تستعد تركيا لدخول سباق الانتخابات المحلية نهاية الشهر الحالي، بعدما أكملت الأحزاب المتنافسة استعداداتها وأعلن مرشحوها لرئاسة البلديات برامجهم الانتخابية.
واعتبر مراقبون هذه الانتخابات مهمة للرئيس رجب طيب أردوغان كونها تأتي بُعيد الانتخابات الرئاسية التي فاز بها مما يجعلها استفتاء على شعبيته وتعبيدا لطريق استمرار حزبه بالفوز بالانتخابات كافة.
كما تعد فرصة جديدة لحزب الشعب الجمهوري المعارض لتحقيق أي إنجاز خاصة أنه لم يتمكن من الانتصار على حزب العدالة والتنمية بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية.
بيانات.. أرقام
وتختلف انتخابات البلديات المرتقبة بعد أيام عن سابقاتها كونها تجرى بين تكتلين سياسيين كبيرين يقود أردوغان (زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم) وشريكه الجديد رئيس حزب الحركة القومية (دولت بهجلي) التيار الأول فيه تحت شعار “اتفاق الجمهور”.
في المقابل يتحرك الطرف المعارض الآخر الذي يجمع حزب الشعب الجمهوري اليساري الأتاتوركي والحزب الجيد اليميني القومي تحت عنوان عريض هو “تحالف الأمة”.
ويجرى الاقتراع لهذه الانتخابات يوم 31 مارس/آذار المقبل، في 81 مقاطعة.
وفى الانتخابات البلدية -التي أجريت عام 2014- حصل حزب العدالة والتنمية على 43% من الأصوات، متقدما بفارق كبير على أقرب منافس له وهو حزب الشعب الجمهوري الذي نال أقل من 25% من الأصوات.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت بالانتخابات المحلية بلغ أكثر من 57 مليون ناخبا. ومن المتوقع أن تشهد صناديق الاقتراع إقبالا كبيرا لاختيار رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية ومخاتير القرى والأحياء.
يُذكر أن الانتخابات البلدية عام 2014 حققت نسبة مشاركة تخطت 89%، وكانت آخر انتخابات بلدية في البلاد. علما بأن نسبة المشاركة بانتخابات 1994 حطمت الرقم القياسي حيث تخطت حاجز الـ 92%، وفاز فيها أردوغان برئاسة بلدية إسطنبول عندما كان مرشحًا عن حزب الرفاه آنذاك.
“اتفاق الجمهور” شعار تكتل أردوغان مع بهجلي (الأناضول)
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب التركي الشهير عبد القادر سيلفي في مقال له بصحيفة حرييت “الأحزاب التي ستستطيع أن تقنع ناخبها بالذهاب إلى صناديق الاقتراع هي التي من المحتمل أن تكسب الانتخابات”.
انتخابات مصيرية
رسول توسون القيادي البارز بحزب العدالة والتنمية الحاكم والنائب السابق في البرلمان وصف الانتخابات البلدية بالمصيرية لأن المعارضة حولتها إلى استفتاء عام على أردوغان، لافتا إلى أن المعارضة تستهدف تراجع أصوات حزب العدالة والتنمية لتقول إن شعبية أردوغان تراجعت والشعب فقد ثقته به، وبالتالي سيقومون بإثارة الشارع عبر المظاهرات والاحتجاجات للإطاحة به.
وفي خضم انشغاله بالدعاية الانتخابية لحزبه بمدينة أنقرة، صرح توسون للجزيرة نت إن نسبة الإقبال على الاقتراع ستكون مرتفعة، وتحالف الجمهور سيفوز بالانتخابات، لكنه أرجع نسبة الفوز إلى دعم قواعد حزب الحركة القومية لتحالف الجمهور، مبينا أنهم “إذا صوتوا لصالح تحالفنا فسنفوز بفارق كبير”.
وقال توسون “أردوغان الذي يتجول بين المحافظات ويلقي خطابات انتخابية حيث وصل به الحال إلى أن يلقي أكثر من خطاب في أكثر من مدينة يوميا هو الأكثر شعبية بين رؤساء الأحزاب السياسية، وهذه الشعبية الواسعة تشكل عاملا يعزز حظوظ مرشحي حزب العدالة والتنمية”.
