ذكر مقال نشرته مجلة نيوزويك الأميركية أن ثمة العديد مما وصفها بالألغام التي نصبها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، قد تؤدي لحرب كارثية في المنطقة.
وضرب المقال الذي كتبه سينا توسي الباحث في المجلس الوطني الإيراني الأميركي جملة من الأمثلة على الألغام، منها تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران في سوريا حيث تبادل الطرفان الضربات الصاروخية، والحرب الشرسة التي تقودها السعودية في اليمن.
”
باراك أوباما:
أعتقد أن أكبر تهديد لهم (الدول السنية) يأتي من الاستياء داخل دولهم
”
وتابع أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون استخدم في العراق التوتر الإيراني الأميركي لبحث خطط لشن ضربات عسكرية على إيران.
وفي خضم هذه الفوضى العارمة، ركزت إدارة ترامب في سياستها بالشرق الأوسط على تعزيز التزامها باحتضان الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، واعتبار إيران هي مصدر مآسي المنطقة.
ويقول الكاتب إن التدخل الأميركي والحروب المشتعلة وانهيار دول في الشرق الأوسط، كل ذلك دمر المنطقة على مر السنوات، مشيرا إلى أن شعوب المنطقة بحاجة إلى تغيير سياسي عضوي وإدارة شؤونهم ومجتمعاتهم بأنفسهم.
فالاعتماد الأميركي منذ زمن على التدخل العسكري والأنظمة الدكتاتورية ساهم في نشر التطرف واليأس السياسي، لذا فإن سياسة رفع اليد يجب أن تكون النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة في المنطقة، لأن التدخل الأميركي فاقم عدم الاستقرار الإقليمي.
الرؤساء الأميركيون اعتادوا منذ الحرب العالمية الثانية على اللجوء إلى القادة المستبدين للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، وآخرهم الرئيس ترامب الذي تجاهل الانتهاكات الحقوقية لشركاء بلاده مثل السعودية ومصر.
كاتب المقال يقول إن البيت الأبيض مخطئ بالاعتقاد أن التعويل على الأنظمة السياسية القمعية التي لا تقدم الكثير في المجال الاقتصادي أو حتى تمثيل شعوبها، يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية.
ويضيف أنه في الوقت الذي سُحقت فيه المكاسب الأولية للربيع العربي، فإن السنوات اللاحقة أثبتت أن الأنظمة القديمة في العالم العربي هشة ومنهكة، محذرا من أن شركاء الولايات المتحدة -السعودية ومصر والبحرين- يعززون بزيادة القمع وملاحقة المعارضين، الانقسامات الاجتماعية في بلدانهم ويتسببون دون أدنى شك في اندلاع ثورات.
”
الكاتب توسي:
السعي المتهور للهيمنة (الأميركية) يقود إلى إمكانية اندلاع حرب أميركية كارثية أخرى في الشرق الأوسط
”
ويستدل الكاتب على ذلك بما قاله الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن “حلفائه السنة كالسعودية” في كلمته بالقاهرة عام 2015: “أعتقد أن أكبر تهديد لهم يأتي من الاستياء داخل دولهم”.
ويضيف الكاتب أن المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط تغير بشكل كبير منذ ذروة أحادية القطب في الولايات المتحدة، حيث تطورت تركيا لتصبح قوة إقليمية مستقلة، وعادت روسيا إلى المنطقة، وتحول الاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة في إستراتيجيته الإقليمية.
الولايات المتحدة لم تعد تقوى على تجنب الدبلوماسية لصالح القطبية الأحادية، فمضيها في الانفراد يقلل من قدرتها على المناورة لأن ذلك سيدفع قوى أخرى للتعاون لموازنة الولايات المتحدة، كما يحدث الآن بدرجات متفاوتة مع إيران وتركيا وروسيا وأوروبا والصين.
وبعيدا عن ضمان الأمان أو الاستقرار -يقول الكاتب- فإن مثل هذا السعي “المتهور للهيمنة” يقود إلى إمكانية اندلاع حرب أميركية كارثية أخرى في الشرق الأوسط.
وأوضح أن الإستراتيجية الأميركية يجب أن تركز على وقف الدعم غير المشروط للأنظمة الاستبدادية وانتهاج المرونة الدبلوماسية، لأن ذلك الدعم يشجع حلفاءها على التصرف بتهور فيعرض بالتالي الأمن الأميركي والإقليمي للخطر، كما هو واضح في حرب السعودية في اليمن، وحصار قطر، ومحاولة الإطاحة بالحكومة اللبنانية، واغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
ويختم كاتب المقال بأن السياسية الأميركية للشرق الأوسط التي تعتمد على الدبلوماسية ستتيح للولايات المتحدة المجال للتعاون مع جميع القوى في المنطقة وفق المصالح المتبادلة، وستسهم في إيجاد حلول للصراعات الإقليمية.
المصدر : نيوزويك