يحظى النفط الخام في عالمنا الحديث بأهمية بالغة، لا سيما أنه يستخدم لتوليد الكهرباء وتشغيل المركبات وغيرها من الاستعمالات الأخرى، مما يجعله بمثابة شريان الحياة بالنسبة للاقتصادات والأمم الحديثة. لكن ما الذي قد يحدث في حال نفد النفط؟
يقول الكاتب كريستوفر مكفادين في تقريره الذي نشره موقع “إنترستنغ إنجينيرينغ” الأميركي، إن إمكانية نفاد النفط الخام من الأرض يعتبر سيناريو واقعيا ويمكن أن يتحقق في المستقبل، نظرا للاستهلاك المتزايد للنفط.
قد يشكل نفاد النفط أزمة خطيرة للغاية، ذلك أن الجنس البشري يعتمد كليا على وجود إمدادات وفيرة من الخام.
بين عام 1965 و2005، تضاعف الطلب على النفط الخام بمعدل مرتين ونصف، مما يعني أننا صرنا نستخدم ضعف كمية الفحم وثلاثة أضعاف الغاز الطبيعي.
وذكر مكفادين في تقريره أن النفط على وجه الخصوص مادة مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها، لأنها تحتوي على نسبة عالية من الطاقة ويمكن تكريره بسهولة إلى وقود سائل من خلال التقطير، وهي مواد تستعمل في تشغيل جميع وسائل النقل في العالم، وأيضا في إنتاج الكهرباء.
ويقول الكاتب “نحن نعتمد على النفط الخام وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى في كل نواحي حياتنا تقريبا”.
كما يعد الغاز الطبيعي أحد المواد المهمة أيضا لصنع بعض الأسمدة. وفي حال غيابه، قد يتأثر إنتاج الغذاء بطريقة مباشرة في جميع أنحاء العالم.
وفي مجال الزراعة أيضا، تعمل أغلب الآلات بفضل مشتقات النفط، إلى جانب الطائرات والسيارات الضرورية لنقل المواد الغذائية حول العالم.
بناء على ذلك، سيكون فقدان هذه الموارد ذا تأثير عميق ومدمر على الحضارة الإنسانية، يقول الكاتب.
كم تبقى حتى ينفد النفط؟
أشار الكاتب إلى أن الشائعات تحوم باستمرار حول إمكانية نفاد النفط في العالم خلال الأعوام الخمسة أو العشرة أو العشرين القادمة، لكن من غير المحتمل أن نصبح من دون نفط تماما.
ويعد النفط، وجميع أنواع الوقود الأحفوري، من الموارد المحدودة بطبيعتها، لكن كلما استُنزفت خزانات النفط المعروفة برزت الخزانات الأخرى الأكثر تعقيدا لتصبح قابلة للاستغلال اقتصاديا، حسب التقرير.
وأفاد الكاتب بأن خزانات النفط العميقة التي تنطوي على صعوبات تقنية، ترتبط بتكلفة مرتفعة للغاية. وكلما كان الطلب متزايدا على استهلاك النفط، فالأمر يستحق المجازفة.
وقد يرجع السبب جزئيا في ارتفاع أسعار النفط مع مرور الوقت، إلى ارتفاع تكلفة استخراجه.
وحسب تقديرات لشركة بريتيش بتروليوم، هناك كميات من احتياطي النفط تكفي إلى حدود عام 2070 تقريبا.
تجدر الإشارة إلى أنه من الصعب تقدير حجم احتياطيات النفط الموجودة، وصعوبة مراجعتها، كما أن الأرقام المقدمة لا يمكن الوثوق بها بشكل كامل، يقول الكاتب.
في حين أنه من غير المرجح أن ينفد احتياطي النفط الخام بشكل كامل، إلا أن هذا لا يعني أن الكميات المتبقية ستكون صالحة للاستخدام وبالجودة ذاتها، حيث يمكن وصفها بأنها إما عبارة عن نفط “مركز” أو “حامض”. كما أنه لن يكون بالضرورة في شكل سائل، بل يميل إلى أن يكون كمادة الأسفلت ويحتوي على مستويات عالية من الملوثات، على غرار الكبريت، ينقل التقرير.
وذكر الكاتب أن الكبريت قد يكون سببا في تآكل الصلب، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للمصافي.
من جهة أخرى، يتطلب النفط “المركز” معالجة معقدة وكثيفة الطاقة لإزالة الكبريت، مما يزيد من تكلفة الإنتاج بشكل عام.
ولا تعتبر المصادر الأخرى المكتشفة حديثا، على غرار النفط الصخري، بدائل أفضل.
يقول الكاتب “في الحقيقة، لا يعتبر النفط الصخري نفطا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهو يحتوي على مادة صلبة تسمى “كيروجين” التي تحتاج إلى تسخينها إلى حدود 500 درجة مئوية قبل أن تُعالج حتى تتحوّل إلى سائل يشبه النفط التقليدي ظاهريا.
يمكننا مجابهة عجز مخزونات النفط بكل سهولة من خلال خفض اعتمادنا على النفط الخام. لكن في الوقت الذي قد لا تبدو فيه هذه الخطوة جدية، من المحتمل أن نكون مضطرين إلى القيام بذلك رغما عن أنوفنا، يقول الكاتب.
ومن المرجح أن يكون سعر النفط محددا، فالتكلفة النسبية لبدائل النفط ستصبح أكثر قابلية للتطبيق مع مرور الوقت.
وفي الحقيقة، من غير المرجح أن تنفد احتياطيات النفط تماما ولكن استخراجه من الأعماق واستكشاف احتياطيات جديدة ستصبح مكلفة مع مرور الوقت.
ويرى الكاتب، أنه بمجرد أن يصبح سعر النفط مكلفا في المستقبل، سيبدأ المستهلكون في البحث عن بدائل.
وحتى في حال عدم العثور على بديل موثوق، ستُكتشف طرق أخرى لاستخدام الموارد الحالية بكفاءة أكبر.
ويرى الكاتب أنه يمكن تخفيض كمية الطاقة لكل وحدة يتم إنتاجها بسبب نضوب إمدادات النفط، على الأقل من الناحية النظرية.
لكن الخطوة الأهم -بحسب الكاتب- تتمثل في أننا بحاجة إلى البدء في استخدام هذه الموارد بكفاءة أكبر لتوسيع قدرتها كمصدر للوقود بعد عام 2070، أو الانتقال إلى استهلاك مصادر الطاقة الأخرى على غرار الطاقة النووية، أو مصادر الطاقة المتجددة.
المصدر : مواقع إلكترونية