تستمر معاناة الليبيين مع استمرار الاشتباكات في العاصمة طرابلس، إذ قفزت أسعار السلع في الأسواق بنسب وصلت إلى 30% وسط نقص في عدد من السلع الأساسية، فيما أكد متعاملون مع سوق الكريمية (أكبر تجمع تجاري في البلاد) لـ “العربي الجديد” أن الارتفاع مفتعل، وأن سماسرة الحروب يتحكمون في الأسواق من خلال الاحتكارات.
وأكد مدير إدارة الإعلام في الشركة الاشتراكية للموانئ الليبية (حكومية) محمد القويري أن حركة السفن إلى ليبيا تسير بشكل طبيعي ولم يكن هناك توقف على الرغم من استمرار الاشتباكات المسلحة جنوب العاصمة طرابلس.
وقال لـ “العربي الجديد” إن المنطقة الغربية تضم ثلاثة موانئ، ميناء مصراته وميناء الخمس، بالإضافة إلى ميناء طرابلس، موضحاً أن السلع والحبوب والأدوية تدخل بشكل مستمر إلى الموانئ، وأن نقص السلع في الأسواق يجب أن تتابعه الجهات المختصة في وزارة الاقتصاد.
وذكر الخبير المصرفي محمد حمودة أن هناك ارتفاعا في الأسعار طاول مختلف السلع الغذائية والأدوية بسبب الحرب، وتزامن ذلك مع نقص كبير في معروض الأدوية وبطاقات شحن الهواتف في مناطق الاشتباكات، في المقابل تراجعت حركة السير بنحو 60% ما أثر على إمدادات الأسواق. ولفت إلى أن الأوضاع المعيشية في طرابلس تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الهنقاري إن الحرب سوف تؤثر بشكل كبير على المنشآت الاقتصادية وتعطل حركة التجارة في البلاد، فضلاً عن ارتفاع حدة الاحتكار الذي ينعكس زيادة بأسعار السلع.
وتخوّف الهنقاري من وصول التعطيل إلى الشريان الرئيسي للاقتصاد الليبي، بحيث من الممكن أن تؤثر الاشتباكات على إنتاج النفط. وأشار إلى تضرر البنية التحتية وقطاع الزراعة.
وكان رئيس “المؤسسة الوطنية للنفط” في ليبيا، مصطفى صنع الله، حذر منذ أيام من أن تجدّد القتال في البلاد “قد يقضي” على إنتاج البلاد من النفط الخام، وفقاً لمقابلة أجراها مع صحيفة “فايننشال تايمز”. وقال صنع الله: “أخشى أن الوضع قد يكون أسوأ بكثير من عام 2011 بسبب حجم القوات المشاركة الآن بالقتال”.
وحسب تقارير رسمية، تعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج بنسبة 85%، في تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في ليبيا إلى 9.8% في العام 2018، مقابل 28.5% في العام 2017.
ويوجد في ليبيا ثلاثة أسعار للدولار، السعر الرسمي بقيمة 1.39 دينار، وهو غير متاح للجميع باستثناء توريد المحروقات والأدوية، وسعر السوق الموازي 4.6 دنانير مقابل الدولار، والسعر الثالث هو ما ينتج عن زيادة رسم بقيمة 183% على سعر الدولار الرسمي، وهو مخصص للاعتمادات المستندية المعتمدة لتوريد السلع وتحويلات الطلبة والمرضى، ويراوح هذا السعر بين 3.9 و4 دنانير تقريباً.
وما زالت المصارف في طرابلس تعاني من شح شديد في السيولة، ولاحظت “العربي الجديد” في جولة في العاصمة أن معظم المصارف التجارية أغلقت أبوابها مع ازدحام الشديد للمواطنين أمام تلك التي تابعت نشاطها.
وشكا المواطن علي عبد الجليل من أمام مصرف التجاري الوطني لـ “العربي الجديد” أنه “لا توجد سيولة ونحن ننتظر حتى منتصف النهار ربما تأتي السيولة على غفلة”. وفي حين رفض أي مسؤول في المصارف التعليق على أسباب شح السيولة، إلا أن معظم هؤلاء أكد لـ “العربي الجديد” أن ضخ السيولة من المصرف المركزي ليس منتظماً.
ومع نقص السيولة، ارتفعت نسبة التعاملات بالصكوك بنسبة تراوح ما بين 10% إلى 15% على السلع مقابل الشراء بالصك المصدق أو البطاقة المصرفية، وفق ما قاله لـ “العربي الجديد”، سالم الصغير، صاحب سوق المتوسط في منطقة حي الأندلس.
وأكد مصرف ليبيا المركزي في بيان أنه فتح المقاصة الإلكترونية بين المصارف بعد توقف لفترة قصيرة، وأوضح أن الإيقاف المؤقت جاء كإجراء احترازي لحماية المعاملات التجارية من التزوير والاحتيال.
وعلى صعيد حركة المنافذ البرية والجوية، طمأن الناطق باسم وزارة الداخلية الليبية مبروك عبد الحفيظ، بأن “الحركة بمنافذ الدولة البرّية رأس جدير ووازن تسير بشكل اعتيادي، وكذلك منفذ مطار معيتيقة الدولي”.
رئيس الشركة العامة للكهرباء (حكومية) عبدالمجيد حمزة، قال إن الشركة تعرضت لمشاكل فنية بسبب الاشتباكات التي وقعت وأدت إلى ظلام تام في بعض المناطق، مضيفا أن هناك 16 خطًا خارج الخدمة.
وأوضح حمزة أن مناطق الاشتباك الممتدة من منطقة العزيزية غربًا إلى مناطق وادي الربيع وعين زارة، تعد خط مرور أساسيا للشبكة الكهربائية، وتتضمن دوائر الـ 220 كيلو فولت وبها عدد آخر من دوائر 400 كيلو فولت، فضلا عن دوائر النقل المتوسطة.
العربي الجديد