من أغرب ما كتب في دساتير العالم

من أغرب ما كتب في دساتير العالم

يمثل الدستور أعلى قانون في البلاد، وهو الوثيقة التي تحدد نظام الحكم ومبادئه والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وحقوق المواطنين وواجباتهم، ولذلك فإن لغة الدساتير تتشابه عادة ولا تخرج عن أعراف عامة، غير أن بعض المواد والعبارات قد تبدو غريبة لأسباب خاصة.

جمهورية إيرلندا.. باسم الثالوث
ليس غريبا أن يعبر الدستور عن عقيدة الشعب وهويته الدينية وعن علاقة السلطة بالدين، لكن دستور جمهورية إيرلندا يعد مدونة فريدة بين دساتير أوروبا الغربية من حيث عباراته الدينية القوية التي تبرز الاعتقاد الكاثوليكي لمن كتبوه عام 1937.

ويمكنك أن تقرأ مثل تلك العبارات في ديباجة الدستور التي تقول “باسم الثالوث الأقدس، الذي منه تصدر كل السلطات، وإليه تنتهي حتما كل أفعال الرجال والدول”. وتمضي الديباجة “نحن شعب إيرلندا، ندرك في تواضع واجباتنا تجاه سيدنا المقدس يسوع المسيح، الذي حفظ آباءنا عبر قرون من الفتن”.

وكذلك كتبت مواد عدة في هذا الدستور بهذا النفس الديني، فيما يتعلق بحظر الإجهاض وإعلاء قيمة الحياة الأسرية والحديث عن دور المرأة في المنزل، وهي مواد تسبب حرجا لإيرلندا في الوقت الراهن، وتتعالى الأصوات المطالبة بتغييرها في الداخل والخارج.

ومن أبرز تلك المواد “المحرجة” ما يُعرف بمادة “المرأة في المنزل”، والتي تقول: “تقر الدولة بأن المرأة بمعيشتها في كنف المنزل تعطي الدولة دعما لا يتحقق من دونه الصالح العام”.

الولايات المتحدة.. اطردوا الجنود
يفخر الأميركيون بدستورهم الذي كتب عام 1789، والذي يعد أبرز الدساتير القديمة التي لا تزال حية حتى عصرنا هذا، غير أن هناك مادة تثير العجب لدى من يقرؤه اليوم، خاصة أنها ظلت عصية على كل التعديلات والمراجعات.

تقول المادة، وهي “التعديل الثالث” في الدستور الأميركي: “لا يجوز في زمن السلم إيواء أي جندي في أي منزل دون موافقة مالكه، ولا في زمن الحرب، إلا وفقا لما يحدده القانون”.

وقد كُتبت هذه المادة لحماية حقوق المزارعين الأميركيين الأوائل في حقبة استيطان أميركا الشمالية، إذ كانت الحكومات تؤوي الجنود البريطانيين في منازل المزارعين في تلك الأيام، غير أن المادة ليس لها دور أو فائدة تذكر في التاريخ الأميركي الحديث.

اليابان.. السلام للأبد
في أعقاب هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية، كتب اليابانيون دستورهم عام 1946، وأعلنوا التخلي للأبد عن الحرب كحق سيادي للدولة، وهي المادة التي لا تزال تثير الجدل حتى اليوم، وتستفز مشاعر يابانيين من أجيال ما بعد الحرب.

تقول المادة التاسعة من الدستور الياباني: “لطموحه الصادق إلى سلام عالمي قائم على العدل والنظام، يتخلى الشعب الياباني للأبد عن الحرب كحق سيادي للأمة، وعن التهديد بالقوة، أو استخدامها، كوسيلة لحل النزاعات الدولية”.

وتضيف المادة “من أجل تحقيق غاية الفقرة السابقة، لن يتم امتلاك قوات برية أو بحرية أو جوية أو أي قدرات حربية أخرى للأبد، ولن يُعترف بحق الدولة في العمل الحربي”.

مملكة بوتان.. دستور السعادة
تتبنى دولة بوتان -تلك المملكة البوذية الواقعة في أحضان جبال الهيمالايا- دستورا لافتا يحوي بعض الكلمات غير المألوفة في الدساتير.

ضمن المادة التاسعة التي تحدد مبادئ سياسة الدولة، تقول الفقرة الثانية: “تسعى الدولة لتشجيع الظروف التي تمكّن من تحقيق السعادة المحلية الإجمالية”، وذلك على غرار المصطلح الاقتصادي “الناتج المحلي الإجمالي”.

ووفقا لهذه المادة تتبنى المملكة “السعادة المحلية الإجمالية” كمؤشر للتنمية، بناء على فلسفة الملك جيغمي سينغي وانغتشوك الذي قال في مقابلة صحفية عام 1972 إن السعادة المحلية الإجمالية أهم من الناتج المحلي الإجمالي.

وفضلا عن هذه المادة، قد يبدو غريبا تدوين التواريخ الرئيسية في دستور بوتان بحسب التقويم الصيني، حيث يوضح الدستور أن تاريخ صدوره يقع في سنة الفأر (التي وافقت عام 2008 بالتقويم الميلادي)، وأن توقيع وثيقة “جينجا” التاريخية التي وحدت البلد تحت النظام الملكي، كان في سنة القرد (التي وافقت 1907 بالتقويم الميلادي).

الصين.. في ظل الدكتاتورية الديمقراطية
قد لا يكون من السهل فهم نظام الحكم الشيوعي في الصين وهياكله وتمثيلاته، وكذلك الحال بالنسبة لبعض العبارات الواردة في دستور البلاد الصادر عام 1982.

تقول المادة الأولى من الدستور الصيني في الفقرة الأولى إن “جمهورية الصين الشعبية دولة اشتراكية تحت دكتاتورية الشعب الديمقراطية بقيادة الطبقة العاملة وعلى أساس تحالف العمال والفلاحين”.

وفي التفسير، تقول أدبيات الحزب الشيوعي الصيني -الذي يعتبر قائد الشعب ومؤسس الجمهورية- إن الشعب الصيني فقط هو الذي ينفرد بالحكم وفي طليعته طبقة العمال، ومع ذلك تظل العبارة لافتة بما فيها من تناقض بين الدكتاتورية والديمقراطية.

الإكوادور.. حق الطبيعة الأم
يقال إن الإكوادور هي أول دولة ينص دستورها على أن الطبيعة صاحبة حقوق، على غرار الأفراد والطوائف التي تعيش في البلاد.

ويقول الدستور في ديباجته “نحن النساء والرجال، شعب الإكوادور صاحب السيادة، ندرك جذورنا التاريخية التي غرسها نساء ورجال من شعوب شتى، ونحتفي بالطبيعة باتشا ماما (الأرض الأم)، التي نحن جزء منها والتي هي ضرورة لوجودنا”.

وتنص المادة 71 على أن “الطبيعة -أو باتشا ماما- حيث تولد الحياة وتنشأ، لها الحق في الاحترام الكامل لوجودها، وحفظ وتجديد دورات حياتها وتركيبتها ووظائفها وعمليات تطورها”.

وتضيف أن “بإمكان كل الأشخاص والمجتمعات والشعوب والأمم مطالبة السلطات العامة بتطبيق حقوق الطبيعة”.

الجزيرة