ردا على قرار اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي -الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بالأغلبية- بإصدار قرار يخولها الاطلاع على كامل تقرير المحقق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية لعام 2016، عبرت وزارة العدل عن عدم قانونية وصعوبة الاستجابة لطلب اللجنة.
وجاء في رد الوزارة في بيان للمتحدثة الرسمية كيري كيوبيك “تنتهي كل صفحة من صفحات التقرير السري الذي قدمه مولر لوزير العدل يوم 22 مارس/آذار الماضي بملاحظة على الجملة التالية (ربما تحتوي هذه الصفحة على معلومات يجب الحفاظ على سريتها طبقا للقانون الجنائي الفدرالي رقم P.6e) وهو القانون الذي يحمي سرية معلومات تم الحصول عليها من شهود أمام هيئة محلفين.
ودفع التراشق بين الديمقراطيين والعدل، والذي زاد من حدته خروج تقارير صحفية مؤخرا تؤكد غضب بعض محققي فريق مولر وعدم رضاهم عن خلاصة الوزير وليام بار عن التقرير، والتي أرسلت للكونغرس واعتبرها الرئيس دونالد ترامب بمثابة تبرئة كاملة له من شبهة اقتراف جرائم تتعلق بالتواطؤ مع روسيا أو إعاقة العدالة.
وتتجه معركة الصدام بين الديمقراطيين والعدل لنفق مظلم لغياب الثقة بالأساس من جانب الطرف الأول، وسيكون القضاء ساحة الجولة القادمة حول مصير تقرير مولر. ويصمم الديمقراطيون على نشره كاملا، لكن الوزارة لا تؤمن بأن هذه الإجراء قانوني في جوهره.
علانية التقرير
وطبقا للقوانين الأميركية “يستطيع وزير العدل رفض أي طلب للكونغرس، إلا أنه بالنظر لطبيعة الكونغرس كجهة وسلطة منتخبة، وبسبب سياسية الفصل بين السلطات، يرجع الحكم النهائي للنزاع بينهم إلى السلطة القضاء التي تفصل في مثل هذه الأزمات” كما ذكرت خبيرة قانونية للجزيرة نت.
ووجه بعض الخبراء القانونيين ممن تابعوا عن كثب تحقيقات مولر النصح للديمقراطيين بالصبر لأسبوعين أو أقل، إذ تعهد وزير العدل بإطلاع الكونغرس وربما الرأي العام على تقرير مولر بحلول أو ربما قبل منتصف الشهر الجاري، قبل اتخاذ أي خطوات تصعيدية.
ومنذ البداية، أكد وزير العدل أنه “ملتزم بأقصى درجات الشفافية تجاه نشر تقرير مولر للرأي العام بما لا يخالف القانون”.
ويقوم بار ومساعدوه بشطب بعض فقرات وصفحات وأسطر في التقرير. ورصد بنجامين ويتس الخبير القانوني بمعهد بروكينغز بالعاصمة أربعة معوقات تمنع وزير العدل من عرض التقرير كاملا سواء للكونغرس أو الرأي العام.
المعوق الأول: يعد مخالفا للقانون نشر شهادات الشهود وهوياتهم، واعتمد تحقيق مولر على إقناع الكثير من الشهود بالإدلاء بشهاداتهم أمام هيئات محلفين فدرالية مقابل الحفاظ على سرية المعلومات وعدم الكشف عن هوية الشهود. ويستطيع القضاء فقط تقرير نشر هذه الشهادات للرأي العام، وسيستغرق ذلك وقتا طويلا أمام القضاء.
المعوق الثاني: سيشطب الوزير “المواد التي ترى الأجهزة الاستخباراتية أن نشرها يضر بالأمن القومي” وهذا أيضا عنصر طبيعي ومتوقع عندما يتعلق التحقيق بتدخل دولة أجنبية بالشأن الأميركي. وتعهد بار بعدم تسويد كل المعلومات الهامة والحساسة بل فقط “ما يضر بالأمن القومي”.
المعوق الثالث: سيسود بار الأجزاء المتعلقة “بتحقيقات جارية” تجريها وزارته في موضوعات مرتبطة بتحقيقات مولر.
المعوق الرابع: سيسود الوزير الأجزاء التي “تمس خصوصية سمعة أشخاص غير مرتبطين بالتحقيقات بصورة مباشرة”.
استثناءات تاريخية
وخلال التحقيقات الفدرالية في حالتي ووترغيت ضد الرئيس ريتشارد نيكسون وتحقيقات إقصاء بيل كلينتون على خلفية فضيحة مونيكا لوينسكي، حكم القضاء بضرورة نشر التحقيقات كاملة، وفضل القضاة في الحالتين مبدأ الشفافية ورغبة الرأي العام بالاطلاع على التحقيقات على مبدأ الخصوصية وحماية هوية الشهود.
ونشر المحقق كين ستار تحقيقاته مع كلينتون في أكثر من ثمانية آلاف صفحة.
ورغم ضغط الكثير من أعضاء الحزبين بهذا الاتجاه رغبة في ترك الشعب يقرر بنفسه كيفية قراءة نتائج التحقيقات -وما عبر عنه ترامب شخصيا من عدم ممانعته نشر التقرير كاملا، إذ غرد قائلا “لا أعترض على نشر التقرير، ليس هناك ما أخفيه”- فإن القول الحاسم سيكون للقضاء.
الجزيرة