فساد بالوثائق : إيقاف فحص البواخر والسفن الداخلة للموانئ العراقية

فساد بالوثائق : إيقاف فحص البواخر والسفن الداخلة للموانئ العراقية

شذى خليل *

     حصل مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية على وثائق مهمة تؤكد هدر المال العام ، وضعف الرقابة الأمنية للناقلات وحاويات وجميع ما يستورده البلد ، كون العراق اصبح بلد مستورد ومستهلك تقريبا لجميع احتياجاته باستثناء الثروة النفطية التي تشكل أكثر من نسبة 95% من إيرادات العراق .
جاء قرار وزارة النقل للسيطرة على اعداد وكميات ونوعيات الواردات الى البلد من خلال عقد مشروع “الفحص والقياس” واستنادا الى قانون النقل 80 لسنة 1983 ، وبموجب قانون الوكالات البحرية لسنة 2012 المعدل للقانون 56 لسنة 1985 ، بأن تقوم وزارة النقل – قسم الوكالات البحرية ، وحسب كتابها الصادر بشهر آذار 2016 / الدائرة الفنية / وقع في 31/ 12/ 2013 ، مع شركة (عراقية / قطاع خاص) وتم بدء المباشرة العمل بعمليات الفحص والقياس بتاريخ 27/12/2014 ، ويعد المشروع دولي وتلتزم جميع الدول بتطبيقية للحفاظ على امنها واقتصادها .

الآن العقد لم ينفذ ، وتلكأ تنفيذه بشكل كبير ، كونه تعارض مع المصالح الشخصية لبعض ضعاف النفوس ، إذ اعترضت شركة تسويق النفط العراقية (سومو) وبعض الشركات الأهلية ، على عمل شركة القياس والفحص ، ومنعتهم من أداء عملهم والصعود الى البواخر ، وبعد الاعتراضات على عمليات الفحص والقياس ، شكل اجتماع ، وتم الاتفاق ان يكون الفحص اختياريا وليس اجباريا ، إذ صدر كتاب رسمي من مقرر القطاع البحري بموجب الاجتماع المرقم 106 في 15/6/2015 ، وان يكون الفحص اختياريا وليس اجباريا ، فقط عند الطلب القانوني لاحد الطرفيين.
وهذا ما أكده كتاب صادر من وزارة النقل ـ قرار وزير النقل في تاريخ 14/ 5/ 2017 العدد 3878 ، الى كافة مكاتب الوكالات البحرية ، بإيقاف العمل بخبراء القياسات ابتداءً من يوم الجمعة المصادف 11/5/2017 ، وبتوقيع المدير العام / وكالة عبد الكريم كنهل علي .

تم صدور كتاب من وزارة النقل / المفتش العام / قسم التحقيق بالعدد 1253 في 2017 /2/28 ، الذي طلب بموجبه تفعيل العمل اجباريا ، وتم تنفيذ العمل بتاريخ 22/4/2017 ، لكن ورد تلكس من الشركة العامة للموانئ ، واستنادا الى وزيرها (السابق) ان يوقف العمل في 14/5/ 2017 .
لكن في كتاب سابق موضوعه “توصيات اللجنة” بتاريخ 16/3/2017 ، العدد ت/ 235 ، وبختم وزارة النقل عدد 3237 بنفس التاريخ ، يذكر ان فحص البواخر والسفن قانون عالمي متفق عليه وواجب التطبيق ، ويجب الالتزام بهذه الإجراءات ، كون السفن والبواخر تدخل مياه إقليمية ، وان يمثل أمن الدولة ، واقتصادها , لكن هامش المفتش العام “قيصر أحمد عكلة” ، يهمش على الكتاب ، ويرى ان الفحص يجب ان يكون اختياري وليس إجباري ، فمن المحتمل أن تكون السفينة حاصلة على شهادة إذن من البلد الذي غادرته ، حسب رائيه”.
ومن ضمن الوثائق المتوفرة لدى مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية أيضا ، كتاب موجه من رئيس مجلس محافظة البصرة وكالة ، الى الشركة العامة للنقل البحري ، بتاريخ 15/11/2018 مطالبا فيه رصد الكميات الصادرة والواردة من المنتجات النفطية والغاز السائل والحمولات المتنوعة المحملة على ظهر البواخر التي في الموانئ العراقية ، فقياس الكميات لجميع السفن والعائمات ، لضمان دقة المعلومات وسلامتها وخدمة للصالح العام .

