حفتر “يزلزل الأرض” في طرابلس ويفرض واقعا جديدا على المؤتمر الجامع

حفتر “يزلزل الأرض” في طرابلس ويفرض واقعا جديدا على المؤتمر الجامع

تونس – أمر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، في رسالة صوتية الخميس، قواته بـ”التقدّم” نحو العاصمة طرابلس، و”زلزلة الأرض” تحت أقدام الميليشيات، في وقت اعتبر متابعون أن الهجوم يهدف بالأساس إلى فرض واقع جديد أياما قليلة قبل المؤتمر الجامع الذي ينتظر عقده في مدينة غدامس بالجنوب تحت رعاية الأمم المتحدة.

وقال حفتر في هذه الرسالة التي بثّت على صفحة المكتب الإعلامي للجيش على موقع فيسبوك “دقّت الساعة وآن الأوان”.

وطلب حفتر من قواته الخميس “عدم رفع السلاح إلا على من واجه القوات الداخلة إلى طرابلس بالسلاح”، داعياً إلى “الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وأمن المواطنين والرعايا الأجانب (…) خلال العمليات العسكرية”.

لكن مصادر مطّلعة في العاصمة الليبية استبعدت أن يكون في نية حفتر دخول طرابلس والسيطرة عليها بقوة السلاح، مرجحة أن يكون الهدف هو تطويقها وتوجيه رسائل متعددة.

وأكدت المصادر لـ”العرب” أن الهدف من هذه الخطوات هو توجيه رسالة قوية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الموجود حاليا في طرابلس، مفادها أن المشير خليفة حفتر هو الرجل الأقوى والأكثر نفوذا وشعبية، وأن هذا النفوذ يجب أن ينعكس إلى نتائج داخل المؤتمر الجامع، وخصوصا في موضوع التنافس على المناصب السيادية مثل البنك المركزي والمؤسسة النفطية.

وقالت إن الهجوم بدأ مباشرة بعد تأكيد زيارة غوتيريش إلى طرابلس، ما يعني وبشكل مباشر، أنه تحرك سياسي لتحسين شروط التفاوض مع حكومة الوفاق التي لا تمتلك أوراقا ذات وزن أمنيا، خاصة أنها بمثابة الرهينة لدى الجماعات الإسلامية المسلحة.

وقال غوتيريش في تغريدة على تويتر إنه قلق للغاية من التحركات العسكرية وخطر المواجهة (…) “لا يوجد حل عسكري. وحده الحوار بين الليبيين يمكن أن يحل المشكلات الليبية”.

ولم يكن تحرك حفتر معزولا عن تغير المزاج الإقليمي، خاصة بعد لقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض، وتأكد نتائج هذا اللقاء من خلال الأولوية التي حاز عليها الملف الليبي في القمة العربية في تونس.

وكشفت المصادر أن توقيت التحرك كان مدروسا، خاصة في العلاقة بالوضع في الجزائر، وانشغال الجيش الجزائري ومنظومته الأمنية الآن بالشأن الداخلي، ما يعطي حفتر فرصة استثنائية للتحرك، خاصة أن قيادات في الجيش الجزائري كانت تعترض على الحسم العسكري في طرابلس وتفتح قنوات مع ميليشيات محلية.

من جهة ثانية، أكدت مصادر مصرية لـ”العرب” أن القاهرة لا تدعم بدورها اجتياح طرابلس بسبب المخاطر التي سيفضي إليها، وأن المسؤولين المصريين لديهم قناعة بأن دخول طرابلس لا بد أن يكون من خلال ترتيبات وتفاهمات مع وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا ومدن مصراتة والزنتان، محذرة من حسابات القوى الدولية التي قد لا تقبل دخول طرابلس بهذه الصورة.

