خروج التسليح التركي لميليشيات طرابلس إلى العلن

خروج التسليح التركي لميليشيات طرابلس إلى العلن

تونس – خرج إلى العلن الدعم التركي لتسليح الميليشيات في طرابلس ومصراتة في المعركة المتواصلة لمنع قيام الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من استعادة العاصمة الليبية، مفندا تصريحات الحكومة التركية بعدم إرسال أي أسلحة للميليشيات المنضوية تحت حكومة الوفاق ونفي حكومة فايز السراج تسلّم أي أسلحة تركية.

وأعلنت الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج عن وصول تلك الشحنات الجديدة من الأسلحة إلى ميناءي العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة، على متن سفينتي شحن قادمتين من ميناء “سامسون” بشمال تركيا.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها “لواء الصمود” الذي يقوده صلاح بادي المُصنف ضمن الجماعات الإرهابية، عملية إفراغ إحدى السفينتين لشحنتها من العتاد العسكري التركي.

ويفنّد الإعلان الجديد نفي حكومة الوفاق عدم تسلّمها شحنات أسلحة من تركيا. كما صدر على لسان المتحدّث باسم الحكومة مهند يونس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة طرابلس الأسبوع الماضي.

وتضمّنت هذه الشحنة من العتاد الحربي، مدرعات من نوع “بي.أم.سي كيربي” التركية الصنع، وكمية من الصواريخ المضادة للدبابات، بالإضافة إلى بنادق قنص ورشاشات هجومية، وكميات من الذخائر والمتفجرات وقطع الغيار، وذلك في خرق صارخ لقرار مجلس الأمن الدولي المُتعلق بحظر الأسلحة المفروض على ليبيا بموجب الفصل السابع الصادر في العام 2011.

ومدرعات “كيربي” التي تسلمتها ميليشيات مصراتة، هي من صنع شركة “بي.أم.سي أوتوموتيف” التركية لإنتاج العربات المدرعة، ويملك صندوق الاستثمار القطري 50 في المئة من أسهم هذه الشركة التي يقع مقرها في مدينة سامسون التركية.

ونشر مركز الدراسات السويدي “نورديك مونيتور” تقريرا في العام الماضي، كشف فيه بالمستندات أن شركة “بي.أم.سي” يديرها رجل الأعمال إيثام سانجاك، وهو عضو في الهيئة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

وأكد المركز أن قطر اشترت مصنعا للدبابات تابعا لهذه الشركة، من دون أي عطاءات تنافسية أو عملية شفافة، حيث باتت القوات المسلحة القطرية تملك 49.9 في المئة من أسهم الشركة المذكورة.

وتؤكد هذه الشحنة الجديدة من الأسلحة التركية التي تأتي بعد أيام قليلة من تحذير اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الليبي، من إمكانية وصول أسلحة ومعدات حربية لدعم المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس، وهو ما ذهبت إليه “العرب” في عددها الصادر في الرابع من الشهر الجاري، عندما كشفت أن تركيا تستعد لتقديم أسلحة نوعية للميليشيات بتمويل قطري.

وكشفت مصادر ليبية تحدثت إليها “العرب” أن هذه الشحنة من السلاح التركي، تأتي نتيجة صفقة أبرمها وزير الداخلية في حكومة السراج، فتحي باشا آغا، ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، خلال زيارتهما الأخيرة إلى تركيا، التي اجتمعا خلالها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول.

وقالت إن هذا التطوّر الذي وصفته بالخطير، برز على خلفية المؤشرات الدالة على قرب انهيار الميليشيات المُسلحة على وقع ضربات الجيش الليبي، الأمر الذي دفع تركيا إلى أن ترمي بكل الأوراق التي بحوزتها لمنع انهيار أدواتها الوظيفية، وذلك على أمل رسم قواعد اشتباك جديدة وفق المشروع التركي في ليبيا.

وقالت النائبة البرلمانية الليبية، سلطنة المسماري في اتصال هاتفي مع “العرب” من مدينة بنغازي بشرق ليبيا، إن شحنة السلاح المذكورة التي تُؤكد استمرار الدور التخريبي التركي والقطري في ليبيا، تفرض على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته لوضع حدّ له.

واعتبرت أن تركيا وقطر لم تتوقفا عن دعم الجماعات الإرهابية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا منذ العام 2011، وذلك في “تحدّ واضح لمجلس الأمن الدولي الذي أصبح عاجزا عن ردع تركيا التي تدعم الحشد الميليشياوي بالسلاح والعتاد، وفي المقابل ما زال يفرض حظرا على تسليح الجيش الليبي الذي يُحارب الإرهاب والجماعات المُتطرفة”.

ويرى مراقبون، أن ما أقدمت عليه تركيا لجهة التوقيت، يعكس فصلا جديدا من فصول المخطط التركي بأبعاد إقليمية ودولية لا تقف عند حدود المساحة التي هيأتها لها علاقتها مع الميليشيات المُسلحة والتنظيمات الإرهابية في ليبيا، بل تجاوزتها إلى استغلال وتوظيف تلك المساحة لفرض واقع جديد في سياق حسابات تعكس أطماعها في ليبيا وبقية دول المنطقة.

ويقول مراقبون إن تركيا لم تقدم على هذه الخطوة من باب الصدفة، بقدر ما كانت متعمّدة لجهة التوقيت، التي أرادت من خلاله تأكيد رفضها لقواعد الاشتباك السائدة، عبر الرهان على التنظيمات الإرهابية والاستثمار فيها ضمن مقاربة لا تتردد من خلالها بالمُجاهرة باستخفافها بالقانون الدولي والشرعية الدولية.

وحملت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة، المجموعة الدولية، وخاصة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، مسؤولية استمرار تدفق الأسلحة والإرهابيين الأجانب لدعم الميليشيات الموالية لحكومة السراج.

وأعربت في بيان تلقت “العرب” نسخة منه، عن إدانتها للهجمة الإرهابية التي تقودها تركيا ضد الشعب الليبي وقواته المسلحة، مؤكدة في نفس الوقت أنها “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأعمال الإرهابية، وسوف تلاحق الجناة المعتدين أمام المحاكم الدولية للقصاص منهم ومعاقبتهم“.

وأعربت لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي المعترف به دوليا، عن استغرابها من “الصمت المريب” لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا أمام انتهاك الحظر الدولي للسلاح من قبل دولتي تركيا وقطر.

ولم يتردد عضو البرلمان الليبي علي التكبالي في المطالبة بإعلان الحدود الليبية منطقة محظورة وتكليف القوات المسلحة بالتعامل مع ممولي الإرهاب، معتبرا أن ضرب أي سفينة أو طائرة تدخل الحدود الليبية دون إذن بعد أن يكون هناك تحذير هو أمر مشروع.

وقال “نحن نعلم أن تركيا ما كانت لتبعث بالسلاح في وضح النهار لولا غض بصر الدول الفاعلة في ليبيا وهو أمر مماثل لما حصل في سوريا وما بين العراق وإيران وفي اليمن وغيرها ويهدف إلى إطالة الحرب وقتل أكبر عدد من الليبيين وتدمير المقدرات”.

العرب