الأنباء التى أشارت إليها صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرا عن طلب البيت الأبيض، ومستشار الأمن القومى جون بولتون من وزارة الدفاع (البنتاجون) تقديم تصور للخيارات المتاحة أمام واشنطن لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، تستند إلى حادثة تعد قديمة نسبيا، وهى إطلاق ثلاث قذائف مورتار من جانب الميليشيات الموالية لإيران فى العراق إلى جوار السفارة الأمريكية فى بغداد فى سبتمبر الماضى، يعنى أقرب إلى افتعال ذريعة لهذا العمل العسكرى، الذى تجتهد الولايات المتحدة حاليا فى حشد الجهود من أجله، سواء بصياغة تحالف إقليمى ضده (الناتو العربي)، أو بتحريك عديد من السفن والبوارج الحربية إلى الخليج العربى، أو بنشر بطاريات الصواريخ المضادة (باتريوت) و(ثاد) فى أكثر من بلد بمنطقتنا.. والحقيقة إن مواجهة إيران لا تحتاج إلى ذريعة؛ فهذه دولة عدم استقرار فى المنطقة تبنى إستراتيجيتها منذ قامت على فكرة خرقاء وشريرة هى تصدير الثورة، وهى تعمل فى سبيلها بكل الوسائل التى تتيح لها التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، سواء كانت نشر التشيع على المستوى الثقافى، أو (على المستوى العسكري) تشكيل الميليشيات والتسليح والتواجه الذى يتيح لها نقل معركة تتوقعها (وربما تريدها) منذ عقود من أراضيها إلى ميادين معارك بالوكالة فى سوريا ولبنان والعراق واليمن، أو عن طريق نشاط اقتصادى ضخم يتمدد فى إفريقيا والبلاد المطلة على البحر الأحمر.. كل هذه أسباب لمواجهة إيران على نحو حاسم، أما افتعال الذرائع بشأن الاتفاق النووى أو قذائف «المورتار» بجوار السفارة الأمريكية فى بغداد فليست الولايات المتحدة مضطرة إليه، وبخاصة أنها تتصرف كما تشاء إزاء بعض الأطراف الدولية من دون ذرائع، والعقوبات الاقتصادية التى تفرضها واشنطن على طهران بسبب صواريخها الباليستية لم تختف وراء ذرائع، وهى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة وتوعد وزير الخارجية الأمريكية بومبيو فى جولته الأخيرة بالمزيد من تشديدها.. الولايات المتحدة تبدو كوميدية حين تبحث عن الذرائع ولكن بحثها ينبغى أن يكون عن التداعيات المحتملة إقليميا ودوليا إن قامت بضرب إيران، أو يكون عن صعوبات جمع قطر مع باقى الدول الخليجية ومصر فى حلف واحد لمواجهة إيران.
الاهرام