البشير يتخلى عن رئاسة حزبه لإحكام قبضته على البلاد

البشير يتخلى عن رئاسة حزبه لإحكام قبضته على البلاد

الخرطوم- فوض الرئيس السوداني عمر البشير فجر الجمعة سلطاته واختصاصه كرئيس لحزب المؤتمر الوطني الحاكم لنائبه الجديد ليعمل على تسيير مهام الحزب، ليتفرغ الاخير لإدارة شؤون الدولة كرئيس قومي.

واختار المكتب القيادي في اجتماعه الذي استمر حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة حاكم ولاية شمال كردفان السابق احمد هارون نائبا للبشير في رئاسة الحزب الحاكم بديلا للنائب السابق فيصل حسن ابراهيم.

وقال نائب رئيس الحزب أحمد هارون في تصريحات عقب الاجتماع إن “اجتماع المكتب القيادي تفهم خطوة الرئيس البشير بتفويض سلطاته لنائبه لتسيير أعباء العمل الحزبي والتنظيمي ليستطيع التفرغ لمهامه الوطنية التي عبر عنها في خطاب الجمعة الماضية”، في إشارة لدعوة الحوار التي نادى بها البشير.

واشار هارون لاستعداد حزبه لترتيب وملائمة أوضاعه الداخلية للمشاركة كحزب سياسي ضمن القوى الأخرى في المبادرة الوطنية التي طرحها البشير للحوار وبشكل إيجابي.

وكان آلاف السودانيين قد شاركوا الخميس في بعض من أوسع المظاهرات نطاقا منذ نحو شهرين احتجاجا على حكم البشير، بينما حاكمت محاكم الطوارئ المئات في وقت متأخر من ليل.

ويأتي قرار التفويض بعد أسبوع من الإجراءات المتعاقبة التي تستهدف القضاء على موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات التي تهدد حكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود.

ومن بين تلك الإجراءات إعلان حالة الطوارئ في أنحاء البلاد وإقالة حكام 18 ولاية سودانية واستبدالهم بمسؤولين في الجيش وأجهزة الأمن.

محاكمات

ويخرج المحتجون شبه يوميا منذ أن بدأت موجة الاحتجاجات يوم 19 ديسمبر بسبب ارتفاع أسعار الخبز، والتي تحولت إلى أكبر تحد يواجهه البشير.

وإضافة إلى الغاز المسيل للدموع استخدمت قوات الأمن أحيانا الذخيرة الحية. وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن 33 شخصا على الأقل قتلوا بينهم ثلاثة من أفراد الأمن. ويعتقد المحتجون أن العدد الحقيقي للقتلى أكبر بكثير.

وتجمعت الخميس حشود في العاصمة الخرطوم ومحيطها في أول احتجاجات منذ أن أنشأ البشير محاكم خاصة هذا الأسبوع في إطار تلك التدابير الطارئة.

واستجاب هؤلاء لدعوة وجهها تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات، لتحدي إنشاء المحاكم الخاصة.

وقال الاتحاد الديمقراطي للمحامين، الذي يندرج في إطار تجمع المهنيين السودانيين، في بيان الخميس إن أكثر من 800 شخص حوكموا. واستمرت المحاكمات حتى وقت متأخر من الليل، وتراوحت الأحكام من الإفراج إلى السجن.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على نحو 400 محتج في السوق الكبير في أم درمان المدينة التي تقع في مواجهة الخرطوم على الضفة الأخرى من النيل.

وقال شهود إن الشرطة تصدت أيضا لمئات آخرين من المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع في حي ود نوباوي في أم درمان.

وكان البشير، الذي تولى السلطة في عام 1989 في انقلاب عسكري، قد أعلن حالة الطوارئ في أرجاء البلاد وأقال حكام الولايات وعين بدلا منهم مسؤولين من الجيش والأجهزة الأمنية.

وأصدر الاثنين عددا كبيرا من الأوامر التي تحظر التجمعات العامة دون تصريح وتمنح الشرطة سلطات جديدة أشد صرامة. وتم تشكيل محاكم ونيابات طوارئ في كل ولاية سودانية.

وبات بمقدور قوات الأمن الآن تفتيش أي مبنى وفرض قيود على حركة الأشخاص ووسائل المواصلات العامة واعتقال من يشتبه باشتراكهم في جريمة تتصل بحالة الطوارئ والتحفظ على الأموال أو الممتلكات خلال فترة التحقيق.

نظام الفساد والاستبداد

وقال تجمع المهنيين السودانيين في بيان الأربعاء “خميس الغد هو يوم نوصّل فيه صوتنا واضحا لنظام الفساد والاستبداد بأن إرادة الشعب لن تنكسر أمام أي إجراءات”.

وتظاهر نحو 250 شخصا في شارع الصحافة زلط، وهو أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع بعد أن حاول عدد من المحتجين إغلاق الشوارع الجانبية بالحجارة والإطارات المشتعلة لمنع قوات الأمن من ملاحقتهم.

وقال شهود إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على محتجين في شارع الستين في شرق العاصمة الذي يعد منطقة راقية.

وواجهت الشرطة أيضا عشرات المحتجين في منطقة الديم الفقيرة بالخرطوم وفي حي شمبات في مدينة الخرطوم بحري بالغاز المسيل للدموع. وفي شمبات وقف أشخاص دقيقة حداد على ضحايا حادث قطار وقع بمصر يوم الأربعاء وأدى لمقتل 22 شخصا على الأقل.

وتجمع مئات المحتجين أيضا في عدة مناطق أخرى بالعاصمة مع اتساع رقعة الاحتجاجات. ويلقي البشير باللوم في الاحتجاجات على “عملاء” أجانب وتحدى معارضيه للسعي إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع.

كان البشير قد دعا الجمعة الماضي، البرلمان لتأجيل تعديلات دستورية كانت تتيح له الترشح لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات المزمعة عام 2020. لكنه لم يصل إلى حد الإعلان عن عدم ترشحه فيها.

العرب