ضيّق إقرار مجلس العموم البريطاني لقانون يمنع خيار الانفصال دون اتفاق هامش المناورة لدى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي لم تستبعد في وقت سابق المضي في هذا السيناريو ما لم يدعم النواب استراتيجيتها. وأنعشت ليونة حزب العمال المعارض في تجاوز أزمة بريكست آمال رئيسة الحكومة التي تستعد لطرح اتفاق بريكست على التصويت مرة رابعة.
لندن – أنهت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على نحو درامي سعيها لإقناع نواب حزبها وحليفها الأيرلندي الشمالي بالتحول فجأة صوب حزب العمال المعارض الذي أبدى الأربعاء مرونة في التوصل إلى توافقات تحسم أزمة بريكست.
وأغضب قرار ماي نواب حزبها المحافظ بعد أن أقرّت الاستماع لطلبات زعيم حزب العمال جيريمي كوربن بخصوص تحالف أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست بما في ذلك الاستمرار في الاتحاد الجمركي اليمين البريطاني، وأسفر عن استقالة وزيرين من الصف الثاني.
وضاعفت الحكومة البريطانية من مساعيها الخميس لاستمالة حزب العمال المعارض إلى صفها في محاولة أخيرة لتفادي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الأسبوع المقبل.
وتأتي المباحثات الجديدة غداة تصويت البرلمان على مشروع قرار لتفادي خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 12 أبريل الجاري.
ومع نفاد الخيارات، غيّرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي استراتيجيتها ودعت زعيم حزب العمال جيريمي كوربن إلى عقد مباحثات الأربعاء للتوصل إلى تسوية لتفادي بريكست دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي في غضون أربعة أيام.
وتبذل ماي جهودا كثيفة بحثا عن أصوات تمكنها من تمرير اتفاقها الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي من خلال البرلمان في محاولة رابعة.
وتحل مهلة بريكست في 12 أبريل الحالي، ولا يزال الموقف المعارض لخطة ماي شديدا بشكل واضح.
ورفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأخرى، وبدأت بروكسل تبدي نفاد صبرها.
وكان من المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس. إلا أن ماي حصلت خلال قمة أوروبية عقدت في 21 و22 مارس على إرجاء القرار حتى الثاني عشر من أبريل الجاري في حال لم يتم إقرار اتفاق الطلاق، وحتى الثاني والعشرين من مايو في حال تمت الموافقة على الاتفاق في مجلس العموم.
وعلى الطاولة خياران أحدهما يرغمها على القبول بتمديد أكبر يمنح بريطانيا المزيد من الوقت لإعادة التفكير في بريكست وحتى تغيير قرارها بمغادرة التكتل.
والخيار الثاني هو السماح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد دون اتفاق في 12 أبريل على أمل أن تكون الفوضى الاقتصادية المتوقعة قصيرة الأجل.
ورحب كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه بالتعاون الحزبي لتجاوز الأزمة. وكتب على تويتر “حان وقت اتخاذ القرار”.
ودافع وزير كبير في الحكومة عن موقف ماي في الحوار مع المعارضة مشيرا إلى أنه ليست لديها خيارات أخرى.
وأفاد الوزير الذي فضل عدم الكشف عن هويته لموقع بوليتيكو الإخباري “الأمر بسيط للغاية… ليس هناك مكان آخر تذهب إليه. لقد فعلت ما عليها فعله وكانت مستعدة لتحمل الانتقادات”.
وأكد أعضاء آخرون مؤيدون للاتحاد الأوروبي في حكومتها أن الوقت حان للتوصل إلى التخلي عن بعض المواقف السياسية لمصلحة إيجاد حل آمن لأكبر أزمة سياسية في بريطانيا منذ عقود.
وقال وزير المالية فيليب هاموند إنّ “كلا الحزبين عليهما أن يقدما تنازلا، بالرغم من أن الطرفين سيتألمان”.
وأكد هاموند أن بريطانيا ستطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيلا يمنحها خيار الرحيل بمجرد أن يوافق البرلمان على اتفاق الانسحاب.
وأضاف “المهم الآن هو أن يكون هناك وضوح تام، في أي تمديد نحصل عليه من الاتحاد الأوروبي، حيث إنه بمجرد أن ننجز الاتفاق، سيكون بوسعنا إنهاء ذلك التمديد”، مشيرا “ومن ثم فالأمر لا يتعلق بطول فترة التمديد وإنما بآلية إنهائه بمجرد إنجاز الاتفاق.. هذا ما نتوقعه”.
ولدى ماي وكوربن رؤى متباينة بخصوص مكانة بريطانيا في أوروبا وقد أظهر كلاهما القليل من الرغبة في التنازل عن قناعاته في الماضي.
وعارضت ماي طويلا فكرة البقاء في الاتحاد الجمركي الأوروبي إذ إنها تمنع بريطانيا من توقيع اتفاقات تجارية مستقلة مع دول مثل الصين والولايات المتحدة.
ويواجه كوربن ضغوطا من التيار المؤيد لأوروبا في حزب العمال للدفع من أجل إجراء استفتاء ثان بين اتفاق ماي وخيار البقاء في الاتحاد الاوروبي.
وامتنع كوربن حتى الآن عن دعم فكرة إجراء استفتاء ثان وذلك جزئيا بسبب موقفه المشكك في الاتحاد الأوروبي.
وتزامنا مع التحركات السياسية، طالب مسؤولو الشرطة في بريطانيا المواطنين بعدم “تأجيج التوترات” على خلفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقالوا إن هناك 10 آلاف شرطي على استعداد لمواجهة أي أعمال فوضوية متعلقة بالخروج في أنحاء البلاد.
وقال مجلس رؤساء الشرطة إنه يعمل بالتنسيق على مستوى البلاد بأكملها في ما يتعلق بمواجهة أي مشاكل محتملة تشمل تأخيرات في الموانئ وعرقلة لحركة المرور ونقصا في السلع ووقوع إضرابات.
وأضاف المجلس أن هناك أكثر من 10 آلاف شرطي “كلهم مدربون ومؤهلون لمواجهة أي قضايا قومية” موضحا أنه تم اختبار خططه وإعدادها لمواجهة أسوأ السيناريوهات.
وقال تشارلي هول مدير العمليات بالمجلس إن “الشرطة تتوقع حدوث المزيد من المظاهرات خلال الأسابيع المقبلة، وليس لديها أي سبب للاعتقاد بأنها سوف تكون غير سلمية”.
ومع ذلك، أضاف هول “الأحداث القومية والعالمية يمكنها أن تؤدي إلى ارتفاع وتيرة جريمة الكراهية على المدى القصير، ولقد رصدنا هذا من خلال تزايد جرائم الكراهية عقب استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016″.
وتابع “نريد أن نؤكد لضحايا جرائم الكراهية أننا سوف نأخذ شكاواكم على محمل الجد ونساعدكم في الحصول على الدعم الذي تحتاجونه”.
العرب