وأِشار إلى أنه في ظل النجاح الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان منذ توليه الحكم يميل الناخبون إلى هذا الحزب ويرجِّحون كفته، حتى لو كانت لديهم بعض الملاحظات والتحفظات على سياساته، لأنهم يعتقدون أن الأحزاب الأخرى لا يمكن أن تحقق ذاك النجاح.
وتمثل الانتخابات البلدية أهمية كبرى لدى أردوغان -حسب مراقبين- كونه يراهن دوما على الصناديق للحصول على مزيد من الدعم السياسي لبعض القرارات المثيرة التي دأب على اتخاذها، كما أنه إذا حصل العدالة والتنمية على الأغلبية فإن ذلك سيساعد النظام الرئاسي الجديد بقيادته على إنفاذ سياساته العامة وبرنامجه بسهولة.
استطلاعات
وعن الاستطلاعات بشأن هذه الانتخابات، نشرت عديد الشركات المختصة نتائجها، لكن الجزيرة نت تعرض استطلاع شركة “أورك” لأنها هي التي كان توقعها الأقرب لنتائج انتخابات يونيو/حزيران 2018، وجاءت نتائجها في عموم تركيا كالآتي:
– حزب العدالة والتنمية 32.4%.
– حزب الحركة القومية 15.7%.
– حزب الشعب الجمهوري 23.9%.
– الحزب الجيد 2.4%.
– حزب الشعوب الديمقراطية 5.1%.
– آخرون 0.9%.
في حين ذكرت بعض الاستطلاعات أن نسبة المترددين تصل إلى 20%، وقالت استطلاعات أخرى إنهم أقل من ذلك بنسب تتراوح بين 18 و17%.
وكان أردوغان علق على الاستطلاعات في خطاب له في مدينة سامسون، قائلا “المهم لنا هو صوت الشعب وليس ما تقوله الاستطلاعات وليس ما يتوارد في وسائل الإعلام”.
انعكاسات محلية ودولية
وفي السياق، يقول المستشار الإعلامي التركي نزار حرباوي “أردوغان يستشعر حساسية الظرف الذي تمر به تركيا كما يستشعر حساسية الانتخابات البلدية على مشروعاته الخارجية في المحيط الإقليمي والدولي، لا سيما طبيعة الخلافات الحادة بين تركيا والولايات المتحدة، وهذا معناه أن التفويض الشعبي الواسع له في الانتخابات البلدية يمكن أن يكون وسيلة لطرح قوي في المسائل الدولية الملتهبة”.
وتوقع حرباوي في حديثه للجزيرة نت إقبال الأتراك بكثافة على صناديق الاقتراع، مرجعا ذلك إلى النظام الخدماتي التواصلي الحيوي الذي يمس الحياة اليومية للمواطن “وبالتالي تتعانق مصلحة المواطن في اختيار ممثليه مع مصلحة تركيا في إظهار الحالة الانتخابية السليمة والنزيهة والتي يرقب العالم نتائجها بكل اهتمام”.
وأوضح المستشار الإعلامي أن تركيز بعض التيارات السياسية التركية -لا سيما الليبرالية واليسارية منها- على قضية اللاجئين السوريين في دعايتها الانتخابية، هو ضرب من التخبط السياسي والإفلاس الانتخابي في طرح بديل منافس لطرح التيارات الأخرى، ومحاولة يائسة لصرف نظر المواطن عن البرامج الخدمية التي بإمكانهم تقديمها له من خلال فوزهم في البلديات.
وكان وزير الداخلية سليمان صويلو قال -في كلمة خلال اجتماع حول أمن الانتخابات المحلية عقد بولاية ماردين جنوب شرقي البلاد- إن 53 ألف سوري حصلوا على الجنسية يستطيعون التصويت في الانتخابات المحلية، مشددا على أن من حصلوا على الجنسية هم فقط من يحق لهم التصويت وليس كل الموجودين في تركيا.
المصدر : الجزيرة