انتقد مقال بمجلة نيوزويك الأميركية المعاملة المهينة من التعذيب والاغتصاب التي يتعرض لها اللاجئون تحت سمع وبصر الاتحاد الأوروبي، وأشار إلى بعض الحالات منها الشاب الصومالي فرح وزوجته ومولودته الذين اعترض خفر السواحل الليبي زورقهم بعد 12 ساعة قضوها في البحر.
وكانت العائلة هربت من ليبيا بعد معاناة لأشهر عدة من التعذيب في حظيرة تعرض فيها فرح إلى ضرب مبرح واغتصبت زوجته، في محاولة من العصابات الليبية لانتزاع فدية من أقاربهما.
وعندما أدرك فرح أنه أعيد إلى ليبيا، قال فرح إن الموت أهون عليه من العودة إلى هناك، لكن العصابات هددته بالقتل.
ويقول كاتب المقال ماتيو دي بيليس، وهو باحث في اللجوء والهجرة بمنظمة العفو الدولية، إن قصة فرح مجرد غيض من فيض قصص العنف المفجعة والوحشية التي سمعها الشهر الماضي في بلدة مدنين جنوبي تونس التي استقبلت عددا قليلا وثابتا من اللاجئين والمهاجرين الذين فروا من جحيم الحياة عبر الحدود.
وأشار الباحث إلى أن معظم الأشخاص المحتجزين حاليا في مراكز الاعتقال الليبية اعترضهم في البحر خفر السواحل الليبي الذي يتمتع بكل أنواع الدعم من الحكومات الأوروبية في مقابل منع اللاجئين والمهاجرين من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
وقال إنه من خلال التبرع بالسفن، وإنشاء منطقة بحث وإنقاذ ليبية، وبناء مراكز تنسيق، ضمن تدابير أخرى، استخدمت أموال دافعي الضرائب الأوروبيين في تعزيز القدرة الليبية على منع الأشخاص الذين يحاولون الفرار من ليبيا واحتجازهم بشكل غير قانوني. وأضاف أن هذا الأمر كان يجري دون أي شروط مسبقة، حتى لو أدى هذا التعاون إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب.
وعلق الباحث بأنه إذا أرادت دول الاتحاد الأوروبي التوقف عن أن تكون متواطئة في عمليات الضرب والاغتصاب واستغلال النساء والرجال والأطفال، فعليها المطالبة بإغلاق جميع مراكز الاحتجاز في ليبيا، وإطلاق سراح نحو 5000 شخص محتجزين حاليا هناك.
وبعد الانخفاض الكبير في حالات العبور الآن، على الحكومات الأوروبية أن تعود إلى رشدها وتتخلى عن تصرفاتها المجنونة التي مارستها لسنوات لفرض سياسات مصممة لإيقاف الوافدين إلى أوروبا مهما كان الثمن البشري.
وإلى جانب العمل على معالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد التي تؤثر على الليبيين والمواطنين الأجانب على حد سواء، يجب أن تشمل الاستجابة آلية سريعة ومتوقعة لإنزال طالبي اللجوء والمهاجرين الذين أُنقذوا في البحر المتوسط في أوروبا، بالإضافة إلى نظام عادل لتقاسم المسؤولية بين دول الاتحاد الأوروبي لمساعدتهم.
وأشار الباحث إلى أن مثل هذه التدابير يمكن أن تساهم إلى حد كبير في منع المشاهد الكارثية التي تكررت طوال العام الماضي، حيث كانت تترك سفن الإنقاذ لأسابيع في البحر دون أن تكون هناك دولة في الاتحاد مستعدة لفتح موانئها لاستقبال تلك السفن.
ومثل هذه الحوادث لا تزيد فقط من معاناة الأشخاص الذين فروا للتو من المعاملة المروعة، بل تثبط أيضا السفن التجارية عن إنقاذ الأشخاص الذين يوجدون في ضائقة وضمان إنزالهم في مكان آمن غير ليبيا.
ومع تواتر التقارير عن عودة لاجئين من دول مثل إريتريا، رغم المخاطر الواضحة على حياتهم في بلادهم، لا يمكن لأوروبا أن تتجاهل العواقب الكارثية لسياساتها غير المسؤولة لوقف الهجرة عبر المتوسط.
ومع تدني الرحلات من ليبيا، فقد حان الوقت للدفع باتجاه التغيير من أجل وضع حد لمراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، وإيجاد آلية عادلة للإنزال وإعادة الإيواء في أوروبا، وتوفير سبل آمنة وقانوية للناس للبحث عن الأمان دون اللجوء إلى المعابر البحرية.
وختم الباحث بأن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تؤدي إلى تحرير العديد من الأطفال والبالغين من محنتهم، والسماح لهم بمغادرة المراكز المروعة التي يحتجزون فيها تعسفا في ليبيا حاليا. والحكومات الأوروبية التي أغلقت طريق البحر المتوسط المركزي وبالتالي حاصرت آلاف الناس في ليبيا ليس أمامها وقت تضيعه.
المصدر : نيوزويك