يرى اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أن “الله أرسل ترامب لكي يوحدهم” وقالوا إن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قطع الدعم عنهم لم تؤد إلا لتقوية مطالبهم بحق العودة إلى أرض أجدادهم التي اُخرجوا منها عام 1948. وتقول فهيدة حاج، 76 عاما التي تركت فلسطين عندما كان عمرها ستة أعوام ولكنها لم تنس قريتها الواقعة في الجانب الأخر من جنوب لبنان. وتقول حاج “أرى قريتي وأبكي” وتضيف متحدثة لمراسلة مجلة “نيوزويك” شانتال دي سيلفا “كان لدينا أرض واسعة بخضروات وتفاح وخوخ وعنب.. وكل شيء ما أريده هو العودة”. ولم تنس حاج قريتها بعد 71 عاما من خروج عائلتها من فلسطين ووصولها إلى لبنان. وفي مخيم برج البراجنة كبرت حاج وربت أربعة أولاد ولم يتزعزع مع ذلك إيمانها بالعودة إلى وطنها. وتقول دي سيلفا أن فهيدة حاج وغيرها من فلسطينيي برج البراجنة تعزز حلم عودتهم أكثر خلال العام ونصف الماضي بسبب التطورات الأخيرة وفي مركزها دونالد ترامب. وقالت وفا ابنة حاج “أكرهه” وقالت إن “ترامب زعيم ديكتاتوري اضطهدنا” و “لو كان لدي القدرة على قتله لقتلته”.
وتعلق دي سيلفا أن الرئيس الامريكي يعتبر بالنسبة للفلسطينيين عدوا. فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض حرف مسار السياسة الأمريكية من الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليمنح دعمه الكامل لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتطرفة. ويرى الفلسطينيون أن رئاسة ترامب جلبت إليهم الضربة بعد الأخرى، فقراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس التي يطمح الفلسطينيون لتكون عاصمة لهم وهو القرار الذي أدى إلى احتجاجات في غزة. ورغم مقتل أكثر من 100 محتج على السياج الحدودي إلا أن الغضب الفلسطيني زاد بسبب تصريحات الممثلين الأمريكيين الذين حملوا حماس التي تسيطر على القطاع والمنظمات الإسلامية مسؤولية مقتلهم. وفي الوقت نفسه شعر الفلسطينيون في الشتات والمخيمات بالغضب عندما قررت إدارة ترامب قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي المؤسسة الأساسية في الأمم المتحدة المسؤولة عن توفير الدعم للاجئين. وهو قرار ترك مصير ملايين الفلسطينيين في خطر. وفي ذلك الوقت قالت الخارجية إنها لم تعد مستعدة لتحمل عبء تمويل الوكالة الأممية. وترك القرار أثره على اللاجئين في لبنان، خاصة إن غالبية اللاجئين لم يمنحوا الإقامة او جنسية البلد الذي لجأ إليه أباءهم وأجدادهم ويمنعون من العمل في الكثير من الوظائف وباتوا يعتمدون في معيشتهم على مساعدات الأمم المتحدة.
مع أنني أكره ترامب لكنني أرى أن الله أرسل ترامب لتوحيدنا ودفعنا للعمل
ونقلت المجلة عن مفوض الأونروا بيير كرينبول إن قطع الدعم الأمريكي أدى إلى تجميد مستهدف فيما يتعلق بالمساعدة المقدمة للمخيمات إلا أن المساعدات الرئيسية لم تتأثر. وأضاف أن الأونروا تكافح سنويا في توفير الخدمات المطلوبة منها للمخيمات- بما في ذلك التعليم والعناية الصحية والخدمات الإجتماعية. والأثر الذي تركته السياسات الامريكية على اللاجئين في لبنان جعلتهم أكثر فقدانا للأمل. وقال كرينبول “أعتقد أن الأثر القوي كان من خلال زيادة الشعور باليأس لحياة الناس الذين لا شيء لديهم”. وقال “بعد اتفاقية أوسلو التي كان من المفترض أن تضع الأسس لنهاية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني قيل للاجئين: لو آمنتم بهذه العملية ولو أمنوا بالمفاوضات فسيتم العثور على حل ينهي معاناتهم”. ويضيف “في الوقت الحالي كل هذا يبدو بعيدا المنال الآن”. وبالنسبة للحاج وعائلتها فقد كان العام الماضي مؤلما، فقد ماتت إحدى بنات فهدة ولم تكن تتجاوز الـ 42 عاما لأن عائلتها لم تستطع توفير علاج لها وعملية جراحية ضرورية. وتقول وفا إن وفاة شقيقتها لم تكن لتحدث لو توفر الدعم المالي للأنروا ولم يقرر ترامب وقف ملايين الدولارات دعما للوكالة الأممية. وقالت “احتاجت شقيقتي متابعة علاجية ولكننا لم نستطع