ثم جاء الرد ضمن العدد 12802 بتاريخ 27/12/2018 قسم الوكالات البحرية وزارة النقل ، بغلت الكميات الصادرة والواردة لشهر تشرين أول 2018 لكافة الموانئ (270747788) طناً ، تتضمن الوقود الصادرة والواردة وجميع الحمولات المتنوعة بما فيها الحاويات .
وبحسب آخر الكتب الصادر من وزارة النقل – الشركة العامة للنقل البحري ، في العدد 11689 بتاريخ 21/11/ 2018 الى مكتب الوزير المطالب بإعادة العمل بمشروع خبراء القياسات ، علما ان المدة القانونية لهذا العقد قد انتهت في 2019/1/5″

الأهمية الاقتصادية للمشروع:
تعد البصرة القلب النابض للاقتصاد العراقي ، فهي تضم خمسة موانئ تجارية نشطة ، أقدمها ميناء المعقل القريب من مركز المدينة ، وأكبرها ميناء أم قصر الذي تم شطره في عام 2010 الى مينائين ، أحدهما شمالي والآخر جنوبي ، كما تحتوي المحافظة على منفذين حدوديين بريين ، هما منفذ سفوان مع الكويت ، ومنفذ الشلامجة مع إيران ، لكن الفساد المالي والإداري جعلها لا تنعم بمواردها .
في العراق يعد مشروع خبراء القياس وطني اقتصادي أمني ، من اجل السيطرة على السفن الداخلة والخارجة للبلاد ، وتحديد كميات الحمولة من وإلى الموانئ ، وعدم التلاعب والغش بمطابقتها للمواصفات ، والكميات التي تحسب من قبل الفاحصين مع المنافيست والوثائق المقدمة من قبل ربان السفينة للجهات المعنية ، بغرض السيطرة على كميات الحمولات ونوعيتها من خلال التنسيق بين الموانئ والكمارك من الناحية الأمنية .
أما الجهات الرقابية ، فتؤكد هيئة النزاهة على ان إجراء الفحص الاجباري مهم جدا لكل الحمولات السائلة والجافة والمتنوعة ، وان عدم الفحص ، أدى الى قيامها بالاعتراض على عمل شركة النقل البحري ، نتيجةً لوجود التلاعب بالكميات المحملة على البواخر ، ومن ثم التهرب الضريبي المدفوع للدولة ، ما يعني تفشي الفساد المالي والاداري في الموانئ ، وذلك بموجب كتابهم العدد م/ن/ 11/ 986 في آب 2015 .

آلية العمل لخبراء القياس:
عندما ترسو السفينة ، تطلب الوثائق الرسمية لها ، والحمولة ، ثم يتم القياس حسب نوع السفينة والحمولة ، فمثلا تتم قياس حمولة الوقود بطريقة ullges or sounding , واعتماد على الوثائق الصادرة من المنشـأ ، وعلى درجة الحرارة وقت القياس ، ويتطلب أخذ عينة وفحصها مختبريا ، لكن العمل تعطل عمليات التفريغ والتحميل ، أما سفن الحاويات ، فيتم حساب الحاويات حسب خطة التحميل ومطابقتها مع طريقة التحميل (صف عمود) ، أما السفن التي تتطلب حساب الغاطس ، فهي سفن الصب والمتنوعة ، بعدها يتم تحرير شهادة الى السفينة ، وأخرى الى مكتب الوكالات في الميناء التي رست فيه السفينة ونسخ الى الجهات المعنية .

وتنفيذ مشروع خبراء القياسات ، وانطلاقا من المصلحة الوطنية العامة ودعم الجانب الأمني ، ومنعا للتلاعب بالكميات المحملة على البواخر والناقلات والوحدات البحرية العائمة (المانفيست / سند الشحن) ، وعدم المطابقة بالحمولة الفعلية المجهزة ، أي منع المخالفات والتجاوزات .
وأن “عمليات التلاعب بأنواع وأحجام وكميات البضائع ، سهلة للغاية ، إذ أن عدم فتح غالبية الحاويات لفحص ما بداخلها من مواد ، وكمية المواد السامة والمخدرة والأدوية الفاسدة والممنوعات بأشكالها المتنوعة ، دخلت البلاد ، بسبب ضعف الرقابة والفساد المالي والرشاوي والتي صلت إلى مئات الآلاف وربما الملايين من الدولارات.
كما يتم التلاعب بأنواع وطرازات مختلف أنواع السيارات الداخلة خلافاً للتعليمات الصادرة ، أو إدخالها كأدوات احتياطية ، ولا يمكن أن تتم هذه العملية أو أية عملية تلاعب أخرى ، من دون موافقة وعلم الدوائر المختلفة المتواجدة داخل الموانئ.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية