعداد لتنفيذها مطالبين واشنطن وحلفاءها في التحالف الدولي ضد داعش بالدعم المالي واللوجستي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن، الثلاثاء، بأن تركيا والولايات المتحدة توصلتا إلى تفاهم له أهمية تاريخية بشأن إقامة منطقة عازلة في سوريا، وذلك خلال الاتصال الذي أجراه بنظيره الأميركي، الاثنين.
ونقلت مصادر إعلامية تركية عن أردوغان القول، أمام الكتلة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية، إنه أبلغ ترامب بأن تركيا ستقوم بدورها لتسوية الأمور المتعلقة بسوريا.
وتعتقد مصادر دبلوماسية غربية أن ترامب يسعى لإيجاد غطاء ميداني لانسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا من خلال إيجاد صيغة تحمي “وحدات حماية الشعب” الكردية المتحالفة مع واشنطن والتي تعتبرها أنقرة فرعا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا، وتمنح تركيا في الوقت نفسه ضمانات ميدانية تحمي أمنها.
وكان البيت الأبيض ذكر، الاثنين، أن ترامب أكد خلال الاتصال على أهمية ألا “تسيء” تركيا معاملة الأكراد أو غيرهم من الجماعات التي قاتلت إلى جانب القوات الأميركية في سوريا ضد تنظيم داعش.
وعلى الرغم من أن أمر إقامة هذه المنطقة يتم بمداولات تركية أميركية، إلا أن المراقبين يطرحون تساؤلات حول موقف شركاء تركيا في عملية أستانة، إيران وروسيا، كما يطرحون أسئلة عن مصادر تمويل هذه المنطقة.
ويشكك بعض المحللين في إمكانية إقامة المنطقة العازلة دون تفاهمات دولية إقليمية كبرى. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد كشف، الاثنين، عن قيامه بمحادثاته مع كافة الأطراف المعنية حول رغبة واشنطن في إقامة “منطقة عازلة”.
وقال بومبيو للصحافيين قبل أن يغادر الرياض إن هذه المحادثات تتعلق بشكل هذه المنطقة الأمنية، التي كان ترامب دعا إلى إنشائها لتفادي هجوم تركي ضد مناطق سيطرة الأكراد في سوريا.
وتتخوف بعض المراجع التركية من أن يكون ترامب قد رمى بكرة “المنطقة العازلة” إلى الملعب الروسي، بحيث يأتي الاعتراض هذه المرة من موسكو. ويضيف هؤلاء أن جدية الأمر لا يمكن أن تظهر إلا بعد صدور موقف روسي واضح في هذا الشأن.
ويحاول الرئيس التركي أن يحصل على ضوء أخضر من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خاصة أن إقامة منطقة عازلة لا يمكن تمريرها دون موافقة روسيا الماسكة بكل مفاتيح الملف السوري.
وأكد إبراهيم قالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، في مؤتمر صحافي الثلاثاء على عقد قمة جديدة بين اردوغان وبوتين، كاشفا عن أن أردوغان سيتوجه إلى روسيا ليوم واحد لعقد اللقاء الذي سيتناول الوضع في سوريا بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثل الطاقة والاقتصاد والنقل.
العرب