عمل هذا ولهذا ماتت”. و “لو توفر العلاج لظلت على قيد الحياة”. وقالت إن ترامب هو زعيم ديكتاتوري و”كل ما يهمه هو السيطرة على الدول العربية. وكل ما يهمه هي حماية إسرائيل” و “كل ما يراه هو المال ويريد أمن إسرائيل لأنه يحصل على مال أكثر. وهو يريد النفط والوقود والمال ولا يهمه أي شيء آخر”. وبالمقابل ترى وفا إن تصرفات الرئيس الأمريكي لم تزد إلا تصميم الجيل الجديد الذي يريد القتال واستعادة الأرض. وتضيف “مع أنني أكرهه لكنني أرى أن الله أرسل ترامب لتوحيدنا ودفعنا” للعمل. وأضافت “لان ترامب أحمق فقد تركه الله كذلك وقاده لاتخاذ هذه القرارات” و “في كل مرة يهدأ الفلسطينيون يرسل الله لهم من يجعلهم يتحركون”. و “يعتقدون أن الكبار سيموتون والجيل الجديد سينسى فلسطين، ولكن الجيل الجديد يتذكر أكثر وأكثر من أي وقت مضى”. وتضيف “كلما وضعت الضغط علينا ويقولون إنها ليست أرضنا كلما زاد حماسنا للعودة إليها”. وتضيف الكاتبة إن سكان المخيم يشتركون مع وفاء. ويرى وسيم عطعوط، 21 عاما ويعمل في قهوة عمه أنه من المفترض أن تكون الأونروا مسؤولة عن المخيمات ولكنها لا تفعل أي شيء للفلسطينيين “فلا وظائف ولو أراد الواحد الزواج فلا يستطيع ويكافح الناس هنا للعثور على ما يأكلونه”. و “بالنسبة لي، أشعر أن ترامب هو لص” و “ترامب هو عدونا وكعدو يقوم بعصرنا ماليا وحرماننا من الحد الادنى” “سرقوا أرضنا والآن قطع عنا المساعدة المالية”. ويقول إن ترامب يلتهم، خطوة خطوة حقوق الفلسطينيين وحشرهم في الزاوية لكي يدمرهم، مضيفا إن ترامب “يمكن أن يضر بنا ولكنه لا يستطيع تدميرنا”. وقال “حق العودة هو أمر مهم، أنا فلسطيني رغم أنني مولود في لبنان. هويتي هي فلسطينية وحقي في العودة هو الحق الأكيد”.
ترامب لص وعدونا ويقوم بعصرنا ماليا وحرماننا من الحد الادنى .. لقد “سرقوا أرضنا والآن قطع عنا المساعدة المالية”
وتقول دي سيلفا إن حق عودة الممتلكات الفلسطينية التي أجبر الفلسطينيون على تركها وراءهم مجمع به بين الجيل الأول من اللاجئين وكذا أحفادهم. وتعلق أن إسرائيل لا تعترف بهذا الحق بناء على خوف من حرف الميزان الديمغرافي وتغيير طابع الدولة اليهودي. وقال عطعوط إنه سيقاتل لو منح الفرصة للقتال من أجل ذلك الحق “طبعا سأفعل ولست وحدي بل الجميع يشعرون بهذه الطريقة”. ولكنه مع ذلك يفضل عودة سلمية ولو طلب شيئا من قادة العالم لطلب منهم “الرحمة بالفلسطينيين” ونفس الأمر ينسحب على ترامب. لكن الرحمة من ترامب ليست متوقعة ولن تأتي بناء على الخطة التي طلب من صهره جارد كوشنر إعدادها مع المبعوث الدولي جيسون غرينبلات. ولم يكشف عن الخطة إلا القليل ويتوقع الإعلان عنها في الشهر المقبل. ووصفها وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأنها لن تكون إلا “ختم موافقة على سياسات إسرائيل الإستعمارية”. وقال إن إسرائيل تسيطر على الضفة الغربية وتوسع المستوطنات ضمن خطة “اقصى حد من الاراضي بأقل عدد من الفلسطينيين”. ويشعر سكان مخيم شاتيلا الذي يبعد أميالا عن برج البراجنة بحس فقدان الأمل. ففي هذا المخيم المزدحم الذي لا يزال يحمل ذكريات المجزرة التي قتل فيها مئات الفلسطينيين عام 1982 يرى الكثير من سكانه أن حق العودة قد لا يتم الوفاء به. وتقول أمل العكر، 53 عاما وأم لسبعة أولاد، خسرت واحدا منهم بسب المخدرات وأخر مات نتيجة لتعقيدات بعد إصابته بجروح، إن الوضع في المخيم خطر فالأسلاك الكهربائية معلقة بشكل خطير والشوارع مليئة بالقاذورات. وتقول العكر “الوضع لم يكن أسوأ مما نحن فيه”. ولا تزال أمل تحمل معها آثار جراح الحرب في الثماننيات حيث فقدت عينها. ولم تستطع استبدالها بعين صناعية بسبب قلة المال. وتقول إن الكثير من العائلات في المخيم تكافح للحصول على العناية الصحية، مضيفة إلى أن المخيم ينتشر فيه العنف وتعاطي المخدرات. وقالت إن الكثير من العائلات تعرضت بيوتها للإحتراق بسبب تماس الأسلاك الكهربائية. وتعرض بيت أحد ابنائها للاحتراق وتركه هو أولاده بدون مأوى.
القدس العربي