الباحثة شذى خليل *
يقف العراق في المنتصف بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران، الدولتان اللتان كانت لهما مصلحة إسقاط النظام وإشاعة الفوضى العارمة في البلاد، كما ان الدلائل لازالت تؤكد على ان الطرفين مازالا يعملان على جعل العراق ساحة صراعهما وبدماء عراقية.
والأغرب هو استعداد أحزاب و (سياسيين عراقيين) يُبدُون اندفاعا كبيرا للدفاع عن ايران ، فأظهرت الأحزاب والنواب والسياسيين تأييدا لإيران ومنع العراق من الالتزام بالعقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على إيران.
بل وصل الأمر ببعضهم للتصريح بأنهم على استعداد للقتال الى جانب إيران في أية مواجهة قادمة، والأكثر من ذلك فإنهم يتحدثون إعداد مسودة قرار في البرلمان يطالب القوات الأمريكية بمغادرة العراق.
من جهة أخرى، الولايات المتحدة تمتلك من المؤيدين لبقائها في العراق ما يجعلها تشعر بالاطمئنان على نفوذها هناك، وما يثير المخاوف أكثر من احتمال دموية هذه المواجهة بأيدي ودماء عراقية، هو ما يحدث الآن بين فصائل الحشد الشعبي وتصفيات لتنظيمات داخله غير موالية لإيران.
صـراع النفوذ والهيمنة على العراق بين أمريكا وإيران من خلال السيطرة على المشـاريـع والذي تصدر مشهده صراع المشروعين الامريكـيان والايـرانـيون لا يعكس العداء بين طهـران وواشنطـن , بقـدر مـا إن فيه دلالات واضحه على استراتيجيـات مرسومة لتقـاسم مصـالح وتحـديد أولـويات نفـوذ .
كله بسبب غيـاب مشـروع عـراقي وطنـي , وانغمـاس العراقيين فـي صـراعات طائفيـة ومذهبيـة , حيث أغلب الاحزاب والمسميات السياسيـة , سـواء منهـا التي جاءت مـع المحتـل أو التي تم تفريخهـا وتدجينهـا في الداخـل , لا تحمـل رؤيـا ولا هـوية وطنيـة , وولاءهـا الاول والأخيـر الى جهـات خـارجيـة لهـا اجنداتهـا الخاصـة , هذا ما جعـل معركـة وصراع المشاريـع الخارجية على الساحة العراقية واقعـا سائـدا لا يمكـن الخروج من دوامتـه , بمبادرة بناء مشـروع وطني عراقي جمعـي , ولكـن المبادرة صعبة على المدى القريب لعجـز الماكنة المجتمعية العراقية من تجـاوز الماضي, وعدم قدرتها على تشخيص اخطاءها , هذا من جانب , ومن جانب آخـر وهو المهـم والأهـم , هيمنـة القرار المرجعي الديني على الوعـي الجمعي في الشارع , وتبعية الطغم الحاكمة ورموزهـا الى هذه المرجعيات وتنفيذهم لقراراتهـا , خدمة لمصالحهم الشخصية اولا , ولمذهبيتهم المريضة ثانيـا , وحفاظا على مناصبهم ثالثا , ولعدم امتلاكهم الارادة والانتماء الوطني ولا حتى الثابت الأخلاقي رابعا وأخيرا.
أزمة الطاقة الكهربائية في العراق:
العقوبات الامريكية على إيران تضع العراق في ورطة اعتماده على الغاز الإيراني المستعمل لإنتاج الطاقة الكهربائية، أي ان على العراق اتباع خطوات للاستقلال في مجال الطاقة والسياسة.
يعاني قطاع الكهرباء العراقي من أوضاع متردية عقب سنوات طويلة من الفساد المالي والإداري في البلاد، فضلاً عن ما يربو على ثلاثة أعوام من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي ، والتي أدت إلى تدمير البنية التحية في كثير من المحافظات التي احتلها التنظيم.
العراق يستورد حاليا من إيران نحو 28 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا ، وقالت وزارة الكهرباء العراقية إنها مستثناة من العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران، وأعلنت استمرار تدفق الغاز المستورد من إيران لتغذية المحطات الإنتاجية بالبلاد، وشراء 1200 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية.
وقررت الولايات المتحدة الاثنين عدم تجديد الإعفاءات بشأن استيراد النفط الإيراني بحلول 2 مايو/أيار المقبل لثماني دول حصلت عليها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
اما المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس، فقال ان بلاده تستورد حاليا من إيران ما يقارب 28 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا تغذي عددا من محطات توليد الكهرباء لما يقارب 2800 ميغاواط، ورجح ارتفاع الكميات بداية يونيو/حزيران المقبل إلى 35 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، لترتفع الطاقة المنتجة إلى 3500 ميغاواط، وأشار إلى استمرار الجانب الإيراني بتجهيز العراق بـ 1200 ميغاواط من الكهرباء يوميا تغذي المنظومة الوطنية، على حد قوله.
وبهذا فإن لواردات الطاقة العراقية من إيران أهمية كبيرة للبلاد لمواجهة تحديات الاستهلاك المنزلي والصناعي المتزايد في البلاد.
وفي إطار الأزمة المتفاقمة، قام العراق بتوقيع عقود مع شركة سيمنز الألمانية الرائدة بقيمة 14 مليار دولار لتجديد البنية التحتية في البلاد وإضافة محطات توليد جديدة.
ويسعى العراق الى توقيع عقود بمليارات الدولارات، مع شركة جنرال الكتريك الأمريكية في هذا الصدد.
إذ أكد وزير النفط العراقي السابق على أهمية العقود الموقعة مع سيمنز، قائلا: إن الشركة الألمانية “تستطيع وضع حد لمعاناة البلاد في مجال الكهرباء”، ومن الممكن الوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي على حد قوله .
كما قام العراق بتوقيع اتفاقية للربط الكهربائي مع السعودية، التي تمتلك فائضاً كبيراً من إنتاج الكهرباء.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس إلى أن إجمالي كمية الطاقة التي تستوردها بلاده من إيران يبلغ 4700 ميغاواط ، مما يسهم عن التخفيف عن الكاهل العراقي في فصل الصيف، وأضاف ان هدف الوزارة توفير ثمانية آلاف ميغاواط ليكون حجم الطاقة هذا الصيف الأعلى في تاريخ العراق، وإن العراق ليس أمامه بديل لاستيراد الغاز الإيراني، مضيفا أن وقف الواردات سيكلف شبكة كهرباء العراق أربعة آلاف ميغاوات يوميا.
وأضاف مسؤولان نفطيان إن العراق وافق على صفقة مع الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية لتشييد وتشغيل منشآت لمعالجة الغاز الطبيعي المستخرج، إلى جانب النفط في حقل الحلفاية العملاق.
ويعاني العراق من الهدر للغاز المستخرج بعملية الحرق إلى جانب النفط الخام في حقوله بسبب عدم وجود منشآت لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو التصدير.
وختاما يبقى عنصر المفاجئة ضمـن حـدود المعطيـات التي تهيمن على الساحتين الاقليمية والدوليـة ، خصوصا التقلبات المزاجية للرئيس الأمريكي ، ولا استبعد أن تكون المصالح المشتركة بين إيران وواشنطن سيدة الموقف .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية