تفاؤل حذر من مخرجات قمة ترامب-كيم في فيتنام

تفاؤل حذر من مخرجات قمة ترامب-كيم في فيتنام

يخيم التوتر على العلاقات الأميركية الكورية الشمالية قبل أيام من قمة تاريخية ثانية في فيتنام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لمناقشة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. ففيما تأمل بيونغ يانغ في رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها لتخفيف عزلتها دوليا لقاء التزامها بنزع سلاحها النووي، تشكك الاستخبارات الأميركية في صدق نوايا الزعيم الكوري الشمالي وهو ما قلّص التفاؤل بشأن مخرجات القمة.

واشنطن – قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد إنّ بإمكان كوريا الشمالية أن تصبح “قوة اقتصادية عظمى” في حال تخلّت عن ترسانتها النووية، وذلك قبل أيام من قمته المرتقبة مع الزعيم كيم جونغ أون، فيما ألقت وسائل إعلام كورية شمالية باللوم على جهاز الاستخبارات الأميركي وخصوم ترامب الديمقراطيين في صورة عدم إحراز أي تقدم في المفاوضات.

وفي سلسلة تغريدات عشية توجّهه إلى قمة تعقد هذا الأسبوع في هانوي، قال ترامب “الزعيم كيم يدرك، وربما أفضل من أي شخص آخر، أنه من دون الأسلحة النووية، يمكن لبلاده أن تصبح وبسرعة واحدة من القوى الاقتصادية الكبرى في أي مكان من العالم بسبب موقعها وشعبها (وهو)، كما أنها تمتلك مقومات للنمو السريع أكثر من أي دولة أخرى”.

ويتعرض ترامب لضغوط خاصة بشأن الكشف عن علامات ملموسة على تحقيق تقدم، عندما يلتقي في العاصمة الفيتنامية، هانوي، الأسبوع الجاري، مع كيم لإجراء مباحثات حول نزع السلاح النووي.

وانتقدت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، ديمقراطيين أميركيين ومسؤولي الاستخبارات الأميركية “لتثبيطهم الأجواء” قبيل القمة الثانية.

وبعد صمت على مدى أسابيع بشأن القمة المقررة في فيتنام، أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الأحد، مغادرة كيم بواسطة قطار للمشاركة في المحادثات التي يهدف الزعيمان خلالها إلى البناء على التزام بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية كان قد تم الاتفاق عليه خلال قمتهما الأولى التي انعقدت بسنغافورة في يونيو.

وعلقت الوكالة لاحقا قائلة إنه إذا أصغى ترامب للمشككين من داخل وطنه، فربما “يضيع حلمه… وتفوته هذه الفرصة التاريخية النادرة” لتحسين العلاقات مع كوريا الشمالية.

وأضافت الوكالة في مقال نشرته باسم الكاتب جونغ هيون “الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة وغيره من معارضي المفاوضات يتحركان جهرا وسرا لعرقلتها بدعم من الشكوك القائمة على كل أنواع الروايات التي لا أساس لها والمعلومات الخاطئة، حتى في مثل هذه اللحظة الحاسمة”.

وأضاف المقال أن خصوم ترامب سيتحملون المسؤولية إذا انتهت المفاوضات المقبلة دون نتائج، وهو ما قد يعرض الشعب الأميركي إلى “تهديدات أمنية”.

وكانت قمة ترامب- كيم السابقة في يونيو الماضي في سنغافورة، قد أسفرت عن صدور بيان مشترك بصيغة يكتنفها الغموض، حيث تعهدا بحقبة جديدة في العلاقات بين بلديهما.

والآن، وبعد مرور ثمانية أشهر على لقاء ترامب- كيم التاريخي، لم يتحقق سوى عدد محدود من الوعود التي تعهدا بها، بينما الوعود الأخرى، ومن بينها القضية الأساسية المتمثلة في برنامج الأسلحة النووية لكورية الشمالية، لا تزال دون حل، حيث يرصد المحللون بوادر محدودة على تحقيق تقدم ملموس.

وفي الوقت الذي يستعد فيه الزعيمان للقائهما الثاني يومي 27 و28 من الشهر الجاري، نلقي هنا نظرة على وعودهما التي بذلاها خلال قمتهما السابقة في سنغافورة، وما إذا كانت قد تحققت أم لا.

ووفق البيان المشترك الموقع في سنغافورة، أكد كيم مجددا “التزام بيونغ يانغ الصارم باستكمال عملية نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية” على الرغم من أن البيان لم يحدد ماهية الخطوات التي سوف يتخذها الجانبان من أجل إنجاز هذا الغرض.

وواصلت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية الانخراط في الحوار، حيث قام مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، بأربع زيارات لبيونغ يانغ للقاء قادة بارزين بها، من بينهم الزعيم كيم جونغ أون.

ووفقا لوسائل الإعلام الكورية الجنوبية، تراوح تقييم مباحثات الجانبين بين “المخيبة للآمال جدا” والمثمرة والرائعة”.

ولجأت كوريا الشمالية في أوقات سابقة إلى تبني أسلوب خطاب تسوده نبرة عدائية على نحو كبير، تسبب في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة في بعض الأحيان، حيث اتهمت بومبيو بتبني أسلوب ”قطاع الطرق” مهددة بالبحث عن أسلوب جديد، ما لم تحرز الولايات المتحدة تقدما في ما يتعلق بالوفاء بوعودها أو أنها بذلك سوف تخطئ في حكمها على صبرنا”.

وحتى الشهر الماضي، توصلت تقييمات مسؤولي الاستخبارات الأميركية إلى أنه ”ليس من المحتمل أن تتخلى كوريا الشمالية تماما عن أسلحتها النووية، وقدرات إنتاجها”، بحسب ما قاله مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ.

وفي ديسمبر، شككت وسائل الإعلام الكورية الشمالية في هذه العملية، عندما انتقدت بشدة جولة جديدة من العقوبات الأميركية على مسؤولين من كوريا الشمالية، قائلة إن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى ”عرقلة مسار نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية إلى الأبد”.

واتجه تفاؤل ترامب العام تجاه كوريا الشمالية في بعض الأوقات إلى المبالغة، حيث كتب على موقع “تويتر”، بعد عودته من لقائه بكيم في يونيو الماضي يقول ”لم يعد هناك تهديد نووي من جانب كوريا الشمالية”، فيما ظل مسؤولون عسكريون أميركيون بارزون يتبنون آراء تناقض موقف ترامب حتى الأسبوع الماضي.

وقال الأدميرال فيليب دافيدسون، قائد القيادة الأميركية في منطقة الهند والمحيط الهادئ ”نعتقد أنه ليس من المحتمل أن تتخلى كوريا الشمالية عن كل أسلحتها النووية، أو قدرات إنتاجها، ولكنها سوف تسعى إلى التفاوض بشأن نزع جزء منها مقابل الحصول على تنازلات أميركية ودولية”.

وأكد الجنرال روبرت أبرامز، قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية أن “الجيش الكوري الشمالي لا يزال قويا وخطيرا، مع غياب أي اختلافات منظورة في هيكل القوة، واستعداداتها، أو قدراتها التدميرية”.

العرب