يتأكد لي يوما بعد يوم من خلال تجدد الاحداث في ساحتنا العربية والاسلامية أن ايران هي دولة فارسية أكثر من كونها شيعية، فالعِرق الفارسي في ايران اقوى ومقدم على المذهب، وربما حلم الامبراطورية الفارسية مازال يراود ايران ويدغدغ مشاعر قادتها.
فمنذ سقوط الإمبراطورية الفارسية بعد معركة القادسية في عهد سيدنا عمر بن الخطاب والفرس تحن أفئدتهم لمجدهم المفقود وتاريخ دولتهم العريق الذي طوته أيدي العرب ، فكان هذا ما دفع أبو لؤلؤة المجوسي إلى قتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ، أما الغريب في الأمر أن أيران – المسلمة – مازالت تحتفظ بضريح ومزار لأبي لؤلؤة أو بابا شجاع الدين الفيروزي كما يسمونه !! وكأنه تكريم لهذا المجرم على فعلته.
وبالعودة الى التاريخ أيضا ، نعرف ان ايران كانت دولة ذات غالبية سنية على المذهب الشافعي ولكن في عهد الدولة الصفوية وبالتحديد عهد اسماعيل شاه الصفوي تبنت الدولة المذهب الشيعي ثم أُجبر غالبية الشعب على التشيع واعتناق المذهب الشيعي، وبعدها بدأت الدولة الصفوية سعيها نحو مشروعها الفارسي وأرادت التوسع نحو الجزيرة العربية لكنها اصطدمت بالدولة العثمانية السنية التي أوقفت التمدد الصفوي خصوصا بعد معركة جالديران في الوقت الذي كانت تقاتل فيه الدولة العثمانية أوروبا نيابة عن الأمة.
ثم جاءت الثورة الاسلامية الايرانية وماهي الا استكمال للمشروع الصفوي الفارسي مستترة بعباءة المذهب الشيعي.
فها هي ايران اليوم تعيد محاولة التمدد من جديد عن طريق العراق وسوريا ولبنان واخيرا اليمن ولم تتورع ايران – فيما يخص احتلال العراق – من أن تضع يدها بيد المحتل الأمريكي طالما المصلحة مشتركة وطالما هذا التحالف مع الشيطان الأكبر – الذي كانت تلعنه على المنابر – يقدمها خطوة مهمة في المشروع.
ليس هذا وحسب ، بل ان ايران حتى في المذهب الشيعي أرادت دوما تقديم وتفضيل العنصر الفارسي في المذهب اذ أن ايران سعت الى سحب المرجعية التاريخية للشيعة من النجف العربية إلى قم الفارسية، وكما أن النجف كانت تحمل تاريخيا لقب ” الأشرف ” فيقولون النجف الاشرف ، أرادت ايران اضفاء صفة القداسة لقم مطلقة عليها لقب ” قم المقدسة ” وقد نجحت في مسعاها بل انها ذهبت إلى أبعد من ذلك اذ أنها نجحت في فرض مرجع فارسي في قلب النجف العربي وهو اية الله السيستاني.
أما في لبنان فقد عملت ايران على محاربة وعزل مرجعها في ذلك الوقت محمد حسين فضل الله الذي عارض الخميني في عدة مسائل والذي اثار شكوكا علمية منطقية حول حادثة كسر ضلع الزهراء المزعومة فما كان من مراجع وملالي ايران الا أن يشنوا حربهم عليه ويسحبوا البساط من تحت قدمي فضل الله وتعيين حسن نصر الله مرجعا وقائدا للشيعة في لبنان ، هذا الرجل الذي اتضح أنه يقدم ولائه لإيران على شعاراته ومبادئه وعروبته.
كذلك ما نرى من ايران في تعاملها مع المناطق العربية على اراضيها باهمال شديد وظلم أشد لاتفرق في الظلم بين سنتها وشيعتها طالما جميعهم عرب، كما هو الحال في منطقة الأحواز العربية.
الصراع العربي الفارسي قديم تاريخيا ومازال يتجدد لكن – من وجهة نظري – لن تستطيع إيران من أن تُخضع الجزيرة العربية والعرب عموما لسيطرتها حتى وإن خضعت أجزاء منها ولن تستطيع ايران بلباس التشيع الذي تلبسه ظاهريا من أخذ زعامة الأمة الإسلامية التي غالبيتها من السنة.
والخاسر الأكبر في هذا الصراع سيكون بعض الشيعة العرب الذين يؤثرون ولائهم لإيران على حساب ولائهم لعروبتهم وأوطانهم ، وربما ينتهي بهم الأمر بعزلة تامة فلا إيران ستحتويهم ولا أوطانهم سترغب بهم.
أبو بكر الحضرمي
إسلام أون لاين