أعلنت هيئة النزاهة العراقية في بيان الاثنين-الفائت- عن فقدان ما يقارب 60 مليون دولار من موازنة محافظة نينوى، اختلسها موظفون مقربون من المحافظ الملاحق قضائياً نوفل العاكوب قبل إقالته من منصبه عقب حادثة غرق “عبارة الموت” في الموصل.
وكانت الهيئة أعلنت في 11 نيسان/أبريل الحالي ضبط 14 مسؤولاً وموظفاً في ديوان محافظة نينوى، بتهمة الاختلاس وتبديد أموال الدولة.
وكشفت هيئة النزاهة في بيانها أمس، أن موظفين مقربين من العاكوب استحوذوا على أكثر من 76 مليار دينار عراقي (نحو 64 مليون دولار) «على شكل صكوك أو إيداعات في حسابات شخصية على شكل أموال نقدية».
وأوضح مسؤول في الهيئة، طالبا عدم كشف هويته، أن من ضمن المبلغ الأصلي، ما يقارب 45 مليار دينار عراقي (نحو 37 مليون دولار) «من أموال تنمية الأقاليم لعام 2018 الخاصة بالمحافظة».
في السياق، أعلن عضو لجنة النزاهة النيابية النائب كاظم الشمري، أن لجنة النزاهة ستباشر بالتحقيق في ملفات فساد وتهرّب ضريبي تخص الشركة الصينية المشغلة لحقل الأحدب النفطي (180 كم جنوب شرقي بغداد) التي بذمتها 180 مليون دولار لصالح الحكومة العراقية.
وأوضح في بيان: «لدينا وثائق تثبت عملية فساد وتهرب ضريبي في عقد تطوير حقل الأحدب النفطي الذي يقع في محافظة واسط، حيث تمتنع شركة الواحة الصينية وبالتعاون مع بعض المتنفذين في وزارة النفط والهيئة العامة للضرائب من دفع المستحقات المالية التي بذمتها».
وأضاف: «تم تزويد المفتش العام لوزارة النفط، بكافة الوثائق للبدء بتحقيق عاجل بهذا الملف الذي يتضمن فساد مالي وإداري وهدر بالمال العام».
وعلى هذا الأساس، أعلنت مكتب مفتش عام وزارة النفط حمدان الدراجي، اقرار استراتيجية شاملة لمحاربة الفساد، مؤكداً تمكنه من وقف التجاوز على المال العام والهدر.
وذكر بيان للمكتب، أن «مكتب المفتش العام في وزارة النفط حقق العديد من المنجزات على مستوى التخطيط والمتابعة لمواجهة الفساد والمخالفات التي وضعت لمواجهتها استراتيجية شاملة وبمباشرة من المفتش العام».
وأضاف: «لعل من أبرز إنجازات مكتب المفتش العام في وزارة النفط للفصل الأول من عام 2019 ، تمثلت في وقف التجاوز على المال العام والهدر، وبلغ مجموع الغرامات المتحصلة من المخالفات للمنافذ التوزيعية من قبل المكتب للفصل الأول من عام 2019 للمنطقتين الغربية والجنوبية فقط، ما يزيد بقليل عن (1887658000) دولار».
وأوضح المكتب، أن «مجموع المبالغ الموصى باستردادها من قبل المكتب في المنطقة الجنوبية للفصل الأول لعام 2019 من شركة نفط الجنوب، أكثر من (3.5) مليون دولار، إضافة الى مبالغ موصى باستردادها بلغت (43) مليون دينار ما يعادل (35 ألف دولار) تقريباً، وذلك عن المخالفات في المنافذ التوزيعية للمنتجات النفطية في المنطقة الجنوبية».
ولفت إلى أن «مجموع الغرامات نتيجة المخالفات للمنافذ التوزيعية للمحطات الأهلية والمولدات التي تم ضبطها من قبل شعبة الخط الساخن لمحافظة بغداد فقط بلغ أكثر من (97) مليون دينار، نحو (80 ألف دولار)».
وفتح حادث غرق العبارة ملفات الفساد التي كانت تنخر المدينة المدمرة إثر الحرب ضد تنظيم «داعش»، والتي رصدت لها موازنة قيمتها (800) مليون دولار، لكن على الرغم من ذلك، فإن الفساد يبقى مستشرياً في الدولة التي تحتل المرتبة الـ(12) على لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، وإن أعاد حادث العبارة مسألة فساد السياسيين إلى الضوء مجدداً، فإن أياً منهم لم يقدم إلى العدالة حتى الآن.
ويعاني العراق منذ سنوات من فساد استشرى في مؤسساته، وقد تسبّب هذا الفساد خلال السنوات الـ(15) الماضية بخسارة (228) مليار دولار، ذهبت إلى جيوب سياسيين وأصحاب مشاريع فاسدين، وفق مجلس النواب العراقي، ويمثل هذا المبلغ اليوم ضعف الميزانية وأكثر من الناتج المحلي للبلاد.
فحرب العراق ضد الفساد أخطر من معركة الإرهاب، وللفساد تداعيات سلبية كبيرة على التنمية في العراق، من بينها مواجهة المستثمرين الأجانب ضغوطا كبيرة على أعمالهم في ذلك البلد، وارتباط الفساد بالعراق ظل محل اهتمام المؤسسات الدولية قبل المحلية والإقليمية.
وفي عام 2017 حل العراق في المركز الـ(169) من بين (180) دولة على مؤشر الفساد الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية.
ويصنف مؤشر إدراك الفساد البلدان والأقاليم على أساس مدى فساد قطاعها العام.
وقد بلغ العراق أعلى درجة له في الفساد في عام 2007 إذ احتل المرتبة الـ(178) بينما سجل أدنى مستوى في عام 2003 بالمرتبة الـ(113).
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للحوث والدراسات الاستراتيجية