قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن “عملية مكافحة الفساد مستمرة بقوة ولن يوقفها شيء”، وإن “اللحظة مواتية اليوم للانطلاقة الفعلية للمعركة” في البلاد، مؤكدا في اليومين الماضيين أن معركة الفساد “سنربحها لأن كل اللبنانيين يدعموننا فيها”، وأن “لا حصانة لأحد مهما علا شأنه”.
حديث الرئيس عون بشأن محاربة الفساد وإجراء إصلاحات في بنية الدولة من أبرز برامج ولايته الرئاسية التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2016، ويلتقي في مشروعه -كل حسب وجهة نظره- حزب الله وتيار المستقبل وقوى سياسية أخرى تطمح إلى كسب هذه المعركة.
ويرى الكاتب السياسي فيصل عبد الساتر أن حزب الله جنّد في هذه المعركة كل قواه البرلمانية والوزارية والإدارية والإعلامية “لتحقيق النصر”، على غرار معاركه العسكرية السابقة.
عبد الساتر: انخراط حزب الله في معركة محاربة الفساد لا تستهدف طائفة بعينها(الجزيرة)
وأسند الحزب إلى نائبه في البرلمان حسن فضل الله إدارة معركة محاربة الفساد، إذ تقدّم النائب ببلاغ إلى المدعي العام المالي تضمن مستندات ووثائق قال عنها فضل الله إنها ستدخل الكثيرين السجن، ومن ذلك اتهام غير مباشر وجهه النائب لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بارتكاب مخالفات مالية أثناء توليه المنصب بين عامي 2005 و2009.
استهداف للحريري
ويرى تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء سعد الحريري أن دخول حزب الله بقوة على خط معركة محاربة الفساد ينطوي على استهداف للحريري والسنيورة. ويقول قيادي في التيار طلب عدم ذكر اسمه إن لحزب الله “نوايا سياسية وتصفية حساب قديم مع الرئيس السنيورة، لما كان للأخير من مواجهات صلبة مع الحزب منذ العام 2005″.
ويتابع القيادي نفسه للجزيرة نت أن اتهام السنيورة بمخالفات مالية و”الإيحاء للرأي العام بأنه فاسد لن ينطلي على أحد، وإن كان الحزب جادا في محاربة الفساد فليبدأ من بيته أولا، ومن حلفائه في مؤسسات الدولة”.
ويرى الكاتب عبد الساتر أن لمعركة الحزب ضد الفساد مبرراتها، وأنها لا تستهدف طائفة من طوائف المجتمع اللبناني، موضحا في تصريح للجزيرة نت أن الحزب سيمضي في حربه ضد الفساد لأنه “لم يعد قادرا على إعطاء أجوبة لشريحة واسعة من اللبنانيين عن أسباب سكوته عن الواقع اللبناني الداخلي ومشاكله الاقتصادية”.
مبررات الحزب
وعدّد الكاتب السياسي بعض أسباب دخول الحزب في هذه المعركة، ومنها استفحال أزمة البطالة في صفوف جمهوره، والعقوبات المالية الغربية عليه التي تجاوزته إلى استهداف مباشر لجمهوره.
وأضاف أن حزب الله “سيعمل على تجفيف بؤر الفساد، والقضاء عليها بشكل كامل وتدريجي”، وأن “معركته ليست موجهة ضد طائفة، وبالدليل أن له حليفا قويا في المعركة هو تيار رئيس الجمهورية”.
من جهة أخرى، يقول الكاتب الصحفي محمد حمود إن محاربة الفساد في لبنان “ليس أمرا جديا”، معللا قوله بأن المتحدثين عن مكافحة الظاهرة هم من أبرز المشاركين في الحكم والسلطة، وكان حريا بهم مكافحة الفساد منذ زمن بعيد.
ويرى حمود في حديث للجزيرة أن الدعوات التي تنادي بمكافحة الفساد “زوبعة في فنجان قد ينتج عنها ملاحقة بعض صغار الموظفين في الإدارات العامة، ممن لا يتمتعون بأي حماية طائفية أو مذهبية”.
بنية الدولة
ويربط وزير الدولة السابق لمحاربة الفساد نقولا تويني محاربة الفساد في لبنان بتركيبة الدولة القائمة على أساس ديمقراطية طائفية ومحاصّة طائفية، موضحا أن “هناك توزيعا واضحا للمغانم نتيجة تقاسم المناصب الطائفية، والفساد الموجود معمم من فوق إلى أسفل”.
ويشير الوزير اللبناني السابق إلى أن قرار مكافحة الفساد يشبه قرار الحرب والسلم، ومن ثم فإن الطريق الأسلم لاتخاذه هو “القرار السياسي الوطني، والدخول في قناة النزاهة يبدأ بسن قوانين، وإجبار كل من يتعاطى الشأن العام بنشر كل ما لديه ولدى أفراد أسرته من أموال منقولة وغير منقولة أمام الرأي العام، وتخصيص جهاز قضائي مهمته الحصرية ملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم”.
المصدر : الجزيرة