وبدأت الميليشيات المسيطرة على الغرب الليبي بحشد قواتها في رسالة مضادة تقول من خلالها إن حفتر ليس الطرف المؤثر الوحيد، وإن الخيار العسكري قد يقود إلى أزمة أمنية وإنسانية طويلة المدى، وإن الحلّ في الاستمرار بالخيار السياسي الممثل في المؤتمر الجامع.

وغيرت سيطرة حفتر على مدينة غريان في عملية خاطفة كثيرا من قواعد الاشتباك الميداني، وأربكت صفوف الميليشيات المُنتشرة في طرابلس، وبقية المناطق الغربية.

وأعلن عبدالسلام الحاسي، آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الليبي، الخميس، رسميا عن السيطرة على مدينة غريان الواقعة على بعد نحو 90 كلم عن طرابلس.

وقبل ذلك، أعلن العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، انطلاق عملية عسكرية في المنطقة الغربية “لتحرير الوطن من الإرهاب”. وقال “لا نريد طرابلس من أجل كرسي أو من أجل سلطة أو من أجل مال، نريد طرابلس من أجل الكرامة، نريد طرابلس من أجل هيبة هذه الدولة”.

وفُهم من هذا الكلام، أن هذه العملية العسكرية تستهدف الوصول إلى العاصمة طرابلس، وهو الأمر الذي دفع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، إلى إعلان النفير العام لجميع القوات العسكرية والأمنية من الجيش والشرطة والأجهزة التابعة لهما بالاستعداد والتصدي لأي “تهديدات تستهدف زعزعة الأمن في البلاد”.

واعتبر طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي (البرلمان)، في اتصال هاتفي مع “العرب” من شرق ليبيا، أن إعلان النفير العام “لا معنى له، لأن السراج لا يحتكم إلى جيش باعتبار أن الجيش الوحيد في ليبيا، هو الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر”.

وقال “لا توجد تحت إمرة السراج قوات حتى يستنفرها”، ثم وصف العملية العسكرية للجيش بأنها ضرورية لدحر بقايا الإرهاب، والفاسدين الذين أهدروا المال العام.

وبشأن التحركات العسكرية التي جرت، الخميس وليلة الأربعاء، قالت مصادر عسكرية ليبية لـ”العرب”، إن الاشتباكات أسفرت عن تراجع قوات أسامة الجويلي إلى منطقة مزدة بمنطقة الجبل الغربي التي تبعد نحو 150 كلم عن طرابلس، إلى جانب انشقاق بعض الوحدات التابعة له داخل حقل الوفاء النفطي، وانضمامها إلى قوات الجيش الليبي.

وبالتوازي، تم تسجيل فرار البعض من قادة الميليشيات من منطقة درج التي تبعد عن طرابلس نحو 550 كلم لجهة الجنوب الغربي، منهم جمعة القرج، وفتحي الغزالي، والعمو، فيما كثف الجيش الليبي من تعزيزاته العسكرية في مناطق أخرى من الغرب الليبي، منها منطقة القريات.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر “العرب”، هبوط أكثر من طائرة شحن عسكري تابعة للجيش الليبي، في قاعدة “الوطية” المعروفة سابقا باسم قاعدة “عقبة بن نافع″ التي تقع على بعد نحو 150 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس، والتي تتمركز فيها أنواع مختلفة من الطائرات الحربية من نوع “ميغ 21 و23“، إلى جانب المروحيات الهجومية من نوع “مي 35″.

وفي المقابل، وجدت حكومة الوفاق الوطني الدعم من ميليشيات مدينة مصراتة، حيث تحرك، الخميس، رتل عسكري يضم أكثر من 150 سيارة مسلحة تابعة لقوة مكافحة الإرهاب مصراتة نحو طرابلس، فيما تحركت عناصر أخرى تابعة لميليشيا تابعة لمحمد خليل عيسى، التي تتبع المنطقة العسكرية الوسطى الموالية لحكومة الوفاق، من مصراته باتجاه منطقة الجفرة، في مسعى لقطع إمدادات الجيش الليبي.

العرب