عودة الصدر من بيروت تكسر الجمود السياسي في العراق

عودة الصدر من بيروت تكسر الجمود السياسي في العراق

بغداد – ينتظر أن تكون عودة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إلى العراق، بعد أن أمضى في العاصمة اللبنانية بيروت نحو ثلاثة أشهر، بادرة على إمكانية بث الحياة مجددا في الساحة السياسية العراقية المصابة بالركود منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في أكتوبر الماضي.

وعاد الصدر إلى مقره في منطقة الحنانة بمدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، مفنّدا بذلك سلسلة شائعات تتعلق بوضعه الصحي.

ويوشك الصدر أن يتم الشهر الثالث من غير أن يصدر أي تعليق على تطورات الوضع السياسي بعدما نشط بقوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال المرحلة الأولى من مفاوضات تشكيل الحكومة.

وحتى عندما أراد الصدر التعليق على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السورية، صدر البيان موقعا باسم مكتبه الخاص، وليس باسمه الشخصي.

ومنذ غاب الصدر انحسرت فاعلية التداول السياسي وتجمدت مفاوضات استكمال الكابينة الوزارية التي لا تزال منقوصة من أربع حقائب بينها حقيبتا الدفاع والداخلية.

وسبق عودة الصدر بيوم واحد الإعلان عن لقاء غير مسبوق بين عبدالمهدي وتحالف الإصلاح الذي يرأسه عمار الحكيم ويعدّ أكبر كتلة بالبرلمان ويضم ائتلاف “سائرون” الذي يرعاه زعيم التيار الصدري.

ويتنبأ مراقبون بأن عودة الصدر ربما تكون على صلة بحراك سياسي جديد يقود إلى استكمال الكابينة الوزارية. لكن ارتهان الوضع العراقي الداخلي لعوامل خارجية أبرزها تداعيات الصراع الأميركي الإيراني ربما يعيق التفاهمات الكبرى بين الفرقاء في بغداد. وتكاد جميع الملفات الرئيسية في العراق تكون مرتبطة بالصراع الأميركي الإيراني الذي أفرز جبهتين واضحتين في السياسة العراقية.

وبينما يقف ممثلو السنة الأبرز والقوى الكردية برمتها وبعض الأطراف السياسية الشيعية كرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وزعيم تحالف الإصلاح عمار الحكيم، في جانب الولايات المتحدة، يصطف معظم قوى اليمين الشيعي المتشدد إلى جانب إيران.

وعلى هذا الأساس تصاغ مواقف الأحزاب السياسية من المرشح لحقيبة الداخلية مثلا ومدى قربه من واشنطن أو طهران. لذلك يتعطل حسم ملفات كبرى في البلاد، بانتظار مؤشر خارجي.

وترافقت عودة الصدر مع رواج أنباء عن قرب حدوث توافق بين الفرقاء السياسيين بشأن ملء الشغور على رأس وزارتي الداخلية والدفاع اللتين ما تزالان تداران بالوكالة رغم الأهمية التي تكتسيانها بفعل دقّة الوضع الأمني وحساسيته.

غير أنّ مصدرا وُصف بالمقرب من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أكّد، الأربعاء، “تأجيل حسم وزارتي الداخلية والدفاع في الوقت الحالي بسبب عدم وجود توافق على الأسماء المرشّحة”، مشدّدا على أنّ جميع الأسماء المطروحة لتولي الوزارتين هي “مجرد تكهنات”.

ارتهان الوضع العراقي الداخلي لعوامل خارجية يعيق التقدم في عدة ملفات من بينها ملف استكمال الكابينة الوزارية

لكنّ ذات المصدر قال لموقع السومرية الإخباري إنّه سيتم قريبا تقديم أسماء مرشحين لتولي وزارتي العدل والتربية في حكومة عبدالمهدي.

ويعلن مقتدى الصدر مواقف تتضمّن ما يصفه البعض بـ”التمرد” على الجبهتين الأميركية والإيرانية وهو أحد أسباب شعبيته التي تمنحه ثقلا سياسيا يستطيع به تحريك الأجواء السياسية الراكدة ببغداد بالنظر لتحرره من الالتزامات الخارجية وتعويله على تأييد تيار شعبي واسع.

ويمثل الصدر أوضح نموذج على القوة الكبيرة التي تتمتع بها الأحزاب السياسية العراقية مقابل العجز الحكومي الواضح في الملف السياسي.

وبادر رئيس الحكومة العراقية بتحريك ملفات عديدة مثل رفع الكتل الكونكريتية التي كانت تحاصر المباني الحكومية المهمة في بغداد وإطلاق مشروع لتوزيع الأراضي السكنية على الفقراء إلّا أنه تجنب الملف السياسي وتجاهل حقيقة عجزه عن استكمال كابينته المنقوصة من حقائب مهمة للغاية.

وينظر إلى اجتماع عبدالمهدي بتحالف الإصلاح في منزل الحكيم بوصفه الخطوة الأولى المهمة ضمن مساعي ترميم الوضع السياسي الداخلي.

وفي ما يتعلق بالصراع الأميركي العراقي يدرك عبدالمهدي أن حكومته لن تتمكن من اجتراح مسارها الخاص دون تدخل من القوى السياسية المتنفذة ولاسيما في ظل افتقارها إلى غطاء برلماني واضح، فتحالفا الإصلاح والبناء لا يعترفان بمسؤوليتهما عن هذه الكابينة.

العرب