مصر تواصل صفقات السلاح المليارية.. وتساؤلات حول الأولويات

مصر تواصل صفقات السلاح المليارية.. وتساؤلات حول الأولويات

رغم الأزمات الاقتصادية التي تمر بها مصر، تواصل الحكومة عقد صفقات سلاح ضخمة بمليارات الدولارات؛ مما يثير التساؤل حول دوافع هذه الصفقات ومصادر تمويلها، في ظل موازنة حكومية تئن من العجز، وتضخم الديون الخارجية والداخلية.

آخر هذه الصفقات ما نقلته وكالة الأنباء الروسية (إنترفاكس) حول صفقة أسلحة جديدة مع روسيا تتضمن عشرين مقاتلة من مقاتلات “سوخوي–35” الروسية بتكلفة 2 مليار دولار، على أن تبدأ مصر تسلمها عام 2020.

بل إن الوكالة الروسية نقلت تصريحات للواء حمدي بخيت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري قال فيها “من الوارد أن تكون هذه الاتفاقيات دخلت حيز التنفيذ”.

لكن اللافت هو تجاهل الخبر في وسائل الإعلام المصرية، التي عادة تتناول أخبار صفقات السلاح بوصفها إنجازا للرئيس عبد الفتاح السيسي، وترحب بها باعتبارها تحديثا للجيش.

وتحمل طائرات “سوخوي–35” ما يصل إلى ثمانية أطنان من القنابل والصواريخ في 12 نقطة تعليق، كما أن لديها محركين يمكن التحكم في اتجاه دفعهما، وتستطيع رصد وتدمير عشرة أهداف جوية وأرضية في آن واحد على مسافة كبيرة وبدقة عالية.

ورغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، فإن القاهرة تحتفظ بمركز متقدم في سباق التسلح على المستوى العالمي، حيث تأتي في المركز الرابع وفقا لدراسة أجراها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري).

من جانبها، تنتقد منظمات حقوقية دولية الدول الأوروبية المصدرة للسلاح إلى مصر بسبب استخدام هذا السلاح ضد المدنيين.

الموقف الأميركي
على الجانب الآخر، تثير صفقة السلاح الروسية علامات استفهام حول موقف الولايات المتحدة الأميركية، التي تبدو غاضبة من تركيا هذه الأيام لاتجاهها لعقد صفقة مع روسيا لشراء نظام الدفاع الصاروخي “إس 400”.

وعلق مصدر دبلوماسي للجزيرة نت قائلا إن صفقة الطائرات من المرجح أن تثير غضب الإدارة الأميركية بالفعل، ولكن لا يمكن التنبؤ بأي قرارات أميركية تصدر بهذا الصدد، خاصة في ظل العلاقات الأميركية المصرية الحالية، وفي ظل تنويع مصر مصادر تسليحها.

وأوضح أن أميركا لا ترغب في أن يكون هناك تعاون اقتصادي بين مصر وروسيا، كما ترغب في أن تظل هي المصدر الرئيسي للسلاح لمصر، مشيرا في الوقت نفسه إلى صعوبة التكهن بتقليص المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، خاصة في ظل إقرار الموازنة الأميركية التي أبقت على المساعدات العسكرية والاقتصادية دون تخفيض، لتظل عند 1.381 مليار دولار أميركي سنويا.

وماذا عن الديون؟
بدوره، قال الخبير الاقتصادي وائل النحاس إن الموارد المالية لتمويل صفقات السلاح العسكرية بياناتها سرية، ولا يحق لأي مدني الحديث عنها أو معرفة كيف جاءت أو طريقة سدادها في مصر، حتى أنها تضاف إلى الموازنة المالية للدولة تحت بند “مصروفات أخرى”.

ولفت النحاس في حديثه للجزيرة نت إلى أن البرلمان المصري الجهة الوحيدة التي يحق لها نظريا التطرق للحديث عن تلك البنود المالية العسكرية، وأين يمكن أن توجه وكيف تنفق، موضحا أن أغراض التسليح تعد أهم ملفات الأمن القومي لدى المسؤولين، وتأتي الأمور الأخرى بعد ذلك.

وحذر الخبير الاقتصادي من خطورة استمرار ارتفاع ديون مصر، التي وصلت إلى نحو مئة مليار دولار، لافتا إلى أن ارتفاع الديون مع تواصل استيراد السلاح ينسف وجود مبدأ الأولويات من الأساس.

من جهته، استنكر الخبير الاقتصادي محمود وهبة الصفقة، واعتبرها تدعم مصانع السلاح الروسي لسنوات، كما تضيف 2 مليار دولار إلى ديون مصر، رغم عدم وجود تهديد للأمن القومي المصري من أي دولة، علما بأن هذه الطائرات لا تصلح للحرب ضد الإرهاب التي تحتاج إلى طائرات خاصة.

المصدر : الجزيرة